لَهُ وَلَوْ أَقَرَّهُ فِي يَدِهِ وَاسْتَحْفَظَهُ عَلَيْهِ لِيُعَرِّفَهُ وَهُوَ أَمِينٌ جَازَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا، فَهُوَ مُتَعَدٍّ بِالْإِقْرَارِ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ وَرَدَّهُ إلَيْهِ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (الْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْتِقَاطِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً) لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِالْمِلْكِ وَالتَّصَرُّفِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّبَرُّعِ بِالْحِفْظِ وَالتَّعْرِيفِ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ كَالْحُرِّ أَمَّا الْمُكَاتَبُ كِتَابَةً فَاسِدَةً، فَلَا يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ كَالْقِنِّ وَقِيلَ يَصِحُّ كَذِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ، وَإِذَا صَحَّ الْتِقَاطُ الْمُكَاتَبِ عَرَّفَ وَتَمَلَّكَ
(وَ) الْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْتِقَاطِ. (مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ) وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ حَكَى الرَّافِعِيُّ فِيهِ الطَّرِيقَيْنِ فِي الْمُكَاتَبِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْمَذْهَبُ وَالْمَنْصُوصُ صِحَّةُ الْتِقَاطِهِ (وَهِيَ) أَيْ اللُّقَطَةُ (لَهُ وَلِسَيِّدِهِ) يُعَرِّفَانِهَا وَيَتَمَلَّكَانِهَا بِحَسَبِ الرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةِ كَشَخْصَيْنِ الْتَقَطَا هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ. (فَإِنْ كَانَتْ مُهَايَأَةٌ) أَيْ مُنَاوَبَةٌ (فَلِصَاحِبِ النَّوْبَةِ) اللُّقَطَةُ (فِي الْأَظْهَرِ) فَإِنْ وَقَعَتْ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ عَرَّفَهَا، وَتَمَلَّكَهَا وَإِنْ وَقَعَتْ فِي نَوْبَةِ الْعَبْدِ، عَرَّفَهَا وَتَمَلَّكَ وَالِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ الِالْتِقَاطِ، وَقِيلَ بِوَقْتِ التَّمَلُّكِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي، كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةٌ. (وَكَذَا حُكْمُ سَائِرِ النَّادِرِ) أَيْ بَاقِيهِ (مِنْ الْأَكْسَابِ) كَالْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَالرِّكَازِ (وَ) مِنْ (الْمُؤَنِ) كَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَالْحَجَّامِ، وَعَنْ الدَّوَاءِ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَكْسَابَ لِمَنْ حَصَلَتْ فِي نَوْبَتِهِ، وَالْمُؤَنُ عَلَى مَنْ وُجِدَ سَبَبُهَا فِي نَوْبَتِهِ فِي الْأَظْهَرِ فِيهِمَا، وَمُقَابِلُهُ يَشْتَرِكَانِ فِيهِمَا. (إلَّا أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ فَلَيْسَ عَلَى مَنْ وُجِدَتْ الْجِنَايَةُ فِي نَوْبَتِهِ وَحْدَهُ بَلْ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ جَزْمًا لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ، وَهَذَا الْمُسْتَثْنَى بِتَوْجِيهِهِ مَزِيدٌ فِي الرَّوْضَةِ اسْتِقْلَالًا. وَمَزِيدٌ مَعَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَلَى الشَّرْحِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ يَشْتَرِكَانِ فِي سَائِرِ النَّادِرِ مِنْ الْأَكْسَابِ وَالْمُؤَنِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَكَأَنَّهُ الْتَقَطَ الْآنَ. قَوْلُهُ: (بِالصِّحَّةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (بِالْمَنْعِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَخَذَهُ سَيِّدُهُ) وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ. قَوْلُهُ: (جَازَ) وَيُحْكَمُ بِالِالْتِقَاطِ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ، وَسَوَاءٌ فِي الْإِذْنِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا إلَخْ) فَالضَّمَانُ فِيهِمَا عَلَيْهِمَا فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ فَيَغْرَمُ السَّيِّدُ وَإِنْ هَلَكَ الْعَبْدُ، وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ لَوْ أَفْلَسَ السَّيِّدُ كَمَا لَوْ رَآهُ يُتْلِفُ مَالًا وَلَمْ يَمْنَعْهُ وَلَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَخْذِهَا مِنْهُ، فَلَهُ تَمَلُّكُهَا إنْ بَطَلَ الِالْتِقَاطُ وَإِلَّا فَهِيَ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهَا مِنْ كَسْبِهِ فَلَهُ أَخْذُهَا وَتَعْرِيفُهَا وَيَتَمَلَّكُهَا.
