فُرُوعٌ: لَوْ سَرَقَ طَعَامًا زَمَنَ الْقَحْطِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ لَمْ يُقْطَعْ وَكَذَا مَنْ أُذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ إلَى دَارٍ، أَوْ حَانُوتٍ لِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَسَرَقَ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ حَطَبٍ وَحَشِيشٍ وَنَحْوِهِمَا: كَصَيْدٍ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهَا مُبَاحَةَ الْأَصْلِ. وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مُعَرَّضٍ لِلتَّلَفِ كَهَرِيسَةٍ وَفَوَاكِهَ، وَبُقُولٍ لِذَلِكَ وَبِمَاءٍ وَتُرَابٍ وَمُصْحَفٍ وَكُتُبِ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَكُتُبِ شِعْرٍ نَافِعٍ مُبَاحٍ لِمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَافِعًا مُبَاحًا قُوِّمَ الْوَرَقُ وَالْجِلْدُ فَإِنْ بَلَغَا نِصَابًا قُطِعَ، وَإِلَّا فَلَا.
وَالسَّابِعُ كَوْنُهُ مُخْتَارًا فَلَا يُقْطَعُ الْمُكْرَهُ، بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى السَّرِقَةِ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَلَا يُقْطَعُ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِهَا أَيْضًا نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لِعُجْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا قُطِعَ الْمُكْرِهُ لَهُ.
وَالثَّامِنُ كَوْنُهُ مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ فَلَا يُقْطَعُ حَرْبِيٌّ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ وَيُقْطَعُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بِمَالِ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ. أَمَّا قَطْعُ الْمُسْلِمِ بِمَالِ الْمُسْلِمِ فَبِالْإِجْمَاعِ. وَأَمَّا قَطْعُهُ بِمَالِ الذِّمِّيِّ فَعَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ بِذِمَّتِهِ. وَلَا يُقْطَعُ مُسْلِمٌ وَلَا ذِمِّيٌّ بِمَالِ مُعَاهَدٍ وَمُؤَمَّنٍ كَمَا لَا يُقْطَعُ الْمُعَاهَدُ وَالْمُؤَمَّنُ بِسَرِقَةِ مَالِ ذِمِّيٍّ، أَوْ مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْأَحْكَامَ فَأَشْبَهَ الْحَرْبِيَّ.
وَالتَّاسِعُ كَوْنُهُ مُحْتَرَمًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقُسِمَتْ أَوْ لَمْ تَكُنْ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ. اهـ. زي.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ثَمَنِهِ قَوْلُهُ: (بِسَرِقَةِ حَطَبٍ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ حِيَازَتِهِمَا، أَوْ كَانَا فِي صَحْرَاءَ مُحْرَزَةٍ بِحَارِسٍ وَكَذَا الثِّمَارُ عَلَى الْأَشْجَارِ إنْ كَانَ لَهَا حَارِسٌ، وَأَمَّا نَفْسُ الْأَشْجَارِ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْبُيُوتِ كَانَتْ مُحْرَزَةً، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ حَارِسٍ.
قَوْلُهُ: (لِذَلِكَ) أَيْ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ قَوْلُهُ: (وَبِمَاءٍ وَتُرَابٍ) وَقِيلَ: لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَاءٍ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ وَعَلَيْهِ الْغُرْمُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ الْمَاءِ وَالنَّارِ وَالْكَلَأِ» قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَيُحَرَّمُ عَلَى الشَّخْصِ أَنْ يَأْخُذَ مَتَاعَ الْغَيْرِ عَلَى وَجْهِ الْمُزَاحِ، لِأَنَّ فِيهِ تَرْوِيعًا لِقَلْبِهِ. اهـ. سم وح ل. وَتَرَدَّدَ الزَّرْكَشِيّ فِي سَرِقَةِ مُصْحَفٍ مَوْقُوفٍ لِلْقِرَاءَةِ فِيهِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْقَطْعِ وَلَوْ غَيْرَ قَارِئٍ لِشُبْهَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِالِاسْتِمَاعِ لِلْقَارِئِ فِيهِ كَقَنَادِيلِ الْإِسْرَاجِ اهـ. شَرْحَ ابْنِ حَجَرٍ وَقَنَادِيلُ جَمْعُ قِنْدِيلٍ وَهُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ مَعْرُوفٌ، وَوَزْنُهُ فِعْلِيلٌ لَا فِنْعِيلٌ وَفَتْحُ الْقَافِ لَحْنٌ مَشْهُورٌ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (لِمَا مَرَّ) أَيْ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ.
