بِمَا أَنْفَقَ أَيْ لِلُحُوقِهِ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَنْتَسِبْ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِفَقْدِ الْمَيْلِ بَقِيَ الْأَمْرُ مَوْقُوفًا وَلَوْ انْتَسَبَ إلَى غَيْرِهِمَا وَادَّعَاهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، (وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِنَسَبِهِ (مُتَعَارِضَتَيْنِ سَقَطَتَا فِي الْأَظْهَرِ) وَيُرْجَعُ إلَى قَوْلِ الْقَائِفِ، وَالثَّانِي لَا يَسْقُطَانِ وَتُرَجَّحُ إحْدَاهُمَا الْمُوَافِقُ لَهَا قَوْلُ الْقَائِفِ بِقَوْلِهِ فَمَآلُ الِاثْنَيْنِ لِوَاحِدٍ، وَهُمَا وَجْهَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى قَوْلِ التَّسَاقُطِ فِي التَّعَارُضِ فِي الْأَمْوَالِ، وَلَا يَأْتِي هُنَا مَا فُرِّعَ عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ أَقْوَالِ الْوَقْفِ وَالْقِسْمَةِ وَالْقُرْعَةِ، وَقِيلَ تَأْتِي الْقُرْعَةُ هُنَا وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ تَسَاقَطَتَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَظْهَرِ وَهِيَ أَقْرَبُ.

[كتاب الجعالة]

كِتَابُ الْجِعَالَةِ بِكَسْرِ الْجِيمِ (هِيَ كَقَوْلِهِ مَنْ رَدَّ آبِقِي فَلَهُ كَذَا) أَوْ رُدَّ دَابَّتِي الضَّالَّةَ وَلَك كَذَا وَسَيَأْتِي مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ فَلَهُ كَذَا، وَيُلْحَقُ بِهِ رُدَّ عَبْدَ زَيْدٍ وَلَك كَذَا، وَشَرْطُ الْجَاعِلِ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ. (وَيُشْتَرَطُ) فِيهَا لِتَتَحَقَّقَ (صِيغَةٌ) مِنْ الْجَاعِلِ. (تَدُلُّ عَلَى الْعَمَلِ) بِشَرْطٍ أَوْ طَلَبٍ كَمَا تَقَدَّمَ أَيْ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْعَمَلِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (بِعِوَضٍ مُلْتَزَمٍ) كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الصِّيَغِ وَنَحْوِهَا (فَلَوْ عَمِلَ) الْعَامِلُ (بِلَا إذْنٍ أَوْ أَذِنَ لِشَخْصٍ فَعَمِلَ غَيْرُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ)

ـــــــــــــــــــــــــــــSأَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ فَقْدِهِ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ وَإِنْ نَوَاهُ قَالَهُ. شَيْخُنَا م ر. نَعَمْ قَدْ مَرَّ عَنْهُ فِي اللُّقَطَةِ الِاكْتِفَاءُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ فَرَاجِعْهُ. قَالَ وَلَوْ كَانَ التَّنَازُعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ فَلَا رُجُوعَ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لِفَقْدِ الْمَيْلِ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ لِعِنَادِهِ فَيُؤْمَرُ بِهِ وُجُوبًا وَيُحْبَسُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ) وَقِيَاسُ ذَلِكَ رُجُوعُ الْمُنْفِقِ مِنْهُمَا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مُتَعَارِضَتَيْنِ) كَأَنْ لَمْ يُؤَرِّخَا بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَمَآلُ الِاثْنَيْنِ) أَيْ الْقَوْلَيْنِ أَيْ مَرْجِعُهُمَا وَاحِدٌ فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَهُمَا وَجْهَانِ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَعُذْرُهُ تَبَعِيَّةُ أَصْلِهِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْهُ فَرْعٌ لَوْ أَلْحَقَ نَفْسَهُ بِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ ثُمَّ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالْآخَرِ عُمِلَ بِهِ، وَبَطَلَ الْأَوَّلُ وَإِلْحَاقُ الْبَيِّنَةِ يُقَدَّمُ عَلَى الْقَائِفِ، فَيَبْطُلُ إلْحَاقُهُ لِأَنَّهَا أَقْوَى.

كِتَابُ الْجَعَالَةِ

هِيَ كَالْجُعْلِ وَالْجُعْلِيَّةُ لُغَةً اسْمٌ لِمَا يُجْعَلُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ، وَشَرْعًا الْتِزَامُ عِوَضٍ مَعْلُومٍ عَلَى عَمَلٍ فِيهِ كُلْفَةٌ، وَلَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَأَصْلُهَا مَا رُوِيَ أَنَّ «أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَقَى مَلْدُوغًا بِعَقْرَبٍ بِالْفَاتِحَةِ عَلَى قَطِيعٍ ثَلَاثِينَ رَأْسًا مِنْ الْغَنَمِ وَأَقَرَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ» وَهِيَ كَالْإِجَارَةِ إلَّا فِي أَرْبَعَةِ أُمُورٍ جَوَازُهَا وَصِحَّتُهَا مَعَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَعَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ وَتَوَقُّفُ اسْتِحْقَاقِ الْعِوَضِ فِيهَا عَلَى فَرَاغِ الْعَمَلِ.

