الْعَيْنِ إلَّا التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمُكْتَرِي وَالدَّابَّةِ) فَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَانَتُهُ فِي رُكُوبٍ وَلَا حَمْلٍ. (وَتَنْفَسِخُ إجَارَةُ الْعَيْنِ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ) لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ (وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِعَيْبِهَا) كَأَنْ تَعْثُرَ فِي الْمَشْيِ أَوْ تَعْرُجَ فَتَتَخَلَّفَ عَنْ الْقَافِلَةِ. (وَلَا خِيَارَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) بِعَيْبِ الدَّابَّةِ الْمُحْضَرَةِ. (بَلْ يَلْزَمُهُ الْإِبْدَالُ) وَلَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِهَا (وَالطَّعَامُ الْمَحْمُولُ لِيُؤْكَلَ يُبْدَلُ إذَا أُكِلَ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا يُبْدَلُ وَيَشْتَرِي الْمُكْتَرِي فِي كُلِّ مَنْزِلَةٍ قَدْرَ الْحَاجَةِ، وَلَوْ أَكَلَ بَعْضَهُ أَبْدَلَ فِي الرَّاجِحِ، وَالْخِلَافُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْكُلِّ وَجْهَانِ، وَفِي الْبَعْضِ قَوْلَانِ وَيُقَالُ وَجْهَانِ وَمَحَلُّهُ، إذَا كَانَ يَجِدُ الطَّعَامَ فِي الْمَنَازِلِ الْمُسْتَقْبِلَةِ بِسِعْرِ الْمَنْزِلِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَجِدْهُ أَوْ وَجَدَهُ بِأَعْلَى، فَلَهُ الْإِبْدَالُ قَطْعًا.

[فصل يصح عقد الإجارة مدة تبقى فيها العين غالبا]

فَصْلٌ: يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا فَيُؤَجَّرُ الْعَبْدُ وَالدَّارُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، وَالدَّابَّةُ عَشْرَ سِنِينَ وَالثَّوْبُ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، وَالْأَرْضُ مِائَةَ سَنَةٍ وَأَكْثَرَ. (وَفِي قَوْلٍ لَا يُزَادُ عَلَى سَنَةٍ) لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ إلَى الْإِجَارَةِ بِهَا. (وَفِي قَوْلٍ) عَلَى (ثَلَاثِينَ) سَنَةٍ؛ لِأَنَّهَا نِصْفُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ.

(وَلِلْمُكْتَرِي اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ، فَيَرْكَبُ وَيُسْكِنُ مِثْلَهُ، وَلَا يُسْكِنُ حَدَّادًا وَقِصَارًا) لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ بِدَقِّهِمَا. (وَمَا يَسْتَوْفِي مِنْهُ كَدَارٍ وَدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يُبْدَلُ)

ـــــــــــــــــــــــــــــSفَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ ثَبَتَ الْخِيَارُ. قَوْلُهُ: (إذَا أَكَلَ) فَلَا يَلْزَمُ مَالِكَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ، وَلَا يُطَالِبُهُ الْمُؤَجِّرُ بِالْأَكْلِ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ وَلَا يَبِيعُهُ كَذَلِكَ وَلَا بِأُجْرَةٍ وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِبْدَالِهِ.

تَنْبِيهٌ: مَتَى مَضَى مُدَّةٌ بَعْدَ وُجُوبِ الْإِبْدَالِ فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا مِنْ الْمُسَمَّى إلَى الْفَسْخِ أَوْ فَرَاغِ الْمُدَّةِ.

