أين أخذ من نسب إليه عكسه ولعلهم لم ينظروا إلا لإجراء أحكام الجنايات والإتلاف وما يتعلق بالمسلمين فراراً من إطلاقهم وشأنهم ففرضوها مسألة عامة وقد احتج مثبتو خطابهم بالفروع بأدلة كثيرة لا تفيد حجة من ظواهر الآيات مثل قالوا لم نك من المصلين الذي المراد منه لم نك من أهل هذا الشأن أو أرادا جعل جميع الصفات سبباً الذي منه وكنا نكذب بيوم الدين وإلا للزم أن من لا يطعم المسكين يكون في سقر مخلداً. ومثل أهلكناهم بذنوبهم المراد منه ذنوب الكفر والفساد في الأرض. ومثل وطعامكم حل لهم المقصود منه المشاكلة والإخبار عن أصل شرائعهم. نعم قد يشهد لهؤلاء في بادي الرأي قليل من آثار صحيحة وردت في اعتبار نفع دنيوي أو ضرر أخروي على أفعال من الكفار مثل حديث عدي بن حاتم أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيه حاتم فيما صنع من الخير في الجاهلية أنه يخفف به عنه من العذاب ومثل حديث الحميرية التي تعذب لأجل هرة حبستها ونظير ذلك. وأما قوله للذي سأله عن أشياء كان يتحنث بها في الجاهلية" أسلمت على ما أسلمت عليه من خير أو شر" وكذلك قوله لعمر رضي الله عنه في حديث البخاري لما سأله أني ندرت في الجاهلية أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال له "أوف بنذرك" فذلك لأن الإسلام يأتي على الأعمال فيجب سيئها ويقرر حسنها لأن خير الأعمال لا يزيده الإسلام إلا ثبوتاً إذا الإسلام إنما جاء بطلب مثل ذلك من الناس. والجواب الإجمالي عن هذا كله أن أصول فعل الخير والشر قد أعلنت الشرائع أحكامها منذ النشأة حتى تقرر