وَبَقِيَ أَمْرٌ خَامِسٌ وَهُوَ عَدَمُ قَبُولِ الْعَامِلِ، وَسَادِسٌ وَهُوَ جَهْلُ الْعِوَضِ، وَسَابِعٌ وَهُوَ سُقُوطُ كُلِّ الْعِوَضِ بِفَسْخِ الْعَامِلِ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَهَا بَعْضُهُمْ عَقِبَ الْإِجَارَةِ، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ ذِكْرَهَا هُنَا، لِأَنَّ فِيهَا طَلَبَ ضَائِعٍ كَاللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْجِيمِ) عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ وَجَمْعُهَا جَعَائِلُ. قَوْلُهُ: (هِيَ كَقَوْلِهِ) أَيْ الْمَالِكِ وَلَوْ شَرِيكًا بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ، وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ، كَمَا يَأْتِي وَمِنْ ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ أَرْكَانَهَا أَرْبَعَةٌ أَوْ خَمْسَةٌ وَهِيَ الْعَاقِدُ وَالْعَمَلُ وَالْعِوَضُ وَالصِّيغَةُ. قَوْلُهُ: (أَوْرَدَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى دَفْعِ إيهَامِ الْحَصْرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَهَا صُوَرٌ أَرْبَعٌ لِأَنَّ الْجَاعِلَ إمَّا مَالِكٌ أَوْ غَيْرُهُ وَالْعَامِلُ إمَّا مُعَيَّنٌ أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ. قَوْلُهُ: (مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ) أَيْ صَحِيحَ التَّصَرُّفِ فِيمَا يُجْعَلُ عِوَضًا فَدَخَلَ الْوَلِيُّ وَخَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ وَشَرْطُهُ الِاخْتِيَارُ أَيْضًا لِيَخْرُجَ الْمُكْرَهُ. قَوْلُهُ: (لِتَتَحَقَّقَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا رُكْنٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا تَصِحُّ مُؤَقَّتَةً وَلَا مُعَلَّقَةً وَمِنْهَا إشَارَةُ الْأَخْرَسِ وَالْكِتَابَةُ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَوَافُقُهُمَا، فَلَوْ قَالَ لَهُ: رُدَّ عَبْدِي بِدِينَارٍ؟ فَقَالَ: أَرُدُّهُ بِدِرْهَمٍ ثُمَّ رَدَّهُ فَلَهُ الدِّينَارُ.

قَوْلُهُ: (صِيغَةٌ مِنْ الْجَاعِلِ) فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْعَامِلِ وَلَوْ مُعَيَّنًا، كَمَا يَأْتِي وَلَا تَبْطُلُ بِرَدِّهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. نَعَمْ لَوْ قَالَ لَهُ الْعَامِلُ أَرُدُّ لَك عَبْدَك وَلِي دِينَارٌ. فَقَالَ لَهُ نَعَمْ أَوْ رَدَّهُ كَفَى. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) فَهُوَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَا يَأْتِي هُنَا مَا فُرِّعَ عَلَى مُقَابِلِهِ) مِنْ ثَمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ لَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ تَسْقُطُ فِيهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي إعْمَالِ الْبَيِّنَتَيْنِ إلَّا هَذَا الْمَوْضِعَ، وَمَسْأَلَةُ الشَّكِّ فِي النَّجَاسَةِ وَعِبَارَةُ صَاحِبِ الْعُدَّةِ، إنْ قُلْنَا يُسْتَعْمَلَانِ لَمْ يَحْسُنْ إلَّا الْقَافَةُ، وَلَا شَيْءَ مِنْ الْأَقْوَالِ وَلِذَا قَالَ الْجُرْجَانِيُّ: تَسَاقَطَا قَوْلًا وَاحِدًا وَتَجِيءُ الْقَافَةُ انْتَهَى. فَرْعٌ لَوْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْمُنَازَعَةِ، وَهُوَ يَسْتَلْحِقُهُ رَجَحَتْ بَيِّنَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ أَقْرَبُ) أَيْ أَقْرَبُ إلَى إفَادَةِ أَنَّ الْحُكْمَ وَجْهَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ فِي الْأَمْوَالِ.

[كِتَابُ الْجِعَالَةِ]

ِ قَوْلُهُ: (أَوْ رَدَّ) هُوَ يُفْهَمُ مِنْ مِثَالِ الْمَتْنِ بِالْأَوْلَى، وَقَوْلُهُ وَسَيَأْتِي إلَى آخِرِهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ آبِقِي لَيْسَ بِشَرْطٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صِيغَةٌ) أَيْ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ. فَرْعٌ تَأْقِيتُهَا مُفْسِدٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْعَمَلِ) أَيْ وَلَوْ مَجْهُولًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُلْتَزَمٌ) يُفْهَمُ مِنْ الِالْتِزَامِ اشْتِرَاطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَهُوَ كَذَلِكَ مَا يَأْتِي، وَكَذَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا بِخِلَافِ الدَّمِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِمَا لِأَنَّهَا مُؤَنَّثَةٌ مَعْنَى، لِأَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015