قَوْلُهُ: (نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُكْرَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ نَعَمْ يُقْطَعُ إنْ أَكْرَهَ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ الطَّاعَةَ وَكَذَا وَلَوْ نَقَبَ الْحِرْزَ، ثُمَّ أَمَرَ صَبِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ، أَوْ نَحْوَهُ بِالْإِخْرَاجِ مِنْهُ فَأَخْرَجَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ الْآمِرُ أَيْضًا فَإِنْ أَمَرَ مُمَيِّزًا، أَوْ قِرْدًا بِهِ فَلَا قَطْعَ لِأَنَّهُ لَيْسَ آلَةً لَهُ وَلِأَنَّ لِلْحَيَوَانِ اخْتِيَارًا. فَإِنْ قُلْت: لَوْ عَلَّمَهُ الْقَتْلَ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فَهَلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ هُنَا؟ قُلْتُ: أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا يَجِبُ بِالْمُبَاشَرَةِ دُونَ السَّبَبِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ، ثُمَّ إنَّ الْقِرْدَ مِثَالٌ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ كُلُّ حَيَوَانٍ مُعَلَّمٍ. وَلَوْ عَزَّمَ عَلَى عِفْرِيتٍ فَأَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزِهِ هَلْ يُقْطَعُ، أَوْ لَا؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي كَمَا لَوْ أَكْرَهَ بَالِغًا مُمَيِّزًا عَلَى الْإِخْرَاجِ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا اهـ. ثُمَّ رَأَيْتُ لِلدَّمِيرِيِّ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ الْكُبْرَى مَا نَصُّهُ: لَوْ عَلَّمَ قِرْدَهُ النُّزُولَ إلَى الدَّارِ، وَإِخْرَاجَ الْمَتَاعِ مِنْهَا ثُمَّ نَقَبَ وَأَرْسَلَ الْقِرْدَ فَأَخْرَجَ الْمَتَاعَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ، لِأَنَّ لِلْحَيَوَانِ اخْتِيَارًا وَنَقَلَ الْبَغَوِيّ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا قِرْدًا فَوَطِئَهَا فَعَلَيْهَا مَا عَلَى وَاطِئِ الْبَهِيمَةِ فَتُعَزَّرُ فِي الْأَصَحِّ وَتُحَدُّ فِي قَوْلٍ، وَتُقْتَلُ فِي قَوْلٍ.
قَوْلُهُ: (وَيُقْطَعُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بِمَالِ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ) صُوَرُهُ أَرْبَعٌ وَالْأَظْهَرُ قَطْعُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِالْآخَرِ أَيْ بِسَرِقَةِ مَالِهِ الْمُحْرَزِ عَنْهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَشُبْهَةُ اسْتِحْقَاقِهَا النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ فِي مَالِهِ لَا أَثَرَ لَهُ لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ مَحْدُودَةٌ وَبِهِ فَارَقَتْ الْمُبَعَّضَ وَالْقِنَّ وَأَيْضًا فَالْفَرْضُ أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا فَإِنَّ فُرِضَ أَنَّ لَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حَالَ السَّرِقَةِ وَأَخَذَتْهُ بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ تُقْطَعْ كَدَائِنٍ سَرَقَ مَالَ مَدِينِهِ بِقَصْدِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ شُرُوطُ الظَّفَرِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَلَوْ ادَّعَى جُحُودَ مَدْيُونِهِ أَوْ مُمَاطَلَتَهُ صُدِّقَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ. اهـ. شَرْحَ م ر. وَقَوْلُهُ: " الْمُحْرَزِ عَنْهُ " أَيْ بِأَنْ يَكُونَ فِي بَيْتٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي هُمَا فِيهِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، فَلَا قَطْعَ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ فِي الصُّنْدُوقِ يُقْفَلُ مَثَلًا وَأَخَذَهُ بِالْمَالِ الَّذِي هُوَ فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ أَيْ فَلَا قَطْعَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرَزٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا فَتَحَ الصُّنْدُوقَ وَأَخَذَ مِنْهُ نِصَابًا فَيُقْطَعُ، وَإِنْ كَانَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّ الصُّنْدُوقَ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ فَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَا يُقْطَعُ بِالصُّنْدُوقِ إذَا كَانَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ إذَا أَخَذَ الصُّنْدُوقَ بِاَلَّذِي فِيهِ مِنْ غَيْرِ فَتْحٍ.
قَوْلُهُ: (فَأَشْبَهَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْمُعَاهَدِ وَالْمُؤَمَّنِ. اهـ.
قَوْلُهُ: (كَوْنُهُ مُحْتَرَمًا) أَيْ مَالًا مُحْتَرَمًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي: وَلَوْ مُحْتَرَمَةً إلَخْ قَالَ