وهذا النوع جدير بأن يسمى رخصة العلة لأنه رخصة بالنظر إلى العلة لا إلى الحكم) وقد تطلق على ما وضع عن الأمة من الحرج وعليه يحمل حديث أن الله يحب أن يؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه وقد تطلق عليه الصوفية على ما كان من المشروعات توسعة على العباد لأنهم ملك لله فإذا اباح لهم شيئاً أو وهب لهم حظاً ينالونه فقد ترخص عليهم انتهى حاصل كلامه وبه يتبين أن تعريف الإمام الرخصة في المحصول بقوله "جواز الإقدام مع قيام المانع من الفعل" ينطبق على مراد المحققين من الرخصة بدون تسامح ولا تأويل فإن كلمة جواز تؤذن بسبق المنع وأيد ذلك قوله "مع قيام المانع" أي مع عدم نسخ النص المانع منه احترازاً عن النسخ فإن أريد تخريجه على ما يشمل رخصة العلة فسر المانع بما يشمل القياس وقصد الشريعة. والمص افسد تعريف الإمام بشبهتين أولاهما أخذه الجواز في تعريفه بما يرادف الإذن والتشريع. وثانيتهما الذهول عن مراد الإمام رحمه الله من المانع فبالأولى أورد على منعه دخول الصلوات الخمس. وبالثانية أورد عليه أيضاً تأييداً للأولى أن المانع موجود في الأحكام كلها وهو نوعان شرعي وهو ما تقرر من نفي الحرج - والظاهر أنه سوى هنا بين المشقة والحرج مع تصريحه بالفرق بينهما في الفرق الثاني عشر من - وعقلي وهو منافاة الطباع فلذلك رأى أن يقيد المانع بالاشتهار لئلا يشمل من نفور الطباع إلا ما شاع في جميع النفوس وكان نفوراً شديداً. وعن هذا أيضاً نشأ له الاستدراك الذي أفسد به حده الواقع في المتن لما لاحت له أشياء من الرخصة بالمعنى الثاني وجدها في إطلاقات بعض الفقهاء والآثار وبهذا يظهر منع قوله "فما في الشريعة حكم إلا وهو مع المانع الشرعي الخ"