لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ مُصِيبُونَ فِي ذَلِكَ؛ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ مَنْ نُكَفِّرُهُ بِبِدْعَتِهِ كَمُنْكِرِ حُدُوثِ الْعَالَمِ وَالْبَعْثِ وَالْحَشْرِ لِلْأَجْسَامِ وَعِلْمِ اللَّهِ بِالْمَعْدُومِ وَبِالْجُزْئِيَّاتِ لِإِنْكَارِهِمْ مَا عُلِمَ مَجِيءُ الرُّسُلِ بِهِ ضَرُورَةً فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (لَا دَاعِيَةٍ) أَيْ: يَدْعُو النَّاسَ إلَى بِدْعَتِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ بَلْ أَوْلَى كَمَا رَجَّحَهُ فِيهَا ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا (وَلَا خَطَّابِيٍّ) فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (لِمِثْلِهِ إنْ لَمْ يَذْكُرْ) فِيهَا (مَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ) أَيْ: احْتِمَالَ اعْتِمَادِهِ عَلَى قَوْلِ الْمَشْهُودِ لَهُ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لَا يَكْذِبُ فَإِنْ ذَكَرَ فِيهَا ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: رَأَيْتُ أَوْ سَمِعْت أَوْ شَهِدَ لِمُخَالِفِهِ قُبِلَتْ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِي (وَلَا مُبَادِرٍ) بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ (إلَّا فِي شَهَادَةِ حِسْبَةٍ) فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِأَنْ يَشْهَدَ (فِي حَقِّ اللَّهِ) تَعَالَى كَصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَصَوْمٍ بِأَنْ يَشْهَدَ بِتَرْكِهَا (أَوْ) فِي (مَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَنَسَبٍ وَعَفْوٍ عَنْ قَوَدٍ وَبَقَاءِ عِدَّةٍ وَانْقِضَائِهَا) وَخُلْعٍ فِي الْفِرَاقِ لَا فِي الْمَالِ بِأَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ لِيَمْنَعَ مِنْ مُخَالَفَةِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ ابْتِدَاءً لِلْقَاضِي نَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَأَحْضِرْهُ لِنَشْهَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ ابْتَدَءُوا وَقَالُوا فُلَانٌ زَنَى فَهُمْ قَذَفَةٌ، وَإِنَّمَا تُسْمَعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَنَّهُ أَخُو فُلَانَةَ مِنْ الرَّضَاعِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَا إنَّهُ يَسْتَرِقُّهُ أَوْ إنَّهُ يُرِيدُ نِكَاحَهَا، أَمَّا حَقُّ الْآدَمِيِّ كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَبَيْعٍ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ كَمَا شَمِلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. .

(وَتُقْبَلُ شَهَادَةٌ مُعَادَةٌ بَعْدَ زَوَالِ رِقٍّ أَوْ صِبًا أَوْ كُفْرٍ ظَاهِرٍ أَوْ بِدَارٍ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّ الْمُتَّصِفَ بِذَلِكَ لَا يَتَغَيَّرُ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ (لَا) بَعْدَ زَوَالِ (سِيَادَةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ فِسْقٍ) أَوْ خَرْمِ مُرُوءَةٍ فَلَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ وَالتَّقْيِيدُ بِظَاهِرٍ مَعَ قَوْلِي أَوْ بِدَارٍ أَوْ سِيَادَةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ مِنْ زِيَادَتِي

ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة: 22] {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23] وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ فِي الْجَنَّةِ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ» أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ نَصًّا فِي ثُبُوتِهَا؛ لِأَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ قَالَ إنَّ إلَى مِنْ قَوْله تَعَالَى {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23] مُفْرَدُ آلَاءٍ وَهِيَ النِّعَمُ فَيَكُونُ لَفْظَةُ إلَى مَفْعُولًا مُقَدَّمًا لِنَاظِرَةٍ وَالتَّقْدِيرُ نَاظِرَةٌ إلَى رَبِّهَا أَيْ: نِعْمَةَ رَبِّهَا. وَأُجِيبَ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: سَتَرَوْنَ نِعَمَ رَبَّكُمْ (قَوْلُهُ لِاعْتِقَادِهِمْ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ اسْتَحَلُّوا دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا وَسَبُّوا الصَّحَابَةَ شَرْحُ م ر وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْبُغَاةِ لِإِمْكَانِ حَمْلِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مَنَعَ تَنْفِيذَهَا أَيْ: الشَّهَادَةَ لِخُصُوصِ بَغْيِهِمْ احْتِقَارًا لَهُمْ وَرَدْعًا لَهُمْ عَنْ بَغْيِهِمْ حَجّ ز ي لَكِنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْبُغَاةَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إنْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا وَالْأَوْلَى الْجَوَابُ بِأَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ بِلَا تَأْوِيلٍ وَمَا هُنَا إذَا كَانَ بِتَأْوِيلٍ كَمَا نُقِلَ عَنْ ز ي. (قَوْلُهُ: لَا دَاعِيَةٍ) الْمُعْتَمَدُ قَبُولُ شَهَادَةِ الدَّاعِيَةِ وَرِوَايَتِهِ ح ل. (قَوْلُهُ وَلَا خَطَّابِيٍّ) نِسْبَةً لِأَبِي خَطَّابٍ الْكُوفِيِّ كَانَ يَعْتَقِدُ أُلُوهِيَّةَ جَعْفَرَ الصَّادِقِ ثُمَّ لَمَّا مَاتَ جَعْفَرُ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ ح ل وَهَذِهِ الطَّائِفَةُ الْمَنْسُوبُونَ لِهَذَا الْخَبِيثِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ أَصْحَابَهُمْ لَا يَكْذِبُونَ أَيْ: يَعْتَقِدُونَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ عَلَى عَقِيدَتِهِمْ لَا يَكْذِبُ فَإِذَا رَأَوْهُ فِي قَضِيَّةٍ شَهِدُوا لَهُ بِمُجَرَّدِ التَّصْدِيقِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا حَقِيقَةَ الْحَالِ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَسَبَبُ هَذَا الِاعْتِقَادِ فِي بَعْضِهِمْ بَعْضًا أَنَّ الْكَذِبَ عِنْدَهُمْ كُفْرٌ ر س ل. (قَوْلُهُ وَلَا مُبَادِرٍ) أَيْ: قَبْلَ الدَّعْوَى أَوْ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَمَّهُ بِقَوْلِهِ «شَرُّ الشُّهُودِ الَّذِي يَشْهَدُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ» فَإِنْ أَعَادَهَا فِي الْمَجْلِسِ بَعْدَ طَلَبِهَا مِنْهُ قُبِلَتْ وَمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيْرُ الشُّهُودِ الَّذِي يَشْهَدُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ» مَحْمُولٌ عَلَى مَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ شَرْحُ م ر بِزِيَادَةٍ.

