(غَسْلُ رِجْلَيْهِ بِكُلِّ كَعْبٍ) مِنْ كُلِّ رِجْلٍ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا كَعْبَانِ وَهُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عِنْدَ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ قُرِئَ فِي السَّبْعِ {أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65] بِالنَّصْبِ وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْوُجُوهِ لَفْظًا فِي الْأَوَّلِ وَمَعْنًى فِي الثَّانِي لِجَرِّهِ عَلَى الْجِوَارِ وَفُصِلَ بَيْنَ الْمَعْطُوفِينَ إشَارَةً إلَى التَّرْتِيبِ بِتَقْدِيمِ مَسْحِ الرَّأْسِ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَيَجِبُ غَسْلُ مَا عَلَيْهِمَا مِنْ شَعْرٍ وَغَيْرِهِ وَغَسْلُهُمَا هُوَ الْأَصْلُ وَسَيَأْتِي جَوَازُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ بَدَلَهُ وَالْمُرَادُ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ انْغِسَالُهَا وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِانْغِسَالِ مُلَاقِيهَا مَعَهَا.
(وَ) سَادِسُهَا (تَرْتِيبُهُ هَكَذَا) أَيْ: كَمَا ذُكِرَ مِنْ الْبُدَاءَةِ بِالْوَجْهِ ثُمَّ الْيَدَيْنِ، ثُمَّ الرَّأْسِ، ثُمَّ الرِّجْلَيْنِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مَعَ خَبَرِ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ «أَبْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» (وَلَوْ انْغَمَسَ مُحْدِثٌ) بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْت مُرَادُهُ بِهِ أَنَّهُ مُحَصِّلٌ لِمَقْصُودِ الْمَسْحِ مِنْ وُصُولِ الْبَلَلِ لِلرَّأْسِ لَا أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ مَسْحٌ وَغَسْلٌ فَسَقَطَ مَا قَدْ يُقَالُ الْمَسْحُ ضِدُّ الْغُسْلِ فَكَيْفَ يُحَصِّلُهُ مَعَ زِيَادَةٍ اهـ.
ابْنُ حَجَرٍ بِالْمَعْنَى.
. (قَوْلُهُ: مَفْصِلِ السَّاقِ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ الْمَفْصِلُ بِوَزْنِ الْمَجْلِسُ وَاحِدُ مَفَاصِلِ الْأَعْضَاءِ وَالْمِفْصَلُ بِوَزْنِ الْمِبْضَعُ اللِّسَانُ اهـ. وَالسَّاقُ بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ مَا بَيْنَ الْقَدَمِ وَالرُّكْبَةِ وَهُوَ مُؤَنَّثٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُجْمَعُ عَلَى أَسْوُقٍ وَسِيقَانٍ وَسُوقٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِسَوْقِهَا لِلْجَسَدِ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] لَمْ يَقُلْ إلَى الْكُعُوبِ كَمَا قَالَ فِي الْأَيْدِي إلَى الْمَرَافِقِ لِأَنَّ كُلَّ رِجْلٍ فِيهَا كَعْبَانِ وَجَمَعَ الْمَرَافِقَ لِأَنَّ كُلَّ يَدٍ فِيهَا مَرْفِقٌ وَمُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ تَقْتَضِي الْقِسْمَةَ آحَادًا فَلَوْ جَمَعَ الْكَعْبَ لَأَوْهَمَ الْقِسْمَةَ آحَادًا فَتَقْتَضِي وُجُوبَ غَسْلِ كَعْبٍ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ رِجْلٍ فَإِنْ قِيلَ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا غَسْلُ يَدٍ وَاحِدَةٍ وَرِجْلٍ وَاحِدَةٍ قُلْنَا صَدَّنَا عَنْهُ فِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ م ر بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى فِي الثَّانِي) اُنْظُرْ وَجْهَ كَوْنِ الْعَطْفِ مَعْنَوِيًّا مَعَ عَطْفِهِ عَلَى الْأَوَّلِ لَفْظًا أَيْضًا وَالْعَامِلُ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمَحَلَّ اشْتَغَلَ بِحَرَكَةِ الْجِوَارِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَيَجُوزُ عَطْفُ قِرَاءَةِ الْجَرِّ عَلَى الرُّءُوسِ وَيُحْمَلُ الْمَسْحُ عَلَى مَسْحِ الْخُفِّ، أَوْ عَلَى الْغَسْلِ الْخَفِيفِ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ مَسْحًا وَعَبَّرَ بِهِ فِي الْأَرْجُلِ طَلَبًا لِلِاقْتِصَادِ أَيْ التَّوَسُّطِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْإِسْرَافِ لِغَسْلِهَا بِالصَّبِّ عَلَيْهَا وَتُجْعَلُ الْبَاءُ الْمُقَدَّرَةُ عَلَى هَذَا لِلْإِلْصَاقِ وَالْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ شَرْحُ مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ لِلشَّارِحِ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ: اُنْظُرْ وَجْهَ إلَخْ، أَقُولُ لَا تَنْظِيرَ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَفْظًا فِي الْأَوَّلِ أَيْ وَمَعْنًى وَقَوْلُهُ: وَمَعْنًى فِي الثَّانِي أَيْ وَلَفْظًا إلَّا أَنَّ الْحَرَكَةَ فِيهِ مُقَدَّرَةٌ فَحُذِفَ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي وَبِالْعَكْسِ وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالِاحْتِبَاكِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمَرْحُومِيِّ وأج وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْمَعْنَى التَّقْدِيرُ. (قَوْلُهُ: لِجَرِّهِ عَلَى الْجِوَارِ) نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ شَرْطَ الْجَرِّ عَلَى الْجِوَارِ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى الْمَجْرُورِ حَرْفُ عَطْفٍ ع ش وَالْجِوَارُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ غَسْلُ مَا عَلَيْهِمَا) . (فَرْعٌ)
لَوْ دَخَلَتْ شَوْكَةٌ فِي أُصْبُعِهِ مَثَلًا وَصَارَ رَأْسُهَا ظَاهِرًا غَيْرَ مَسْتُورٍ فَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ قُلِعَتْ بَقِيَ مَوْضِعُهَا مُجَوَّفًا وَجَبَ قَلْعُهَا وَلَا يَصِحُّ غَسْلُ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ مَعَ بَقَائِهَا وَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ قُلِعَتْ لَا يَبْقَى مَوْضِعُهَا مُجَوَّفًا، بَلْ يَلْتَحِمُ وَيَنْطَبِقُ لَمْ يَجِبْ قَلْعُهَا وَصَحَّ غَسْلُ الْيَدَيْنِ مَثَلًا م ر، لَكِنْ رَجَّحَ شَيْخُنَا وُجُوبَ الْقَلْعِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا غَوْرٌ فِي اللَّحْمِ أَمْ لَا تَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: انْغِسَالُهَا) أَيْ وَلَوْ بِغُسْلِ غَيْرِهِ لَهَا بِلَا إذْنِهِ، أَوْ سُقُوطِهِ فِي نَحْوِ نَهْرٍ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلنِّيَّةِ فِيهِمَا بِخِلَافِ مَا وَقَعَ بِفِعْلِهِ كَتَعَرُّضِهِ لِلْمَطَرِ وَمَشْيِهِ فِي الْمَاءِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ إمَّا فِعْلُهُ سَوَاءٌ تَذَكَّرَ النِّيَّةَ، أَوْ لَا، أَوْ تَذَكَّرَ النِّيَّةَ عِنْدَ عَدَمِ فِعْلِهِ اهـ.
ح ل وزي. (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِانْغِسَالِ مُلَاقِيهَا مَعَهَا) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ وَمِنْ تَحْتِ الْحَنَكِ وَمِنْ الْأُذُنَيْنِ وَجُزْءٍ مِنْ فَوْقِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذْ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ غَسْلُهُ تَيَمَّمَ لِأَجْلِهِ م ر بِرْمَاوِيٌّ بِاخْتِصَارٍ. (فَائِدَةٌ)
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ شُرِعَ الِاسْتِنْجَاءُ لِوَطْءِ الْحُورِ الْعَيْنِ وَغَسْلُ الْكَفَّيْنِ لِلْأَكْلِ مِنْ مَوَائِدِ الْجَنَّةِ وَالْمَضْمَضَةُ لِكَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالِاسْتِنْشَاقُ لِرَوَائِحِ الْجَنَّةِ وَغَسْلُ الْوَجْهِ لِلنَّظَرِ إلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَغَسْلُ الْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ لِلسِّوَارِ وَمَسْحُ الرَّأْسِ لِلتَّاجِ وَالْإِكْلِيلِ وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ لِسَمَاعِ كَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ لِلْمَشْيِ فِي الْجَنَّةِ اهـ. .
. قَوْلُهُ: «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» أَيْ بُدَاءَةً حَقِيقِيَّةً، أَوْ نِسْبِيَّةً فَيَشْمَلُ تَقْدِيمَ الثَّانِي عَلَى الثَّالِثِ وَالثَّالِثِ عَلَى الرَّابِعِ فَيَكُونُ الْحَدِيثُ دَالًّا عَلَى التَّرْتِيبِ فِي جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْغَمَسَ مُحْدِثٌ) وَلَوْ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَيُوقِعُ النِّيَّةَ عِنْدَ مُمَاسَّةِ الْمَاءِ