دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. وحديث وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تسألوا عنها (قوله أحدهما أن الدال على المركب دال على أجزائه الخ) اشتمل هذا المدرك على قياسين أما الأول فمقدمتاه مذكورتان وهو من الشكل الرابع لأن قوله والوجوب مركب معناه والوجوب دال على الأمرين وهو مسلم وأما القياس الثاني فهو من الشكل الأول وصغراه مطوية تقديرها النسخ رفع أحد الجزءين وهذه الصغرى ممنوعة لأن النسخ للوجوب رفع لمسماه وقد اعترف في القياس الأول أن مسماه جواز الإقدام والمنع من الترك فإذاً يكون النسخ رفعاً لهما معاً بلا شك وذلك يقتضي الحرمة لأنها هي التي يصدق عليها عدم جواز الإقدام وعدم المنع من الترك فإذاً يكون دليلاً لذلك البعض وظاهراً كلام المصنف أنه مدرك للفريقين لأنه سماه مدركاً لأصل المسألة وصرح بذلك في المدرك الثاني فتدبر.
لا غاية لهاته المسألة في الأصول وإنما هي مسألة كلامية جرها الالتزام في مقام المناظرة فإن الأشعري رحمه الله لما نفى قدرة العبد على إيجاد أفعاله أورد عليه المعتزلة أن ذلك يقتضي أن الله يقول افعل يا من لا فعل له وذلك ليس في طوقه فرأى الأشعري أن التزام ذلك أولى من هدم الأصل الذي قامت عليه الأدلة وهم يقسمون المحال إلى محال لذاته