قَوْلُهُ: (وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْتِقَاطِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً) لِاسْتِقْلَالِهِ بِالِاكْتِسَابِ.
قَوْلُهُ: (عَرَّفَ وَتَمَلَّكَ) فَإِنْ عَجَزَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَلُّكِ أَخَذَهَا الْحَاكِمُ لَا السَّيِّدُ وَحَفِظَهَا لِمَالِكِهَا، وَلَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ التَّمَلُّكِ فَبَدَلُهَا فِي كَسْبِهِ وَلَا يُقَدَّمُ مَالِكُهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمِثْلُهُ الْحُرُّ الْمُفْلِسُ وَالْمَيِّتُ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ إلَّا فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَحْدَهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ وَيَكْفِي فِي الْمُشْتَرَكِ إذْنُ أَحَدِ سَيِّدَيْهِ وَمَا الْتَقَطَهُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (عَرَّفَهَا وَتَمَلَّكَهَا) أَيْ إنْ كَانَ قَدْ أَذِنَ لَهُ لِأَنَّهُ فِيهَا كَالْقِنِّ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَعَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ يَعُودُ مَا مَرَّ فِي الرَّقِيقِ وَإِنْ فَرَغَتْ نَوْبَةُ السَّيِّدِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَالِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ الِالْتِقَاطِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِهَا فِي نَوْبَةِ أَيِّهِمَا صُدِّقَ ذُو الْيَدِ فَإِنْ كَانَتْ بِيَدِهِمَا، أَوْ لَا بِيَدِ أَحَدٍ حَلَفَ كُلٌّ وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ تَخَلَّلَتْ نَوْبَةُ السَّيِّدِ فِي مُدَّةِ تَعْرِيفِ الْعَبْدِ أَنَابَ مَنْ يُعَرِّفُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَكْسَابِ) وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِوَقْتِ الْوُجُودِ وَمِنْهَا الصَّدَقَةُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْمُؤَنِ) وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِوَقْتِ الِاحْتِيَاجِ لَا بِوُجُودِ السَّبَبِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَهُوَ مَرْجُوحٌ وَمِنْهَا زَكَاةُ الْفِطْرِ.
قَوْلُهُ: (إلَّا أَرْشَ الْجِنَايَةِ) أَيْ مِنْهُ أَوْ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ
قَوْلُهُ: (وَهَذَا الْمُسْتَثْنَى إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ فِي الشَّرْحِ سَاكِتًا عَنْ الْمُؤَنِ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي وَحْدَهُ وَزَادَهُ مَعَ الْأَوَّلِ فِي الْمِنْهَاجِ أَيْضًا فَقَوْلُهُ عَلَى الشَّرْحِ مُتَعَلِّقٌ بِمَزِيدٍ فِيهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَالْقَوْلُ الثَّانِي) عَلَيْهِ يَأْخُذُهَا الْقَاضِي وَيَحْفَظُهَا دُونَ السَّيِّدِ، لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ. أَقُولُ: هَذَا فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا انْتَزَعَ مِنْ الْعَبْدِ اللُّقَطَةَ صَحَّ الْتِقَاطُهُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلِصَاحِبِ النَّوْبَةِ فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْكَسْبِ النَّادِرِ فِي الْمُهَايَأَةِ، وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُهُ يَشْتَرِكَانِ) أَيْ لِأَنَّ النَّادِرَ لَا يَخْطِرُ بِالذَّهَبِ عِنْدَ تَهَايُئِهِمَا.
قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ عَلَى مَنْ وُجِدَتْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا لَهُ فِيمَا إذَا جَنَى قَالَ: وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْمُؤَنِ وَالْأَكْسَابِ، لَا مِنْ الْمُؤَنِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: (اسْتِقْلَالًا) يَعْنِي زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ الْمُؤَنُ، وَقَوْلُهُ: وَمَزِيدٌ مَعَهُ إلَخْ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ مَا زَادَهُ الْمِنْهَاجُ هُنَا بِقَوْلِهِ قُلْت: كُلُّهُ فِي الشَّرْحِ إلَّا أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَالْمُؤَنِ، فَهُمَا فِي الْمِنْهَاجِ مَزِيدَانِ عَلَى الشَّرْحِ، وَفِي الرَّوْضَةِ زَادَ الْأَرْشَ فَقَطْ هَذَا مُرَادٌ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الرَّوْضَةِ.