(وَإِنَّمَا يُقْرِضُ مَا يُسْلِمُ فِيهِ) مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ مَوْصُوفًا لِصِحَّةِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ مَا لَا يُسْلَمُ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَنْضَبِطُ أَوْ يَنْدُرُ وُجُودُهُ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ رَدُّ مِثْلِهِ نَعَمْ يَجُوزُ إقْرَاضُ نِصْفِ عَقَارٍ فَأَقَلَّ وَإِقْرَاضُ الْخُبْزِ وَزْنًا لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَفِي الْكَافِي يَجُوزُ عَدَدًا (إلَّا أَمَةً تَحِلُّ لِمُقْتَرِضٍ) فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا لَهُ وَلَوْ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ وَإِنْ جَازَ السَّلَمُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ يَثْبُتُ فِيهِ الرَّدُّ وَالِاسْتِرْدَادُ وَرُبَّمَا يَطَؤُهَا الْمُقْتَرِضُ ثُمَّ يَرُدُّهَا فَيُشْبِهُ إعَارَةَ الْإِمَاءِ لِلْوَطْءِ بِخِلَافِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لِمَحْرَمِيَّةٍ أَوْ تَمَجُّسٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَصِحُّ اقْتِرَاضُ الْوَلِيِّ لِمُوَلِّيهِ؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْمُعَامَلَةِ فِي مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ (قَوْلُهُ: مَا يُسْلِمُ فِيهِ) أَيْ فِي نَوْعِهِ وَإِلَّا فَالْمُعَيَّنُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ ابْنُ حَجَرٍ أَيْ فَلَا يَرِدُ الْمُعَيَّنُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَاضُهُ لَا السَّلَمُ فِيهِ لَكِنْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي نَوْعِهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَقَوْلُهُ: مُعَيَّنًا كَانَ إلَخْ تَعْمِيمٌ فِي الْمُقْرِضِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَاضُ الدَّابَّةِ الْحَامِلِ لِعَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهَا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ مَوْصُوفًا) أَيْ إنْ قَبَضَهُ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ وَلَوْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ شَرْحُ م ر وَمِثْلُهُ سم شَوْبَرِيٌّ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ فَيَصِحُّ قَبْضُهُ وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَيْضًا وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَمَّا كَانَ أَقْوَى مِمَّا فِي الذِّمَّةِ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْقَبْضُ حَالًّا (قَوْلُهُ: لِصِحَّةِ ثُبُوتِهِ) أَيْ مَا يُسْلَمُ فِيهِ ح ل (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَا لَا يَنْضَبِطُ) وَمِنْ ذَلِكَ قَرْضُ الْفِضَّةِ الْمَقَاصِيصِ فَلَا يَصِحُّ قَرْضُهَا لِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ فِيهَا أَنْ يُقْرِضَهَا وَزْنًا وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ صِحَّةِ قَرْضِهَا مُطْلَقًا وَزْنًا أَوْ غَيْرَهُ لِتَفَاوُتِهَا فِي نَفْسِهَا كِبَرًا وَصِغَرًا وَإِنْ وُزِنَتْ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ خَالَفَا وَفَعَلَا وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخِذِ إنَّهَا تُسَاوِي كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْجَيِّدَةِ فَيَدْفَعُهَا ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهُ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَجُوزُ إقْرَاضُ نِصْفِ عَقَارٍ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَفْهُومِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي نِصْفِ الْعَقَارِ فَمَا دُونَهُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ عِزَّةُ الْوُجُودِ ع ش وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ نِصْفِ عَقَارٍ إقْرَاضُ ثُلُثَيْ عَقَارٍ أَوْ كُلِّهِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ ثُلُثَيْ الْعَقَارِ أَوْ كُلَّهُ لَا يُوجَدُ لَهُ مِثْلٌ فِي الصُّورَةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ نَظِيرٌ مِنْ عَقَارٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُرَدُّ إنَّمَا هُوَ الْمِثْلُ الصُّورِيُّ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ نِصْفِ الْعَقَارِ فَإِنَّ لَهُ مِثْلًا فِي الصُّورَةِ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ وَهُوَ النِّصْفُ الْآخَرُ، وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ قَرْضِ ثُلُثَيْ الْعَقَارِ أَوْ كُلِّهِ وَيَسْتَبْدِلُ عَنْهُ مِنْ عَقَارٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْدَالَ فِيهِ جَائِزٌ بِخِلَافِ السَّلَمِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُقْرِضَ قَدْ لَا يَرْضَى بِالِاسْتِبْدَالِ فَيَتَعَذَّرُ رَدُّ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: نِصْفِ عَقَارٍ) أَيْ شَائِعًا بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ قَرْضُهُ ع ن وَلَوْ كَانَ الْمُعَيَّنُ عَقَارًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ كَمَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ إقْرَاضُ نِصْفِ الْعَقَارِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الثَّانِيَ قَدْ لَا يَكُونُ مِثْلَ الْأَوَّلِ فَلَا يَرْضَى بِهِ الْمُقْرِضُ (قَوْلُهُ: وَإِقْرَاضُ الْخُبْزِ وَزْنًا) اعْتَمَدَهُ ز ي وم ر مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ فَالْأَوْلَى وَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْمَفْهُومِ وَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْعَجِينِ وَلَوْ خَمِيرًا حَامِضًا وَزْنًا لِمَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ: وَفِي الْكَافِي اعْتَمَدَهُ طب وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ فَالْوَجْهُ اعْتِبَارُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ كَمَا قَالَهُ ق ل وَضَعَّفَهُ ع ش وَالْمُرَادُ الْخُبْزُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ كَمَا فِي ع ش
وَقَوْلُهُ يَجُوزُ عَدَدًا وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ رَدَّهُ عَدَدًا لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ لِمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْضُ مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَزْنًا بِالْكَيْلِ وَلَا عَكْسُهُ فَيَجِبُ رَدُّهُ لِدَافِعِهِ إنْ بَقِيَ وَقِيمَتُهُ إنْ تَلِفَ وَيَسْتَرِدُّ بَدَلَ مَا أَقْرَضَهُ وَزْنًا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: إلَّا أَمَةً تَحِلُّ لِلْمُقْتَرِضِ) وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا جِدًّا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَبَقَّى عِنْدَهُ إلَى بُلُوغِهِ زَمَنًا يُمْكِنُهُ التَّمَتُّعُ بِهَا فِيهِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا) أَيْ كُلُّهَا وَيَجُوزُ فِي بَعْضِهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ ق ل (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ) وَبِهِ فَارَقَ جَوَازَ هِبَةِ الْجَارِيَةِ لِوَلَدِهِ مَعَ جَوَازِ اسْتِرْجَاعِهِ لَهَا بَعْدَ وَطْءِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ التَّمْلِيكِ أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفَارَقَ مَا لَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ جَارِيَةً فَلَهُ رَدُّهَا عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَإِنْ وَطِئَهَا حَيْثُ كَانَتْ بِالصِّفَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ س ل بِإِيضَاحٍ (قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا يَطَؤُهَا) الْوَطْءُ لَيْسَ قَيْدًا وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ قَرْضِ نَحْوِ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ سِيَّمَا لِنَحْوِ مَمْسُوحٍ، وَالْمُعْتَمَدُ امْتِنَاعُهُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ خَوْفُ التَّمَتُّعِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فَتَعْبِيرُهُمْ بِخَوْفِ الْوَطْءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ كَمَا ذَكَرَهُ ح ل وَلَوْ قَالَ: لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَتَمَتَّعُ بِهَا لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا ذُكِرَ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَطَؤُهَا أَيْ أَوْ يَتَمَتَّعُ بِهَا فَيَدْخُلُ الْمَمْسُوحُ لِإِمْكَانِ تَمَتُّعِهِ بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ تَمَجُّسٍ) فَلَوْ أَسْلَمَتْ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ وَانْظُرْ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ هَلْ يَجُوزُ الْوَطْءُ حِينَئِذٍ لِزَوَالِ الْمَانِعِ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ الرَّدِّ فَيَأْتِي الْمَحْذُورُ قَالَ الشَّيْخُ