لِوُجُودِ الْمَاءِ مَعَهُ وَنِسْبَتُهُ فِي إهْمَالِهِ لَهُ حَتَّى نَسِيَهُ أَوْ أَضَلَّهُ إلَى التَّقْصِيرِ، وَالثَّانِي لَا يَقْضِي لِعُذْرِهِ بِالنِّسْيَانِ وَعَدَمِ الْوِجْدَان.

(وَلَوْ أَضَلَّ رَحْلَهُ فِي رِحَالٍ) فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَهُ وَفِيهِ الْمَاءُ (فَلَا يَقْضِي) لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ حَالَ الصَّلَاةِ مَاءٌ، وَقِيلَ فِي قَضَائِهِ الْقَوْلَانِ:

(الثَّانِي) مِنْ الْأَسْبَابِ (أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ) أَيْ الْمَاءِ (لِعَطَشِ) حَيَوَانٍ (مُحْتَرَمٍ) مِنْ نَفْسِهِ أَوْ رَقِيقِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (وَلَوْ) كَانَ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ لِمَا ذُكِرَ (مَآلًا) أَيْ فِي الْمَآلِ أَيْ الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِهِ صِيَانَةً لِلرُّوحِ أَوْ غَيْرِهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي النِّسْيَانِ وَوَجَدَهُ فِي الْإِضْلَالِ قَوْلُهُ: (قَضَى فِي الْأَظْهَرِ) وَمَحَلُّ الْخِلَافِ أَنَّهُ إنْ أَمْعَنَ فِي النَّظَرِ وَإِلَّا قَضَى قَطْعًا. قَوْلُهُ: (لِوُجُودِ الْمَاءِ مَعَهُ) أَيْ حَالَةَ تَيَمُّمِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ تَلِفَ يَقِينًا قَبْلَ تَيَمُّمِهِ فَلَا قَضَاءَ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَقْضِي) أَيْ إنْ أَمْعَنَ فِي النَّظَرِ وَإِلَّا قَضَى قَطْعًا، وَفَارَقَ مَا هُنَا إضْلَالَهُ فِي رَحْلِهِ أَنَّ مُخَيَّمَ الرُّفْقَةِ أَوْسَعُ مِنْ مُخَيَّمِهِ.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: شَأْنُهُ ذَلِكَ وَإِنْ اتَّسَعَ مُخَيَّمُهُ أَوْ ضَاقَ مُخَيَّمُ رُفْقَتِهِ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا خِلَافَهُ تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَأَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ حَالَ الصَّلَاةِ مَاءٌ) أَيْ قَادِرٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ حَالَةَ التَّيَمُّمِ وَعِلْمُهُ بِكَوْنِهِ مَعَهُ قَبْلَ الْإِضْلَالِ لَا يَضُرُّ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَجَ فِي رَحْلِهِ أَوْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ بِئْرٌ هُنَاكَ، أَوْ غُصِبَ مِنْهُ، أَوْ تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ وَإِنْ أَثِمَ بِهِ فِي الْوَقْتِ، أَوْ ضَلَّ عَنْ الرُّفْقَةِ أَوْ الْقَافِلَةِ أَوْ عَنْ الْمَاءِ كَالْبِئْرِ، أَوْ حَالَ نَحْوُ سَبُعٍ، أَوْ عُلِمَ انْتِهَاءُ نَوْبَتِهِ بَعْدَ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ فَلَا قَضَاءَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَاءِ أَوْ فِي ثَمَنِهِ أَوْ آلَتِهِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَيَلْزَمُهُ اسْتِرْدَادُهُ، وَيَصِحُّ قَبْلَ الْوَقْتِ مُطْلَقًا. نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ فِي الْوَقْتِ كَبَيْعٍ بِخِيَارٍ أَوْ هِبَةٍ لِفَرْعِهِ وَجَبَ الْفَسْخُ وَالرُّجُوعُ، وَفَارَقَ مَا هُنَا صِحَّةَ بَيْعِ نَحْوِ عَبْدٍ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِنَحْوِ دَيْنٍ أَوْ كَفَّارَةٍ بِأَنَّ الدُّيُونَ وَالْكَفَّارَاتِ مُتَعَلَّقُهَا الذِّمَّةُ، وَلَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مَحْدُودٌ.

(فَرْعٌ) يَحْرُمُ الْحَدَثُ عَلَى مُتَطَهِّرٍ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مَاءَ مَعَهُ.

