بعد نقلت كل قبيلة لغتها للأخرى ويلحق بهذا المعرب. ثانيها شهرة المجاز ومنه استعمال الحرف في معنى حرف آخر. ثالثها التلطف للتفاؤل ونحوه كقولهم الجون للأبيض والأسود وللأعمى بصير وللملدوغ سليم والظاهر أن من أنكره غفل عن هذا فيوشك أن يكون الخلاف لفظياً فالاشتراك يعرض بعد الاستعمال لا من أصل الوضع ولما كان بحث الأصولي عن وقوعه في الاستعمال فلا حاجة به إلى الغوص في أعماق الوضع. وأما استعماله فلا شك أن استعمال كل لفظ يكون على حسب الوضع وإنما المراد أنه هل يصح أن يستعمل المتكلم مريداً به جميع مسمياته أو صبره منها وهل إذا صح ذلك وورد لفظ مشترك بدون قرينة مبينة يحمل على إرادة الجميع أم إرادة واحدة ونقل المصنف عن مالك رحمه الله أنه يقول بجواز ذلك فلعله مأخوذ من فروع مذهبه إذ لم يعهد من مثله التكلم في مسائل الجواز فإن كان في الكلام ما يعين المراد مثل التكرير بقدر الموضوع له صح ولا إجمال. ودون ذلك الإتيان بصيغة المثنى والجمع لأن الجمع خصوصاً يؤذن بإرادة جميع المعاني فإن انضمت القرينة فأجدر بالجواز مثل قول الحرير.
جاد بالعين حين أعمى هواه ... عينه فانثنى بلا عينين
لأن تقديم ذكر لفظ العين في معنيين دل على المراد من التثنية. وأما حكم حمله عند السامع فأما المشترك إذا ورد غير ظاهر المراد منه بأن كان مفرداً منكراً أو مثنى ومعانيه أكثر من اثنين وهي وإن كانت مبنية على مسألة جواز الاستعمال إلا أن معنى الحمل بيان مقدار ما أراده المستعمل من جميع المعاني أو بعضها فالحمل إذاً أخص من الاستعمال ولا يجوزان