يعرف موجب للتغيير عن الأصل والأصل وعدمه (قوله واختار القاضي عبد الوهاب والإمام جواز استثناء الأكثر إلخ) توسع الأصوليون في البحث عن سر اللغة ولاشك أن هذه المسألة جديرة بالاعتبار لأن أصل الاستثناء إخراج لما أسرع المتكلم بإدخاله لذهول أو تقليل بتنزيله منزلة ما يغفل عنه ويذهل فيجب أن يكون المخرج مما شانه أن يذهل عنه فلا يكون جميع المستثنى منه للزوم العبث إلا في مقام التمليح بتهكم أو سخرية نحو فاز فلان بألف إلا ألفاً تعريضاً بإخفاقه كما جاء نظيره في قول الشاعر
إذا اقتسم الهوى أعشار قلبي ... فسهماك المعلى والرقيب
ولا جلة (بضم الميم) أو مساوية لبطلان الذهول وإدعائه وقد أشرنا إلى شيء من هذا في الفصل الخامس من الباب السادس. فقوله تعالى {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ} جار على طريقة إلغاء المتكلم للأمر الذي هو على خلاف ما يرجوه لأن مساق الآية في أمر سيكون في المستقبل وشأن المتكلم بذلك أن يؤمل أنه لا يكون إلا على حسب ما يرجوه مع قطع النظر عن احتمال حصوله في الخارج على خلاف ما يرجوه فتكون في الاستثناء إذاً إشارة إلى أن الغاوين لا يحب الله منهم غوايتهم ولذلك فرضت قلتهم ويصير الاستثناء على هذا التقدير استعارة تمثيلية لأن هذا الكلام يمثل حال من يتكلم بحسب تقديره وأمله وإن كان قد يصادف أن يكون على خلاف ذلك. أما البحث في مدلولات عقود الناس وإقراراتهم فهذا يجب النظر فيه إلى مدلولات الألفاظ باعتبار ما تقتضيه فيجب الاعتداد باستثناء الأكثر والكل أيضاً