فِي خَطَرِ الْمَشِيئَةِ وَلَا يَخْلُدُ عَذَابُهُ إنْ عُذِّبَ، وَإِنْ أَصَرَّ عَلَى تَرْكِ التَّوْبَةِ، كَسَائِرِ الْكَبَائِرِ غَيْرَ الْكُفْرِ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93] فَالْمُرَادُ بِالْخُلُودِ الْمُكْثُ الطَّوِيلُ.
فَإِنَّ الدَّلَائِلَ تَظَاهَرَتْ عَلَى أَنَّ عُصَاةَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَدُومُ عَذَابُهُمْ، أَوْ مَخْصُوصٌ بِالْمُسْتَحِلِّ كَمَا ذَكَرَهُ عِكْرِمَةُ وَغَيْرُهُ.
وَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ الْوَارِثُ، أَوْ عَفَا عَنْهُ عَلَى مَالٍ أَوْ مَجَّانًا فَظَوَاهِرُ الشَّرْعِ تَقْتَضِي سُقُوطَ الْمُطَالَبَةِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ.
وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْمَقْتُولَ لَا يَمُوتُ إلَّا بِأَجَلِهِ، وَالْقَتْلُ لَا يَقْطَعُ الْأَجَلَ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: الْقَتْلُ يَقْطَعُهُ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي تَقْسِيمِ الْقَتْلِ بِقَوْلِهِ: (الْقَتْلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ عَمْدٍ مَحْضٍ، وَخَطَأٍ مَحْضٍ، وَعَمْدِ خَطَأٍ) وَجْهُ الْحَصْرِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْجَانِيَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَهُوَ الْخَطَأُ.
وَإِنْ قَصَدَهَا فَإِنْ كَانَ بِمَا يَقْتُلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُحْصَنَاتِ أَيْ الْحَرَائِرُ وَقَوْلُهُ الْغَافِلَاتِ أَيْ الْبَرِيئَاتِ الَّتِي لَمْ يَقَعْ مِنْهُنَّ مَا يَقْتَضِي الْقَذْفَ وَالذُّكُورُ كَالْإِنَاثِ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ مِنْ الْخَفِيفِ فَقَالَ
أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالشِّرْكُ وَالسِّحْرُ ... وَأَكْلُ الرِّبَا وَقَذْفُ الْمُبَرَّا
وَالتَّوَلِّي بِيَوْمِ زَحْفٍ وَقَتْلُ ... النَّفْسِ سَبْعٌ قَدْ أَوْبَقَتْ مَنْ تَجَرَّا
وَنِصْفُ الْبَيْتِ النُّونُ الْأُولَى مِنْ النَّفْسِ وَقَوْلُهُ تَجَرَّا أَيْ تَجَارَى عَلَى غَيْرِهِ بِالْمَذْكُورَاتِ
قَوْلُهُ وَقَتْلُ الْآدَمِيِّ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَفِيهِ بَيَانُ النَّفْسِ فِي الْحَدِيثِ وَمَا فِيهِ الْقِصَاصُ فِي الْآيَةِ وَقَالَ ق ل صَوَابُهُ إسْقَاطُ لَفْظِ مِنْ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ
وَالْمُرَادُ بِالْآدَمِيِّ مَا يَشْمَلُ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ الْمَعْصُومَ وَإِنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِ الذِّمِّيِّ وَقَتْلَ الذِّمِّيِّ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِ الْمُعَاهَدِ وَأَمَّا الظُّلْمُ مِنْ حَيْثُ الِافْتِيَاتُ عَلَى الْإِمَامِ كَقَتْلِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ لَهُ بِهَا فَلَا يَكُونُ كَبِيرَةً فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ع ش
قَوْلُهُ نِدًّا بِكَسْرِ النُّونِ ثُمَّ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمَشْدُودَةِ أَيْ شَرِيكًا أَوْ مُمَاثِلًا أَوْ نَظِيرًا
قَوْلُهُ وَلَدَكَ لَيْسَ قَيْدًا وَقَوْلُهُ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ يَأْكُلَ وَلَيْسَ قَيْدًا وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِمُشَاكَلَةِ قَوْلِهِ {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} [الأنعام: 151] قَالَ بَعْضُهُمْ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْوَلَدِ تَنْفِيرًا عَمَّا كَانَ يَقَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ قَتْلِ أَوْلَادِهِمْ خَشْيَةَ الْفَقْرِ
قَوْلُهُ فِي خَطَرِ الْمَشِيئَةِ أَيْ إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ سَامَحَهُ أَيْ فِي خَوْفِ الْمَشِيئَةِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ عَذَابَهُ قَالَ اللَّقَانِيِّ
وَمَنْ يَمُتْ وَلَمْ يَتُبْ مِنْ ذَنْبِهِ ... فَأَمْرُهُ مُفَوَّضٌ لِرَبِّهِ
قَوْلُهُ وَلَا يَخْلُدُ عَذَابُهُ أَيْ قَاتِلِ النَّفْسِ أَيْ سَوَاءٌ تَابَ أَمْ لَا
قَوْلُهُ تَظَاهَرَتْ أَيْ اجْتَمَعَتْ وَتَقَوَّتْ
قَوْلُهُ لَا يَمُوتُ إلَّا بِأَجَلِهِ أَيْ فَرَاغِهِ
قَوْلُهُ وَالْقَتْلُ لَا يَقْطَعُ الْأَجَلَ قَالَ اللَّقَانِيِّ
وَمَيِّتٌ بِعُمُرِهِ مَنْ يُقْتَلُ ... وَغَيْرُ هَذَا بَاطِلٌ لَا يُقْبَلُ
قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَقَاصِدِ وَزَعَمَ الْكَثِيرُ أَنَّ الْقَاتِلَ قَدْ قَطَعَ عَلَيْهِ الْأَجَلَ وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقْتَلْ لَعَاشَ إلَى أَمَدٍ هُوَ أَجَلُهُ الَّذِي عَلِمَ اللَّهُ مَوْتَهُ فِيهِ لَوْلَا الْقَتْلُ
قَوْلُهُ: (الْقَتْلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ) خَصَّ الْقَتْلَ بِالذِّكْرِ، لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَإِلَّا فَالْأَقْسَامُ تَجْرِي فِي الْقَطْعِ وَالْجَرْحِ وَإِزَالَةِ الْمَعْنَى، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ هِيَ أَيْ الْجِنَايَةُ عَلَى الْبَدَنِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُزْهِقَةً لِلرُّوحِ، أَمْ غَيْرَ مُزْهِقَةٍ مِنْ قَطْعٍ وَنَحْوِهِ ثَلَاثَةٌ عَمْدٌ إلَخْ أَيْ لَا رَابِعَ لَهَا بِحُكْمِ الْوُجُودِ وَالْعَقْلِ.
قَوْلُهُ: (وَعَمْدِ خَطَأٍ) بِالْإِضَافَةِ وَيُقَالُ لَهُ شِبْهُ عَمْدٍ، وَخَطَأُ عَمْدٍ وَخَطَأُ شِبْهِ عَمْدٍ وَأَخَّرَهُ عَنْ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ لِأَخْذِهِ شَبَهًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا شَرْحَ م ر.
وَمِنْ الْخَطَأِ مَا لَوْ