فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَنْعُهُ وَتَحْلِيلُهُمَا لَهُ كَتَحْلِيلِ السَّيِّدِ رَقِيقَهُ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ أَبَوَيْهِ مَنْعُهُ مِنْ فَرْضِ النُّسُكِ لَا ابْتِدَاءً وَلَا دَوَامًا كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَيُفَارِقُ الْجِهَادَ بِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْخَوْفُ فِيهِ كَالْخَوْفِ فِي الْجِهَادِ. وَيُسَنُّ لِلْوَلَدِ اسْتِئْذَانُهُمَا إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ فِي النُّسُكِ فَرْضًا أَوْ تَطَوُّعًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ كَانَ لِأَبَوَيْهَا مَنْعُهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يُسَافِرَ مَعَهَا الزَّوْجُ. وَسَادِسُ الْمَوَانِعِ الدَّيْنُ، فَلَيْسَ لِغَرِيمِ الْمَدِينِ تَحْلِيلُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي إحْرَامِهِ وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ إذَا كَانَ مُوسِرًا وَالدَّيْنُ حَالًّا لِيُوَفِّيَهُ حَقَّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا أَوْ مُوسِرًا وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ إذْ لَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْضِيَهُ عِنْدَ حُلُولِهِ، وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ الْمُتَطَوِّعِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ، فَإِنْ كَانَ نُسُكُهُ فَرْضًا مُسْتَقِرًّا كَحِجَّةِ الْإِسْلَامِ فِيمَا بَعْدَ السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ أَوْ كَانَتْ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ كَحِجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ اُعْتُبِرَتْ الِاسْتِطَاعَةُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِحْصَارِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ الْمَنْعُ مِنْهُ وَلَا التَّحَلُّلُ وَإِنْ وَقَعَ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَفَاقِيِّ وَالْمَكِّيِّ وَمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ، خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ فِي تَخْصِيصِ الْمَنْعِ بِالْآفَاقِيِّ دُونَ الْمَكِّيِّ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ تَبِعَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي مَتْنِ إرْشَادِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَحْرَمَ الْوَلَدُ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: " فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَنْعُهُ وَتَحْلِيلُهُ " فَالْمَنْعُ رَاجِعٌ لِلْإِرَادَةِ وَالتَّحْلِيلُ لِلْإِحْرَامِ قَوْلُهُ: (مَنْعُهُ) مَحِلُّهُ إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ قَوْلُهُ: (كَتَحْلِيلِ السَّيِّدِ إلَخْ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْأَمْرِ، بِأَنْ يَأْمُرَ فَرْعَهُ بِالتَّحَلُّلِ كَمَا يَأْمُرُ السَّيِّدُ رَقِيقَهُ. هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالتَّشْبِيهِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ حُرًّا فَكَتَحَلُّلِ الْحُرِّ أَوْ رَقِيقًا فَكَتَحَلُّلِ الرَّقِيقِ قَوْلُهُ: (مَنْعُهُ مِنْ فَرْضِ النُّسُكِ) وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ م ر قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ الْخَوْفُ فِيهِ كَالْخَوْفِ فِي الْجِهَادِ) أَيْ فَالْجِهَادُ أَقْوَى خَوْفًا، فَهَذَا فَارِقٌ آخَرَ، قَوْلُهُ: (مَنْعُهَا) أَيْ مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (وَسَادِسُ الْمَوَانِعِ الدَّيْنُ) الْأَوْلَى عَدَمُ عَدِّهِ مِنْ الْمَوَانِعِ، إذْ لَا يَلْتَئِمُ مَعَ قَوْلِهِ " فَلَيْسَ لِغَرِيمِ الْمَدِينِ تَحْلِيلُهُ " نَعَمْ إنْ مَنَعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إتْمَامِ النُّسُكِ وَخَافَ الْفَوَاتَ تَحَلَّلَ لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ الدَّيْنُ بَلْ مِنْ قَبِيلِ الْمَنْعِ الْمُتَقَدِّمِ.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ) أَيْ لِلسَّفَرِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ: قَوْلُهُ " وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ " أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَإِنْ فَاتَهُ النُّسُكُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَهُوَ مُوسِرٌ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ بَعْدَ طَلَبِهِ وَلَيْسَ لَهُ نَائِبٌ فِي قَضَائِهِ لِتَعَدِّيهِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ كَمَا لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْإِحْرَامِ مُطْلَقًا. وَإِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّلُ إلَّا بِإِتْيَانِ مَكَّةَ وَأَعْمَالُ الْعُمْرَةِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعَدٍّ كَأَنْ حَبَسَهُ ظُلْمًا تَحَلَّلَ كَغَيْرِهِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ اهـ. وَإِنَّمَا صَحَّ عَدُّ هَذَا مِنْ الْمَوَانِعِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ بَعْدَ التَّحَرُّمِ، فَقَوْلُ م د: عَدُّ الدَّيْنِ مِنْ الْمَوَانِعِ، فِيهِ نَظَرٌ غَيْر ظَاهِرٍ. قَوْلُهُ: (لِيُوَفِّيَهُ حَقَّهُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ حِينَئِذٍ بَلْ عَلَيْهِ التَّوْفِيَةُ وَالْخُرُوجُ لِإِتْمَامِ نُسُكِهِ اهـ م د.
قَوْلُهُ: (وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ الْمُتَطَوِّعِ إلَخْ) أَيْ إنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَهُوَ حَلَالٌ بِأَنْ تَحَلَّلَ مِنْ إحْرَامِهِ ثُمَّ فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَهُوَ حَلَالٌ، أَمَّا إذَا فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْإِحْرَامِ فَيُفَصَّلُ؛ فَإِنْ اسْتَمَرَّ مَاكِثًا فِي طَرِيقِهِ وَصَابَرَ الْإِحْرَامَ غَيْرَ مُتَوَقِّعٍ زَوَالَ الْحَصْرِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَكَذَلِكَ إذَا سَلَكَ طَرِيقًا آخَرَ أَقْصَرَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مُسَاوِيًا وَفَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ مُحْرِمًا لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَأَمَّا إذَا سَلَكَ طَرِيقًا أَطْوَلَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ صَابَرَ الْإِحْرَامَ مُتَوَقِّعًا زَوَالَ الْحَصْرِ فَفَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي التَّطَوُّعِ، أَمَّا الْفَرْضُ فَإِنْ كَانَ مُسْتَقِرًّا كَحِجَّةِ الْإِسْلَامِ فِيمَا بَعْدَ السَّنَةِ الْأُولَى أَوْ كَانَ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِرًّا كَحِجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِطَاعَتِهِ بَعْدُ، فَإِنْ زَالَ عَنْهُ الْحَصْرُ وَهُوَ مُسْتَطِيعٌ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا. وَقَوْلُهُ " مَنْ سِنِي الْإِمْكَانِ " بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَأَصْلُهَا سِنِينَ فَحُذِفَتْ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