(وَ) يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ (لَحْمٌ يَلِيقُ بِهِ) جِنْسًا وَيَسَارًا وَغَيْرَهُ (كَعَادَةِ الْمَحَلِّ) قَدْرًا، وَوَقْتًا (وَيُقَدِّرُهُمَا) أَيْ: الْأُدْمَ وَاللَّحْمَ (قَاضٍ بِاجْتِهَادِهِ) عِنْدَ التَّنَازُعِ إذْ لَا تَقْدِيرَ فِيهِمَا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ، (وَيُفَاوِتُ) فِي قَدْرِهِمَا (بَيْنَ الثَّلَاثَةِ) الْمُوسِرِ، وَالْمُعْسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ فَيُنْظَرُ مَا يَحْتَاجُهُ الْمُدُّ مِنْ الْأُدْمِ فَيَفْرِضُهُ عَلَى الْمُعْسِرِ، وَضِعْفَهُ عَلَى الْمُوسِرِ وَمَا بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُتَوَسِّطِ وَيَنْظُرُ فِي اللَّحْمِ إلَى عَادَةِ الْمَحَلِّ مِنْ أُسْبُوعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ مَكِيلَةِ زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ أَيْ: أُوقِيَّةٍ تَقْرِيبٌ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ رَطْلِ لَحْمٍ فِي الْأُسْبُوعِ الَّذِي حُمِلَ عَلَى الْمُعْسِرِ، وَجُعِلَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ عَلَى الْمُوسِرِ رَطْلَانِ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رَطْلٌ وَنِصْفٌ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالتَّوْسِيعِ فِيهِ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ عَلَى مَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ بِمِصْرَ مِنْ قِلَّةِ اللَّحْمِ فِيهَا، وَيُزَادُ بَعْدَهَا بِحَسْبِ عَادَةِ الْمَحَلِّ قَالَ الشَّيْخَانِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ لَا يَجِبُ الْأُدْمُ فِي يَوْمِ اللَّحْمِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ اللَّحْمَ كُلَّ يَوْمٍ يَلْزَمُهُ الْأُدْمُ أَيْضًا لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غِذَاءً وَالْآخَرُ عَشَاءً، وَذِكْرُ تَقْدِيرِ الْقَاضِي اللَّحْمَ مِنْ زِيَادَتِي. وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ.
(وَ) يَجِبُ لَهَا (كِسْوَةٌ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَضَمِّهَا قَالَ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] (تَكْفِيهَا) وَتَخْتَلِفُ كِفَايَتُهَا بِطُولِهَا وَقِصَرِهَا، وَهُزَالِهَا، وَسِمَنِهَا وَبِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ (مِنْ قَمِيصٍ وَخِمَارٍ وَنَحْوِ سَرَاوِيلَ) مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهُ، (وَ) نَحْوِ (مُكَعَّبٍ) مِمَّا يُدَاسُ فِيهِ (وَيُزِيدُ) عَلَى ذَلِكَ (فِي شِتَاءٍ نَحْوَ جُبَّةٍ) كَفَرْوَةٍ فَإِنْ لَمْ تَكْفِ وَاحِدَةٌ زِيدَ عَلَيْهَا كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ (بِحَسْبِ عَادَةِ مِثْلِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ مِنْ قُطْنٍ، وَكَتَّانٍ، وَحَرِيرٍ، وَصَفَاقَةٍ وَنَحْوِهَا نَعَمْ لَوْ اُعْتِيدَ رَقِيقٌ لَا يَسْتُرُ لَمْ يَجِبْ بَلْ يَجِبُ صَفِيقٌ يُقَارِبُهُ، وَيُفَاوَتُ فِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ وَاعْتُبِرَتْ الْكِفَايَةُ فِي الْكِسْوَةِ دُونَ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْكِسْوَةِ مُحَقَّقَةٌ بِالرُّؤْيَةِ بِخِلَافِهَا فِي النَّفَقَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا تَوَابِعُ مَا ذُكِرَ مِنْ تِكَّةِ سَرَاوِيلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْضًا مَا تَطْلُبُهُ الْمَرْأَةُ عِنْدَمَا يُسَمَّى بِالْوَحَمِ مِنْ نَحْوِ مَا يُسَمَّى بِالْمُلُوحَةِ إذَا اُعْتِيدَ، وَيَكُونُ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ فَلَوْ فَوَّتَهُ اسْتَقَرَّ لَهَا، وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ.
ا. هـ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: وَلَحْمٌ) عَطْفُهُ عَلَى الْأُدْمِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَقَدْ يُطْلَقُ اسْمُ الْأُدْمِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِفَضْلِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ أُدْمًا حَدِيثُ «سَيِّدُ أُدْمِ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ» ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْحَبِّ لُزُومُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ نَحْوِ مَاءٍ، وَحَطَبٍ، وَمَا يُطْبَخُ بِهِ مِنْ نَحْوِ قَرْعٍ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَيُقَدِّرُهُمَا قَاضٍ) هَذَا مُسْتَدْرَكٌ فِي اللَّحْمِ مَعَ قَوْلِهِ يَلِيقُ بِهِ كَعَادَةِ الْمَحَلِّ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذَا عِنْدَ التَّنَازُعِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: مِنْ مَكِيلَةِ زَيْتٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الْكَافِ، وَإِسْكَانِ الْيَاءِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: أُوقِيَّةٍ) حَكَى الْجِيلِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْأُوقِيَّةَ هِيَ الْحِجَازِيَّةُ، وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْعِرَاقِيَّةَ لَا تُغْنِي شَيْئًا. ا. هـ ز ي (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى الْمُعْسِرِ) أَيْ: حَمَلَهُ الْأَصْحَابُ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ رِطْلِ لَحْمٍ فَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَقَوْلُهُ، وَيُزَادُ بَعْدَهَا أَيْ: بَعْد أَيَّامِ الشَّافِعِيِّ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْفَاءِ لَكَانَ، أَوْضَحَ.
(قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ) أَيْ: يَنْبَغِي. (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ الْأُدْمُ فِي يَوْمِ اللَّحْمِ) ، وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ كَافِيًا لِلْغَدَاءِ، وَالْعَشَاءِ، وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ ع ش، وَمِثْلُهُ م ر، وَقَالَ أَبُو شُكَيْلٍ الَّذِي يَظْهَرُ تَوَسُّطٌ بَيْنَ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا مَعَ اللَّحْمِ نِصْفُ الْأُدْمِ الْمُعْتَادِ فِي كُلِّ يَوْمٍ إنْ كَانَ اللَّحْمُ لَا يَكْفِيهَا إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَهَذَا التَّفْصِيلُ كَالْمُتَعَيَّنِ إذْ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ فَيُقَالُ إنْ أَعْطَاهَا مِنْ اللَّحْمِ مَا يَكْفِيهَا لِلْوَقْتَيْنِ فَلَيْسَ لَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أُدْمٌ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهَا إلَّا مَا يَكْفِيهَا لِوَقْتٍ وَاحِدٍ، وَجَبَ نِصْفُهُ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ:، وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ م ر، وَنَصُّهَا وَبَحَثَ الشَّيْخَانِ عَدَمَ وُجُوبِ أُدْمِ يَوْمِ اللَّحْمِ، وَلَهُمَا احْتِمَالٌ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُوسِرِ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ اللَّحْمَ لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غَدَاءً، وَالْآخَرُ عَشَاءً. ا. هـ (قَوْلُهُ: كُلَّ يَوْمٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِكُلِّ يَوْمٍ غَيْرُ مُرَادٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غَدَاءً إلَخْ فَالْمُرَادُ أَنَّ الْأُدْمَ لَا يَسْقُطُ فِي يَوْمِ اللَّحْمِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ لَهَا كِسْوَةٌ) وَجَوْدَتُهَا، وَضِدُّهَا بِيَسَارِهِ وَضِدِّهِ حَجّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ضَبْطِ الْكِسْوَةِ بِمَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْدِيلُ الْفِرَاشِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَيْضًا فَإِنْ أَرَادَهُ هَيَّأَهُ لَهَا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَبِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ فِي الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ) عِبَارَةُ حَجّ، وَيَخْتَلِفُ عَدَدُهَا بِاخْتِلَافِ مَحَلِّ الزَّوْجَةِ بَرْدًا، وَحَرًّا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اعْتَادُوا ثَوْبًا لِلنَّوْمِ، وَجَبَ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ. (قَوْلُهُ: مِنْ قَمِيصٍ) فِيهِ إشْعَارٌ بِوُجُوبِ خِيَاطَتِهِ، وَمَا يُخَاطُ بِهِ عَلَيْهِ قَالَ حَجّ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِاعْتِبَارِ أَهْلِ بَلَدِ ثِيَابِهَا كَثِيَابٍ لِرَجُلٍ، وَأَنَّهَا لَوْ طَلَبَتْ تَطْوِيلَ ذَيْلِهَا ذِرَاعًا أُجِيبَتْ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْهُ أَهْلُ بَلَدِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ السَّتْرِ ح ل، وَابْتِدَاءُ الذِّرَاعِ مِنْ نِصْفِ سَاقِهَا م ر. (قَوْلُهُ: مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهُ) كَالْإِزَارِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ مُكَعَّبٍ) كَقَبْقَابٍ، وَخُفٍّ، وَزِرِّ مَوْزَةٍ فَلَوْ كَانَتْ مِمَّنْ يَعْتَادُ عَدَمَ لُبْسِ شَيْءٍ فِي أَرْجُلِهِنَّ كَنِسَاءِ الْقُرَى لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ح ل.
(قَوْلُهُ:، وَمُكَعَّبٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَفَتْحِ ثَانِيه، وَفَتْحِ ثَالِثِهِ مُثَقَّلًا، وَبِكَسْرٍ فَسُكُونٍ مُخَفَّفًا هُوَ الْمَدَاسُ. ا. هـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ، وَالْمُكَعَّبُ وِزَانُ مُقَوَّدٍ الْمَدَاسُ لَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ غَيْرُ عَرَبِيٍّ. ا. هـ