كَهَدْمٍ وَحَرِيقٍ (وَلَمْ يُعْلَمْ أَسْبَقُهُمَا) مَوْتًا سَوَاءٌ أَعُلِمَ سَبْقٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْإِرْثِ تَحَقُّقُ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَهُوَ هُنَا مُنْتَفٍ فَلَوْ عُلِمَ أَسْبَقُهُمَا وَنُسِيَ، وَقَفَ الْمِيرَاثُ إلَى الْبَيَانِ، أَوْ الصُّلْحِ، وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ غَرَقٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِغَرَقٍ، أَوْ هَدْمٍ، أَوْ غُرْبَةٍ
(وَلَا يَرِثُ نَحْوُ مُرْتَدٍّ) كَيَهُودِيٍّ تَنَصَّرَ أَحَدًا إذْ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مُوَالَاةٌ فِي الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ دِينًا يُقَرُّ عَلَيْهِ وَلَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ (وَلَا يُورَثُ) ؛ لِذَلِكَ لَكِنْ لَوْ قَطَعَ شَخْصٌ طَرَفَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ وَمَاتَ سِرَايَةً وَجَبَ قَوَدُ الطَّرَفِ وَيَسْتَوْفِيهِ مَنْ كَانَ وَارِثَهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ وَمِثْلُهُ حَدُّ الْقَذْفِ.
وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي وَكَذَا (كَزِنْدِيقٍ) وَهُوَ مَنْ لَا يَتَدَيَّنُ بِدِينٍ فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ لِذَلِكَ
(وَمَنْ بِهِ رِقٌّ) وَلَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ مُكَاتَبًا فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ لِنَقْصِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَمَلَكَ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ (إلَّا مُبَعَّضًا فَيُورَثُ) مَا مَلَكَهُ بِحُرِّيَّتِهِ لِتَمَامِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ لِسَيِّدٍ مِنْهُ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِمَّا اكْتَسَبَهُ بِالرِّقِّيَّةِ وَاسْتُثْنِيَ أَيْضًا كَافِرٌ لَهُ أَمَانٌ جُنِيَ عَلَيْهِ حَالَ حُرِّيَّتِهِ وَأَمَانِهِ، ثُمَّ نَقَضَ الْأَمَانَ فَسُبِيَ وَاسْتُرِقَّ وَحَصَلَ الْمَوْتُ بِالسِّرَايَةِ حَالَ رِقِّهِ، فَإِنَّ قَدْرَ الدِّيَةُ لِوَرَثَتِهِ
(وَلَا يَرِثُ قَاتِلٌ) مِنْ مَقْتُولِهِ (وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ) بِقَتْلِهِ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ شَيْءٌ» أَيْ مِنْ الْمِيرَاثِ، أَوْ لِتُهْمَةِ اسْتِعْجَالِ قَتْلِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَسَدًّا لِلْبَابِ فِي الْبَاقِي؛ وَلِأَنَّ الْإِرْثَ لِلْمُوَالَاةِ، وَالْقَاتِلُ قَطَعَهَا، وَأَمَّا الْمَقْتُولُ فَقَدْ يَرِثُ الْقَاتِلَ بِأَنْ يَجْرَحَهُ، وَيَضْرِبَهُ، وَيَمُوتَ قَبْلَهُ، وَمِنْ الْمَوَانِعِ الدَّوْرُ الْحُكْمِيُّ وَهُوَ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ تَوْرِيثِ شَخْصٍ عَدَمُ تَوْرِيثِهِ كَأَخٍ أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ فَيَثْبُتُ نَسَبُ الِابْنِ وَلَا يَرِثُ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ، وَأَمَّا اسْتِبْهَامُ تَارِيخِ الْمَوْتِ الْمَذْكُورِ فَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّهُ مَانِعًا وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ لِمَا يَأْتِي وَقَدْ قَالَ: ابْنُ الْهَائِمِ فِي شَرْحِ كِفَايَتِهِ الْمَوَانِعُ الْحَقِيقِيَّةُ أَرْبَعَةٌ الْقَتْلُ وَالرِّقُّ وَاخْتِلَافُ الدِّينِ وَالدَّوْرُ الْحُكْمِيُّ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فَتَسْمِيَتُهُ مَانِعًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذِهِ الْمَسَائِلِ إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِ قُيُودٍ فِيمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا إذَا لُوحِظَتْ كَانَتْ هَذِهِ خَارِجَةً بِهَا كَأَنْ يُقَالَ الْكَافِرَانِ اللَّذَانِ لَمْ يَخْتَلِفَا فِي الْعَهْدِ يَتَوَارَثَانِ كَالْمُسْلِمَيْنِ حَيْثُ عُلِمَ تَحَقُّقُ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ فَقَوْلُهُ: لَا حَرْبِيٌّ وَغَيْرُهُ مُحْتَرَزُ قَوْلِنَا اللَّذَانِ لَمْ يَخْتَلِفَا إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَلَا مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ مُحْتَرَزُ تَخْصِيصِ الْإِرْثِ بِالْكَافِرَيْنِ وَالْمُسْلِمَيْنِ وَقَوْلُهُ: وَلَا مُتَوَارِثَانِ مُحْتَرَزُ قَوْلِنَا حَيْثُ عُلِمَ تَحَقُّقُ حَيَاةِ الْوَارِثِ إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ: كَهَدَمٍ) هُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ الْمَهْدُومِ وَبِسُكُونِ ثَانِيهِ الِانْهِدَامِ وَلَوْ بِغَيْرِ فِعْلٍ وَبِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ الثَّوْبُ الْبَالِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيَصِحُّ كَوْنُهُ هُنَا بِسُكُونِ الدَّالِ اسْمًا لِلْمَصْدَرِ وَيُرَادُ بِهِ هُنَا أَثَرُهُ وَهُوَ الْمَهْدُومُ
(قَوْلُهُ: وَيَسْتَوْفِيه إلَخْ) وَلَوْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ كَانَ فَيْئًا اهـ ز ي (قَوْلُهُ: وَكَذَا كَزِنْدِيقٍ) أَيْ مِنْ زِيَادَتِي ح ل
(قَوْلُهُ: لَمَلَكَ) أَيْ مِلْكًا تَامًّا فَلَا يَرِدُ الْمُكَاتَبُ كَمَا فِي ح ل وَأَيْضًا لَوْ وَرِثَ لَكَانَ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ) وَإِنَّمَا لَمْ يَقُولُوا بِإِرْثِهِ، ثُمَّ يَتَلَقَّاهُ سَيِّدُهُ بِحَقِّ الْمِلْكِ كَمَا قَالُوا فِي قَبُولِ قِنِّهِ لِنَحْوِ وَصِيَّةٍ، أَوْ هِبَةٍ لَهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ عُقُودٌ اخْتِيَارِيَّةٌ تَصِحُّ لِلسَّيِّدِ فَإِيقَاعُهَا لِقِنِّهِ إيقَاعٌ لَهُ وَلَا كَذَلِكَ الْإِرْثُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى) قَالَ: م ر وَيُمْكِنُ مَنْعُ الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنَّ أَقَارِبَهُ إنَّمَا وَرِثُوهُ نَظَرًا لِلْحُرِّيَّةِ السَّابِقَةِ لِاسْتِقْرَارِ جِنَايَتِهَا قَبْلَ الرِّقِّ لَكِنَّ وَجْهَ الِاسْتِثْنَاءِ هُوَ النَّظَرُ لِكَوْنِهِمْ حَالَ الْمَوْتِ أَحْرَارًا وَهُوَ قِنٌّ (قَوْلُهُ: قَدْرَ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ الْجَرْحِ لَا دِيَةِ النَّفْسِ وَإِطْلَاقُ الدِّيَةِ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ التَّوَسُّعِ عَزِيزِيٌّ وع ن وَعِبَارَةُ خَطٍّ فَإِنَّ قَدْرَ الْأَرْشِ مِنْ قِيمَتِهِ لِوَرَثَتِهِ اهـ
