وَالْقَنَادِيلِ وَالزُّلَالِيِّ فِي كُلّ عَصْرٍ وَمِنْ الْمَنْقُولِ الْعَبِيدُ وَالدُّولَابُ (وَمَشَاعٍ) وَقَفَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِائَةِ سَهْمٍ مِنْ خَيْبَرَ مَشَاعًا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْمَشَاعُ يَصْدُقُ بِالْمَنْقُولِ كَنِصْفِ عَبْدٍ وَلَا يَسْرِي وَقْفُهُ إلَى النِّصْفِ الْآخَرِ. (لَا عَبْدٍ وَثَوْبٍ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُمَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِ مَا فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْقُولِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ
(وَلَا) يَصِحُّ (وَقْفُ حُرٍّ نَفْسَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ. (وَكَذَا مُسْتَوْلَدَةٌ وَكَلْبٌ مُعَلَّمٌ وَأَحَدُ عَبْدَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ آيِلَةٌ إلَى الْعِتْقِ فَكَأَنَّهَا عَتِيقَةٌ، وَالْكَلْبُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ، وَأَحَدُ الْعَبْدَيْنِ مُبْهَمٌ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهِ يَقِيسُ الْوَقْفَ عَلَى الْعِتْقِ وَفِيمَا قَبْلَهُ يَقِيسُ وَقْفَهُ عَلَى إجَارَتِهِ.
فَرْعٌ: مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الرَّقَبَةِ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ إيَّاهَا (وَلَوْ وَقَفَ بِنَاءً أَوْ غِرَاسًا فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُمَا فَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذْ لِمَالِكِ الْأَرْضِ قَلْعُهُمَا، فَلَا يَدُومُ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا، قُلْنَا يَكْفِي دَوَامُهُ إلَى الْقَلْعِ، بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ قَلَعَ الْبِنَاءَ، وَبَقِيَ مُنْتَفِعًا بِهِ فَهُوَ وَقْفٌ كَمَا كَانَ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فَيَصِيرُ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ، عَلَيْهِ أَوْ يَرْجِعُ إلَى الْوَاقِفِ، وَجْهَانِ وَيُقَاسُ بِالْبِنَاءِ فِي ذَلِكَ الْغِرَاسُ.
(فَإِنْ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَاحِدٍ أَوْ جَمْعٍ اُشْتُرِطَ إمْكَانُ تَمْلِيكِهِ) بِأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا حَالَ الْوَقْفِ فِي الْخَارِجِ أَهْلًا لِلْمِلْكِ. (فَلَا يَصِحُّ عَلَى جَنِينٍ وَلَا عَلَى الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ فَلَوْ أَطْلَقَ الْوَاقِفُ الْوَقْفَ عَلَيْهِ فَهُوَ وَقْفٌ عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (وَمُشَاعٍ) وَلَوْ مَسْجِدًا وَتَجِبُ قِسْمَتُهُ وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ الْمُطْلَقِ لِلضَّرُورَةِ، وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِي حُرْمَةِ الْمُكْثِ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَفِي نَدْبِ التَّحِيَّةِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إكْرَامٌ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِ الِاعْتِكَافُ، وَلَا يَجُوزُ التَّبَاعُدُ فِيهِ عَلَى ثَلَاثمِائَةِ ذِرَاعٍ بَيْنَ الْمُصَلِّينَ.
قَوْلُهُ: (وَقَفَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) وَهُوَ أَوَّلُ وَقْفٍ وُقِفَ فِي الْإِسْلَامِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُسْرِي إلَخْ) وَفَارَقَ الْعِتْقَ بِعَدَمِ مَنْ يَسْرِي عَلَيْهِ هُنَا. قَوْلُهُ: (لَا عَبْدٍ وَثَوْبِ فِي الذِّمَّةِ) فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ فِيهِ وَلَا حَمْلٌ لَكِنْ إذَا وُقِفَتْ أَمَةٌ تَبِعَهَا.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا مُسْتَوْلَدَةٌ) وَمُكَاتِبٌ كِتَابَةً صَحِيحَةً بِخِلَافِ الْفَاسِدَةِ. قَوْلُهُ: (آيِلَةٌ إلَى الْعِتْقِ) أَيْ لُزُومًا فَلَا يَرِدُ نَحْوَ الْمُدَبَّرِ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (عَلَى إجَارَتِهِ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ فِي الْكَلْبِ.
قَوْلُهُ: (لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ إيَّاهَا) ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ يَسْتَدْعِي أَصْلًا تَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتُهُ عَلَى الدَّوَامِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَقَفَ بِنَاءً) وَلَوْ مَسْجِدًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (فِي أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ) وَلَوْ إجَارَةً فَاسِدَةً وَمِنْهَا أَرْضٌ مُحْتَكَرَةٌ لِيَبْنِيَ فِيهَا غَيْرَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا لِذَلِكَ، وَيَصِحُّ فِي الْمُعَارَةِ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبَةِ وَمِنْهَا سَوَاحِلُ الْأَنْهَارِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا فِيهَا، وَمِنْهَا مَا لَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (قُلْنَا يَكْفِي إلَخْ) رُبَّمَا يُوهَمُ تَقْيِيدَ وَقْفِيَّتِهِ بِمُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَسْتَمِرُّ بَعْدَهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ (مُنْتَفَعًا بِهِ) أَيْ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ قَبْلَ الْقَلْعِ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ) وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَصْلًا فَإِنْ أَمْكَنَ بَيْعُهُ بِيعَ وُجُوبًا وَاشْتُرِيَ شِقْصٌ أَوْ بَعْضُهُ مَكَانَهُ وَهَذَا مَا جَمَعَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بَيْنَ التَّنَاقُضِ فِي كَلَامِهِمْ وَيُفْعَلُ بِأَرْشِ نَقْصِهِ كَذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: يَصِحُّ وَقْفُ الْمَنْقُولَاتِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ، خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَابْنِ الرِّفْعَةِ كَالْخَزَائِنِ الْمَوْضُوعَةِ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهَا خَارِجَ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ. وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ الْبِنَاءَ وَنَحْوَهُ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (أَهْلًا لِلْمِلْكِ) أَيْ لِمِلْكِ مَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مُصْحَفٍ أَوْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ عَلَى كَافِرٍ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِحُّ وَقْفُ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى جَنِينٍ) أَيْ اسْتِقْلَالًا أَوْ تَبَعًا كَوَلَدِي وَحَمْلِ زَوْجَتِي، نَعَمْ يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْلِ وَالْعَقِبِ الْأَعْلَى الْأَوْلَادُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا قَبْلَ انْفِصَالِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا عَلَى الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ) وَالْمُرَادُ بِهِ رَقِيقُ غَيْرِهِ، وَأَمَّا رَقِيقُهُ فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَلَوْ مُكَاتِبًا، وَأَمَّ وَلَدٍ نَعَمْ يَصِحُّ عَلَى مَكَاتِبِ غَيْرِهِ، ثُمَّ إنْ عَجَزَ نَفْسُهُ فَمُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ أَوْ قَيَّدَ بِمُدَّةِ الْكِتَابَةِ، كَقَوْلِهِ مُكَاتِبٌ فُلَانٍ أَوْ مُدَّةَ كِتَابَتِهِ فَمُنْقَطِعُ الْآخِرِ وَإِلَّا اسْتَمَرَّ لَهُ وَيُعْتَبَرُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمُبَعَّضِ ذُو النَّوْبَةِ فِي الْمُهَايَأَةِ، وَإِلَّا وُزِّعَ فَإِنْ قَصَدَ الْوَاقِفُ شَيْئًا عُمِلَ بِقَصْدِهِ، وَيَصِحُّ وَقْفُ بَعْضِهِ الرَّقِيقِ عَلَى بَعْضِهِ الْحُرِّ وَكَذَا الْوَصِيَّةُ لَهُ بِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْعٌ: يَصِحُّ عِتْقُ الْحَمْلِ، وَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ تَعَيُّنِ إلَخْ) فَكَانَ كَعِتْقِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ حُرٍّ) أَيْ وَلَوْ قُلْنَا: مِلْكُ الْمَوْقُوفِ لِلْوَاقِفِ، وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا مَلَكَ الْمَنَافِعَ فَقَطْ لَا يَصِحُّ وَقْفُهَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ فَرْعُ الرَّقَبَةِ فَهِيَ تَابِعَةٌ لَهَا. فَلَا يُقَالُ: هَلَّا صَحَّ نَقْلُ مَنَافِعِهَا كَمَا يُؤَجِّرُهَا. قَوْلُهُ: (يَقِيسُ إلَخْ) فَرْقُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْعِتْقَ أَقْوَى بِدَلِيلِ السِّرَايَةِ وَالتَّعْلِيقِ. قَوْلُهُ: (يَقِيسُ وَقْفَهُ إلَخْ) فَعَلَى هَذَا إذَا أُعْتِقَتْ الْمُسْتَوْلَدَةُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ بَطَلَ الْوَقْفُ.
قَوْلُهُ: (لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهَا فَرْعُ الرَّقَبَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا عَلَى الْعَبْدِ) يَصِحُّ لِوَقْفٍ عَلَى مَكَاتِبِ الْغَيْرِ عِنْدَ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَكَذَا عَلَى الْمُبَعَّضِ أَيْ عَلَى النِّصْفِ الْحُرِّ، وَلَوْ وَقَفَ مَالِكُ نِصْفِهِ نِصْفَ الرَّقِيقِ عَلَى النِّصْفِ الْآخَرِ صَحَّ أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَهُوَ وَقْفٌ إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْعَبْدِ.