يَدْعُو عَلَى قَاتِلِي أَصْحَابِهِ الْقُرَّاءِ بِبِئْرِ مَعُونَةَ» وَيُقَاسُ بِالْعَدُوِّ غَيْرُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَزَادَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ قَبْلَ تَبَارَكْتَ: وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَقَدْ جَاءَتْ فِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ وَالتَّصْرِيحُ بِكَوْنِ قُنُوتِ النَّازِلَةِ فِي اعْتِدَالِ آخِرَةٍ صَلَاتُهَا مِنْ زِيَادَتِي وَفِي قَوْلِي آخِرَةٌ تَغْلِيبٌ بِالنِّسْبَةِ لِآخِرَةِ الْوِتْرِ لِأَنَّهُ قَدْ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ فَلَا تَكُونُ آخِرَتَهُ. (وَ) أَنْ يَأْتِيَ بِهِ. (إمَامٌ بِلَفْظِ جَمْعٍ) فَيَقُولُ اهْدِنَا وَهَكَذَا لِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَاهُ كَذَلِكَ فَحُمِلَ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَّلَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ تَخْصِيصُ نَفْسِهِ بِالدُّعَاءِ لِخَبَرِ «لَا يَؤُمُّ عَبْدٌ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ لَخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ يَقُولُ اللَّهُمَّ نَقِّنِي اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ الذُّنُوبِ» الدُّعَاءَ الْمَعْرُوفَ.
(وَ) أَنْ. (يَزِيدَ) فِيهِ. (مَنْ مَرَّ) أَيْ: الْمُنْفَرِدُ وَإِمَامُ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ وَالتَّقْيِيدُ بِمَنْ مَرَّ مِنْ زِيَادَتِي وَتَرْكِي لِلتَّقْيِيدِ بِقُنُوتِ الْوِتْرِ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِهِ. (اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ إلَى آخِرِهِ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ «وَنَسْتَهْدِيكَ وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ وَنُثْنِي عَلَيْكَ الْخَيْرَ كُلَّهُ نَشْكُرُكَ وَلَا نَكْفُرُكَ وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يُفْجِرُكَ اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ أَيْ: نُسْرِعُ نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى عَذَابَكَ إنَّ عَذَابَكَ الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِنَحْوِهِ عَنْ فِعْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَلَمَّا كَانَ قُنُوتُ الصُّبْحِ ثَابِتًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَخِيرَةِ يَدْعُو إلَخْ م ر ع ش. (قَوْلُهُ: يَدْعُو) أَيْ: بِدَفْعِ كَيْدِهِمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا بِالنَّظَرِ لِلْمَقْتُولِينَ لِانْقِضَاءِ أَمْرِهِمْ وَعَدَمِ إمْكَانِ تَدَارُكِهِمْ شَرْحُ م ر بِتَغْيِيرٍ وَلَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ الدُّعَاءَ بِهَلَاكِهِمْ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَيْفَ دَعَا عَلَيْهِمْ شَهْرًا وَلَمْ يُسْتَجَبْ لَهُ؟ ح ف وَيُرَدُّ بِأَنَّ عَدَمَ إجَابَتِهِ سَرِيعًا لَا يُخِلُّ بِمَقَامِهِ وَهَلْ دُعَاؤُهُ عَلَيْهِمْ كَانَ بَعْدَ الْقُنُوتِ أَوْ هُوَ الْقُنُوتُ وَاسْتَظْهَرَ السُّيُوطِيّ الثَّانِيَ.