(قَوْلُهُ: شَهَادَةِ حِسْبَةٍ) مِنْ احْتَسَبَ بِكَذَا أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ أَيْ: ادَّخَرَهَا عِنْدَهُ يَنْوِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ شَرْحُ م ر سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدَّعْوَى أَوْ بَعْدَهَا كَمَا قَالَهُ حَجّ وح ل وَالْبِرْمَاوِيُّ خِلَافًا لِلرَّشِيدِيِّ حَيْثُ نُقِلَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ لَا يُقَالُ: لَهَا شَهَادَةُ حِسْبَةٍ بَعْدَ الدَّعْوَى اهـ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي حُدُودِ اللَّهِ كَمَا قَالَهُ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ فِيمَا لَهُ) أَيْ: لِلَّهِ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ وَهُوَ مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِرِضَا الْآدَمِيِّ ز ي. (قَوْلُهُ: كَطَلَاقٍ) بِأَنْ شَهِدُوا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَهُوَ مُعَاشِرٌ لَهَا فَحَقُّ اللَّهِ الْمَنْعُ مِنْ الزِّنَا وَحَقُّ اللَّهِ فِي الْعِتْقِ الْمَنْعُ مِنْ اسْتِرْقَاقِ الْحُرِّ. (قَوْلُهُ وَنَسَبٍ) ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَكَّدَ الْأَنْسَابَ وَمَنَعَ قَطْعَهَا ع ن (قَوْلُهُ وَعَفْوٍ عَنْ قَوَدٍ) لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِإِحْيَاءِ نَفْسٍ وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ ع ن. (قَوْلُهُ: وَبَقَاءِ عِدَّةٍ) لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ صِيَانَةِ الْفَرْجِ عَنْ اسْتِبَاحَتِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِمَا فِي الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ مِنْ مَنْعِ زَوَاجِ الْغَيْرِ بِهَا وَلِمَا فِي الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ الصِّيَانَةِ ع ن. (قَوْلُهُ وَانْقِضَائِهَا) أَيْ: فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَأَرَادَ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَشَهِدُوا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ نَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا) أَيْ: نُرِيدُ أَنْ نَشْهَدَ عَلَيْهِ بِكَذَا وَقَوْلُهُ لِنَشْهَدَ عَلَيْهِ أَيْ: لِنُنْشِئَ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ فَحَصَلَ التَّغَايُرُ. (قَوْلُهُ: فَهُمْ قَذَفَةٌ) إلَّا أَنْ يَصِلُوهُ بِقَوْلِهِمْ وَنَشْهَدُ بِذَلِكَ عَلَى الْأَوْجَهِ حَجّ وَالْمُعْتَمَدُ سَمَاعُ الدَّعْوَى فِي شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ إلَّا فِي مَحْضِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى م ر ز ي.

(قَوْلُهُ: الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ: قَوْلُهُ: وَلَا مُبَادِرٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ مُبَادِرٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي شَهَادَةِ إلَخْ. .

. (قَوْلُهُ: أَوْ بِدَارٍ) أَيْ: مُبَادَرَةً بِأَنْ طُلِبَتْ مِنْهُ وَلَوْ فِي الْمَجْلِسِ وَهُوَ مَصْدَرُ بَادَرَ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ

لِفَاعِلٍ الْفِعَالُ وَالْمُفَاعَلَةُ

اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ فِسْقٍ) وَلَوْ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ ع ش (قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015