فَصْلٌ إذَا لَمْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ بِرِقٍّ فَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّ غَالِبَ النَّاسِ أَحْرَارٌ. (إلَّا أَنْ يُقِيمَ آخِذٌ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ) فَيُعْمَلُ بِهَا بِشَرْطِهِ الْآتِي

(وَإِنْ أَقَرَّ) وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ (بِهِ) أَيْ بِالرِّقِّ (لِشَخْصٍ فَصَدَّقَهُ قُبِلَ إنْ لَمْ يَسْبِقْ إقْرَارُهُ بِحُرِّيَّةٍ) فَإِنْ سَبَقَ إقْرَارُهُ بِهَا لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ، وَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِهِ أَيْضًا، (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) فِي قَبُولِ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ. (أَنْ لَا يَسْبِقَ) مِنْهُ (تَصَرُّفٌ يَقْتَضِي نُفُوذَهُ) بِالْمُعْجَمَةِ (حُرِّيَّةً كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ بَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ) بَعْدَ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ (فِي أَصْلِ الرِّقِّ وَأَحْكَامِهِ الْمُسْتَقْبَلَةِ) وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ فَيَبْقَى عَلَى أَحْكَامِ الْحُرِّيَّةِ (لَا) الْأَحْكَامِ (الْمَاضِيَةِ الْمُضِرَّةِ بِغَيْرِهِ) أَيْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا. (فِي الْأَظْهَرِ فَلَوْ لَزِمَهُ دَيْنٌ فَأَقَرَّ بِرِقٍّ وَفِي يَدِهِ مَالٌ قُضِيَ مِنْهُ) عَلَى هَذَا وَعَلَى مُقَابِلِهِ لَا يُقْضَى مِنْهُ، وَالْمَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَبْقَى الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْمُقِرِّ، أَمَّا الْأَحْكَامُ الْمَاضِيَةُ الْمُضِرَّةُ بِهِ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا قَطْعًا.

(وَلَوْ ادَّعَى رِقَّهُ مَنْ لَيْسَ فِي يَدِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ يُقْبَلْ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْحُرِّيَّةُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ) كَمَا صَحَّ إسْلَامُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبْلَ بُلُوغِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ إسْلَامَهُ كَانَ قَبْلَ عَامِ الْخَنْدَقِ، وَكَانَتْ الْأَحْكَامُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَنُوطَةً بِالتَّمْيِيزِ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِالْبُلُوغِ بَعْدَهُ، وَقِيلَ إنَّهُ كَانَ قَدْ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ وَقِيلَ إنَّهُ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ) مُعْتَمَدٌ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَصَرَّ رُدَّ إلَيْهِمْ) ظَاهِرُهُ، أَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ فَرَاجِعْهُ فَرْعٌ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ قَبْلَ بُلُوغِهِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَكُونُ خَادِمًا لِأَهْلِهَا.

فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِحُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ وَعَدَمِهَا وَحُكْمِ اسْتِلْحَاقِهِ

قَوْلُهُ (إذَا لَمْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ بِرِقٍّ فَهُوَ حُرٌّ) وَإِنْ ادَّعَى رِقَّهُ لَاقِطُهُ أَوْ غَيْرُهُ. أَوْ وُجِدَ بِدَارِ حَرْبٍ لَيْسَ فِيهَا مُسْلِمٌ، وَلَا ذِمِّيٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يُقِيمَ أَحَدٌ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ) سَوَاءٌ لَاقِطُهُ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (بِشَرْطِهِ الْآتِي) وَهُوَ تَعَرُّضُهَا لِسَبَبِ الْمِلْكِ كَشِرَاءٍ، وَنَحْوِهِ وَلَا يَكْفِي إطْلَاقُ الرِّقِّ لِأَنَّ أَمْرَهُ خَطَرٌ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْأَمْوَالَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَقَرَّ وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ) وَلَوْ سَفِيهًا بِهِ لِشَخْصٍ فَصَدَّقَهُ أَوْ سَكَتَ قُبِلَ إنْ لَمْ يَسْبِقْ إقْرَارُهُ بِحُرِّيَّةٍ، وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِالرِّقِّ لَا لِلْمُدَّعِي وَلَا لِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَذَّبَهُ) أَيْ وَلَمْ يَسْبِقْ مَا ذُكِرَ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِهِ، أَيْ الرِّقِّ وَإِنْ عَادَ الْمُكَذِّبُ وَصَدَّقَهُ لِأَنَّهُ بِتَكْذِيبِهِ ثَبَتَتْ حُرِّيَّتُهُ، وَيَتَعَذَّرُ إسْقَاطُهَا وَلَا لِغَيْرِ الْمُكَذِّبِ لِثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ أَيْضًا بِعَدَمِ إقْرَارِهِ لَهُ فَهُوَ حُرُّ الْأَصْلِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ بِخِلَافِ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ.