(قَوْلُهُ: الْقُرَّاءِ) أَيْ: الَّذِينَ كَانُوا يَحْفَظُونَ الْقُرْآنَ وَكَانُوا سَبْعِينَ وَلَا يُنَافِيهِ مَا اُشْتُهِرَ أَنَّ الَّذِينَ جَمَعُوا الْقُرْآنَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ نَحْوُ عَشْرَةٍ لِحَمْلِهِ عَلَى جَمْعِهِمْ لَهُ بِأَوْجُهِ الْقِرَاءَاتِ وَالسَّبْعُونَ كَانُوا يَحْفَظُونَهُ بِدُونِ أَوْجُهِ الْقِرَاءَاتِ مَدَابِغِيٌّ، وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ الْعَشَرَةَ فَقَالَ:
لَقَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي عَهْدِ أَحْمَدَ ... عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتِ
أُبَيٌّ أَبُو زَيْدٍ مُعَاذٌ وَخَالِدٌ ... تَمِيمٌ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَابْنُ الصَّامِتِ
(قَوْلُهُ: بِبِئْرِ مَعُونَةَ) أَيْ: وَأَلْقَوْهُمْ بِبِئْرِ مَعُونَةَ أَيْ: فِيهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَهْلُ السِّيَرِ وَهُوَ اسْمُ مَكَان بَيْنَ مَكَّةَ وَعُسْفَانَ. قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ: وَقِيلَ اسْمٌ لِبِئْرٍ فِيهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي السِّيَرِ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ خَانَهُمْ) أَيْ: انْتَقَصَ ثَوَابُهُمْ بِتَفْوِيتِهِ مَا طَلَبَ لَهُمْ فَكُرِهَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: مِنْ هَذَا) أَيْ: مِنْ كَرَاهَةِ التَّخْصِيصِ شَوْبَرِيٌّ وَالتَّذْكِيرُ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا أَيْ: الْكَرَاهَةَ حُكْمٌ مِنْ الْأَحْكَامِ. (قَوْلُهُ: كَانَ إذَا كَبَّرَ) أَيْ: لِلْإِحْرَامِ ع ش فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ فِي دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ أَدْعِيَتِهِ. (قَوْلُهُ: الدُّعَاءَ الْمَعْرُوفَ) وَهُوَ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ. وَوَرَدَ أَيْضًا أَنَّهُ «كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» وَفِي رِوَايَةٍ «بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَتَرْكِي لِلتَّقْيِيدِ) أَيْ: تَقْيِيدِ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ إلَخْ بِهِ أَيْ: بِقُنُوتِ الْوَتْرِ فَتَرْكُ التَّقْيِيدِ يُفِيدُ طَلَبَ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُنُوتِ بِأَقْسَامِهِ وَالتَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ النَّفْلِ. (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ إلَخْ) أَيْ: نَطْلُبُ الْعَوْنَ وَالْمَغْفِرَةَ وَالْهِدَايَةَ؛ لِأَنَّ السِّينَ وَالتَّاءَ لِلطَّلَبِ وَقَوْلُهُ وَنُؤْمِنُ أَيْ: نُصَدِّقُ وَالتَّوَكُّلُ الِاعْتِمَادُ، وَإِظْهَارُ الْعَجْزِ، وَالثَّنَاءُ الْمَدْحُ، وَالْمُرَادُ بِالشُّكْرِ هُنَا نَقِيضُ الْكُفْرِ وَهُوَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ ز ي بِاخْتِصَارٍ. (قَوْلُهُ: وَنُثْنِي عَلَيْك إلَخْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ نُثْنِي عَلَيْكَ بِكُلِّ مَا يَلِيقُ بِكَ أَيْ: نَذْكُرُكَ بِالْخَيْرِ بِقَدْرِ الِاسْتِطَاعَةِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ بِكُلِّ خَيْرٍ أَيْ: تَفْصِيلًا فَالْخَيْرَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مُطْلَقًا أَيْ: الثَّنَاءَ الْخَيْرَ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا نَكْفُرُكَ) أَيْ: لَا نَجْحَدُ نِعْمَتَكَ بِعَدَمِ الشُّكْرِ عَلَيْهَا بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ. (قَوْلُهُ: وَنَخْلَعُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْفَاجِرَ كَالنَّعْلِ وَقَوْلُهُ: وَنَتْرُكُ تَفْسِيرٌ. (قَوْلُهُ: مَنْ يَفْجُرُكَ) أَيْ: يُخَالِفُكَ بِالْمَعَاصِي. (قَوْلُهُ: وَلَكَ نُصَلِّي) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ وَنَصَّ عَلَيْهَا اهْتِمَامًا بِشَأْنِهَا. (قَوْلُهُ: وَنَسْجُدُ) عَطْفُ جُزْءٍ عَلَى كُلٍّ إنْ أُرِيدَ بِهِ سُجُودُ الصَّلَاةِ وَعَامٍّ عَلَى خَاصٍّ إنْ أُرِيدَ بِهِ مَا يَشْمَلُ سُجُودَ الشُّكْرِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَيْكَ) أَيْ: إلَى طَاعَتِكَ نَسْعَى. (قَوْلُهُ: وَنَحْفِدُ) يَجُوزُ فِيهِ فَتْحُ النُّونِ وَضَمُّهَا إيعَابٌ وَهُوَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: الْجِدَّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ: الْحَقَّ ح ل قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: فِي مُثَلَّثَتِهِ الْجَدُّ بِالْفَتْحِ مِنْ النَّسَبِ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ أَيْضًا الْعَظَمَةُ وَالْحَظُّ وَبِالْكَسْرِ نَقِيضُ الْهَزْلِ وَبِالضَّمِّ الرَّجُلُ الْعَظِيمُ. (قَوْلُهُ: مُلْحِقٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ: لَاحِقٌ بِهِمْ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا أَيْ: مُلْحَقٌ بِهِمْ ح ل أَيْ: أَلْحَقَهُ اللَّهُ بِهِمْ وَعَلَى الْكَسْرِ الْمَشْهُورِ يَكُونُ مِنْ أَلْحَقَ بِمَعْنَى لَحِقَ كَأَنْبَتَ الزَّرْعُ بِمَعْنَى نَبَتَ ح ف. (قَوْلُ ثَابِتًا) أَيْ: بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ مِنْ