قَوْلُهُ: (يَحْتَاجُ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ، وَضَبَطَهُ غَيْرُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ حَاجَةَ غَيْرِ مَنْ هُوَ مَعَهُ وَلَوْ فِي قَافِلَةٍ كَبِيرَةٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ: يَحْرُمُ الْوُضُوءُ فِي رَكْبِ الْحَاجِّ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ عَطْشَانَ، وَقَوَّاهُ ابْنُ حَجَرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ بِقَوْلِهِمْ يُعْتَبَرُ فِي الْعَطَشِ الْمُبِيحِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَرَضِ مَنْقُولُ الْأَطِبَّاءِ، وَالْمُرَادُ بِالِاحْتِيَاجِ وَقْتُ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ فَلَا يَضُرُّ طُرُوءُ عَدَمِ الْحَاجَةِ بَعْدَهُمَا كَحُدُوثِ مَطَرٍ، فَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ أَوْ إلَى بَعْضِهِ وَلَوْ لِمَاءٍ يَكْفِي صَلَاةً وَاحِدَةً وَجَبَ إعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ وُجِدَتْ مَعَ بَقَاءِ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ.

(فَرْعٌ) يَجِبُ جَمْعُ الْمَاءِ بَعْدَ التَّطَهُّرِ بِهِ عَنْ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ لِسَقْيِ دَابَّةٍ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ، وَيَجُوزُ فِي غَيْرِهِمَا، فَلِمَنْ مَعَهُ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ وَطَهُورٌ أَنْ يَشْرَبَ الْمَاءَ الطَّهُورَ وَيَتَيَمَّمَ. قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) أَيْ الْمَاءِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ بِعَوْدِ الضَّمِيرِ إلَى الْمَاءِ أَوْ ثَمَنِهِ أَوْ آلَتِهِ لَا يُنَاسِبُ مَا بَعْدَهُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ التَّكْرَارِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِعَطَشِ) قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِهِ وَلَوْ مَآلًا لِأَنَّ غَيْرَهُ فِيهِ خِلَافٌ تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (رَفِيقُهُ) بِالْفَاءِ وَالْقَافِ بَعْدَ الرَّاءِ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) مِنْ كُلِّ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ وَلَوْ فِي الْقَافِلَةِ كَمَا مَرَّ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْحَاجَةِ لِلْعَطَشِ مَا يَأْتِي فِي خَوْفِ الْمَرَضِ مِنْ قَوْلِ طَبِيبٍ عَدْلٍ عَلَى مَا يَأْتِي، وَمُقْتَضِي ذَلِكَ عَدَمُ جَوَازِهِ وَلَوْ مَعَ مَشَقَّةٍ لَا تَحْتَمِلُ عَادَةً خُصُوصًا مَعَ عَدَمِ وُجُودِ طَبِيبٍ، وَفِي ذَلِكَ مِنْ الْحَرَجِ مَا لَا يَخْفَى، وَمَحَاسِنُ الشَّرِيعَةِ تَأْبَى ذَلِكَ صِيَانَةً لِلرُّوحِ، فَهُوَ كَالِاضْطِرَارِ، وَلِذَلِكَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ التَّلَفِ فَلَا، مَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَاءَ الَّذِي مَعَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلَوْ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ، قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَكَذَا لَوْ بَلَغَ فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ

قَوْلُ الشَّارِحِ: (أَيْ الْمَاءُ) مِثْلُ الْمَاءِ ثَمَنُهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَمْ يَجِدْهُ بَعْدَ الطَّلَبِ) فِي الرَّافِعِيِّ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَجِدْهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْعَدَمُ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا تَحَقَّقَ بَقَاءَهُ وَلَكِنْ الْتَبَسَ عَلَيْهِ وَضَاقَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى الطَّلَبِ إلَى أَنْ يَجِدَهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الِازْدِحَامِ عَلَى الْبِئْرِ انْتَهَى. قُلْت: قَدْ قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ لَوْ عُلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ لَا تَنْتَهِي إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ تَيَمَّمَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَوَجَدَ كَذَا هُوَ فِي الرَّافِعِيِّ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ فِيمَا لَوْ اسْتَمَرَّ عَدَمُ الْوِجْدَانِ وَقَوْلُ الْمَتْنِ قَضَى مُرَادَهُ مَا يَشْمَلُ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ، أَيْ فَالْقَوْلَانِ جَارِيَانِ سَوَاءٌ وَجَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ أَوْ خَارِجَهُ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَخِلَافُهُ بَعِيدٌ جِدًّا.

(تَنْبِيهٌ) قَيَّدَ الْإِسْنَوِيُّ مَحَلَّ الْقَوْلِ فِي الثَّانِيَةِ بِمَا إذَا أَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ نَاقِلًا ذَلِكَ عَنْ تَصْوِيرِ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَقِيلَ فِي قَضَائِهِ الْقَوْلَانِ) مَحَلُّهُ إذَا أَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ مَآلًا) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015