فَرْعٌ لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ رِقَّ لَقِيطٍ فَأَنْكَرَ، ثُمَّ اعْتَرَفَ لَهُ بِهِ فَإِنْ قَالَ فِي إنْكَارِهِ لَسْت بِرَقِيقٍ لَك قُبِلَ وَإِنْ قَالَ لَسْت بِرَقِيقٍ أَصْلًا لَمْ يُقْبَلْ. قَوْلُهُ: (قُضِيَ مِنْهُ) فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ فَلِمَنْ أَقَرَّ لَهُ، وَإِنْ فَضَلَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ فَفِي ذِمَّتِهِ وَلَا يُوَفَّى مِنْ كَسْبِهِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الْأَحْكَامُ الْمَاضِيَةُ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ اللَّقِيطُ امْرَأَةً مُتَزَوِّجَةً، وَلَوْ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَرَطَ الْحُرِّيَّةَ، وَإِذَا لَمْ يَنْفَسِخْ سَلِمَتْ لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَإِنْ تَضَرَّرَ السَّيِّدُ وَلَهُ السَّفَرُ بِهَا كَذَلِكَ، وَوَلَدُهَا قَبْلَ إقْرَارِهَا حُرٌّ لِظَنِّهِ حُرِّيَّتَهَا وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ لِلطَّلَاقِ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ لِلْمَوْتِ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَبِطَلَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ يَسْقُطُ الْمُسَمَّى، وَلَا يُطَالِبُهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِشَيْءٍ لِزَعْمِهِ فَسَادَ الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ الْمُسَمَّى وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ أَيْضًا، أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ وَمَتَى كَانَ دَفَعَ لَهَا شَيْئًا مِنْهُ أَجْزَأَهُ وَلَا مُطَالَبَةَ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ بِالرِّقِّ هُوَ الزَّوْجَ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى بَعْدَ الدُّخُولِ وَنِصْفُهُ قَبْلَهُ، وَيُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ الْحَاصِلِ وَالْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي ذِمَّتِهِ.

فَرْعٌ لَوْ جَنَى عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ فَفِي الْعَمْدِ يُقْتَصُّ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا، وَفِي غَيْرِ الْعَمْدِ يُقْضَى مِمَّا فِي يَدِهِ كَالْحَجْرِ بِالْفَلْسِ، وَلِئَلَّا يَتَضَرَّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَالزَّائِدُ عَلَيْهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْبَلْ) لَكِنْ لَا يُنْزَعُ مِنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) يَصِحُّ بِدَلِيلِ قِصَّةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهُوَ قَوِيٌّ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ تَصِحُّ مِنْهُ، فَهَلَّا كَانَ الْإِسْلَامُ كَذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ هَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ نَقْلًا قَوِيٌّ تَوْجِيهًا. قَالَ: وَقَدْ صَحَّحُوا إحْرَامَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِسْلَامِ عَشْرٌ، وَقَوْلُهُ تَصِحُّ مِنْهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلصَّبِيِّ الْمُسْلِمِ لَا لِهَذَا الصَّبِيِّ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ لِيُتَأَمَّلْ.

[فَصْلٌ لَمْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ بِرِقِّ]

فَصْلٌ إذَا لَمْ يُقِرَّ اللَّقِيطُ إلَخْ قَوْلُهُ: (وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ) زَادَ بَعْضُهُمْ الرُّشْدَ بَحْثًا وَقَالَ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ بْنُ سَلَمَةَ فِي قَبُولِ أَصْلِ الْإِقْرَارِ قَوْلَانِ، وَأَصَحُّ الطَّرِيقَيْنِ الْقَطْعُ بِقَبُولِ أَصْلِ الْإِقْرَارِ وَثُبُوتِ حُكْمِ الْأَرِقَّاءِ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُطْلَقًا، وَتَخْصِيصُ الْقَوْلَيْنِ بِأَحْكَامِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَاضِيَةِ فَأَحَدُهُمَا الْقَبُولُ فِي أَحْكَامِهَا أَيْضًا وَأَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ فِيمَا يَضُرُّ غَيْرَهُ وَالْقَبُولُ فِي الَّذِي يَضُرُّ بِهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَحْكَامُهُ الْمُسْتَقْبَلَةُ) أَيْ وَلَوْ ضَرَّتْ الْغَيْرَ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا لَوْ بَاعَ عَيْنًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ أَوْ مِلْكُ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ أَقُولُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015