فَعُلِمَ أَنَّ الْجَانِي يَضْمَنُهُ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى مَالِهِ، أَرْشٌ مُقَدَّرٌ كَقَطْعِ يَدِهِ فَهُوَ الْوَاجِبُ لِلْوَارِثِ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْجَانِي وَالْبَاقِي مِنْهَا لِمُسْتَرِقِّهِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ مُقَدَّرِ الْأَرْشِ، أَوْ مُسَاوِيَةٌ لَهُ فَازَ بِهَا الْوَارِثُ وَلَا شَيْءَ لِمُسْتَرِقِّهِ وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى غَيْرِ مَالَهُ، أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فَعَلَى الْجَانِي الْقِيمَةُ وَلِلْوَارِثِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْقِيمَةِ وَدِيَةُ النَّفْسِ الْوَاجِبَةِ بِالسِّرَايَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ فَازَ بِهَا الْوَارِثُ وَإِنْ كَانَتْ دِيَةُ النَّفْسِ أَقَلَّ فَالزَّائِدُ مِنْ الْقِيمَةِ عَلَى الدِّيَةِ لِمُسْتَرِقِّهِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِالْجِنَايَةِ فِي مِلْكِهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَى الْجَانِي الْقِيمَةُ مُطْلَقًا لِقَاعِدَةِ أَنَّ: مَا كَانَ مَضْمُونًا فِي الْحَالَيْنِ حَالِ الْجِنَايَةِ وَحَالِ الْمَوْتِ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ الِانْتِهَاءُ وَهُوَ رِقُّهُ هُنَا اهـ شَيْخُنَا مَدَابِغِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ) لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَرِثُهُ إذَا لَمْ يَضْمَنْ كَأَنْ قَتَلَهُ بِحَقٍّ لِنَحْوِ قَوَدٍ، أَوْ دَفْعِ صَائِلٍ سَوَاءٌ كَانَ بِسَبَبٍ أَمْ بِشَرْطٍ أَمْ مُبَاشَرَةً وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا، أَوْ حَاكِمًا، أَوْ شَاهِدًا، أَوْ مُزَكِّيًا فَالْقَاتِلُ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيَتِهِ وَمَجَازِهِ إذْ لَوْ وَرِثَ لَاسْتَعْجَلَ الْوَرَثَةُ قَتْلَ مُوَرِّثِهِمْ فَيُؤَدِّي إلَى خَرَابِ الْعَالَمِ نَعَمْ يَرِثُ الْمُفْتِي وَلَوْ فِي مُعَيَّنٍ وَرَاوِي خَبَرٍ مَوْضُوعٍ بِهِ أَيْ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِمَا بِوَجْهٍ إذْ قَدْ لَا يُعْمَلُ بِهِ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ شَرْحُ م ر وَمِثْلُ الْمُفْتِي وَرَاوِي الْخَبَرِ الْقَاتِلُ بِالْعَيْنِ وَالْقَاتِلُ بِالْحَالِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُ م ر مَوْضُوعٌ بِهِ أَيْ، أَوْ صَحِيحٌ، أَوْ حَسَنٌ بِالْأَوْلَى ع ش وَمِثَالُ الشَّرْطِ حَفْرُ بِئْرٍ عُدْوَانًا بِغَيْرِ مِلْكِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَفَرَهَا بِمِلْكِهِ وَوَقَعَ فِيهَا مُوَرِّثُهُ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِتُهْمَةِ اسْتِعْجَالِ قَتْلِهِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ السَّبَبِ فَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ مَاتَ بِأَجَلِهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: وَلَا مُتَوَارِثَانِ مَاتَا بِنَحْوِ غَرَقٍ (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ قَوْلُهُ: قَرِيبًا؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْإِرْثِ مَعَهُ لَا؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ بَلْ