فَصْلٌ فِي تَقْدِيرِ الْمَنْفَعَةِ بِالزَّمَنِ وَمَا يَتْبَعُهُ قَوْلُهُ: (وَالْأَرْضِ مِائَةَ سَنَةٍ فَأَكْثَرَ) سَوَاءٌ الْأَرْضُ الْوَقْفُ وَالْمِلْكُ إلَّا إنْ خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ وَلَوْ زَادَ فِي الْعَقْدِ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ، وَلَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ نَعَمْ إنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ زِيدَ بِقَدْرِهَا كَمَا مَرَّ، وَالثَّلَاثِينَ فِي الْعَبْدِ مِنْ حِينِ وِلَادَتِهِ وَالْعَشَرَةُ فِي الدَّابَّةِ كَذَلِكَ، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَسْتَقِيمُ وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ الْعُمُرِ الْغَالِبِ فِي الْعَبْدِ بِأَنْ يَكُونَ الثَّلَاثُونَ سَنَةً فِيهِ، وَالْعَشَرَةُ فِي الدَّابَّةِ بِبَقِيَّةِ مَا غَلَبَ بَقَاؤُهُمَا إلَيْهِ، وَلِذَلِكَ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ بَلْ الْمُعْتَبَرُ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ فِيهِ، وَفِي الْخَطِيبِ مِثْلُهُ.

قَوْلُهُ: (بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ) فَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ بِخِلَافِهِ فِي الْمُسْتَوْفِي فِيهِ وَبِهِ، فَيَجُوزُ شَرْطُ مَنْعِ إبْدَالِهِمَا وَيُتَّبَعُ وَفُرِّقَ بِأَنَّ فِي الْأُولَى حَجَرًا؛ لِأَنَّهُ كَمَنْعِ بَيْعِ الْمَبِيعِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسَكِّنُ حَدَّادًا وَلَا قَصَّارًا) حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ عَمَّمَ لَهُ فِي الْمَنْفَعَةِ كَقَوْلِهِ لِتُسَكِّنْ مَنْ شِئْت إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِمَا، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مَا يُصَرِّحُ بِجَوَازِ إسْكَانِهِمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ وَعِبَارَتُهُ قَالَ جَمْعٌ: وَلَوْ قَالَ لِتُسَكِّنْ مَنْ شِئْت جَازَ إسْكَانُ الْحَدَّادِ وَالْقَصَّارِ كَ " ازْرَعْ " مَا شِئْت خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ رُكُوبٍ بِحَمْلٍ وَلَا حَدِيدٍ بِقُطْنٍ وَلَا حَدَّادٍ بِقَصَّارٍ، وَعُكُوسُهَا وَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَتَفَاوَتُ الضَّرَرُ اهـ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مُعَيَّنَةٍ) رَاجِعْ إلَى الدَّابَّةِ إذْ الدَّارُ لَا تَكُونُ إلَّا مُعَيَّنَةً كَمَا مَرَّ وَخَرَجَ مَا فِي الذِّمَّةِ فَيَجِبُ إبْدَالُهُ مَعَ التَّلَفِ أَوْ التَّعَيُّبِ وَيَجُوزُ بِدُونِ ذَلِكَ بِالرِّضَا وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ دُونَ الذِّمَّةِ، وَلَوْ بَعْدَ قَبْضِ الْعَيْنِ كَمَا مَرَّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَنْفَسِخُ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِعَيْبِهَا) أَيْ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ، وَوَجْهُهُ فِي الْحَادِثِ أَنَّهُ قَدِيمٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَنَافِعِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُقْبَضْ بَعْدُ.

فَرْعٌ: لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَاتَ الْخِيَارُ وَلَهُ الْأَرْشُ، ثُمَّ الْخِيَارُ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّهُ يَتَحَدَّدُ بِمُرُورِ الْأَوْقَاتِ لِحُدُوثِ النَّقْصِ بِهَا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَغَلِطَ جَمَاعَةٌ فَقَالُوا: هُوَ عَلَى الْفَوْرِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالطَّعَامُ الْمَحْمُولُ لِيُؤْكَلَ إلَخْ) فَيَنْبَغِي جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْمَتَاعِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِبَيْعِهِ فِي الطَّرِيقِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ. وَأَمَّا الْمَاءُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُبْدَلُ قَطْعًا.

[فَصْلٌ يَصِحّ عَقْد الْإِجَارَة مُدَّة تَبْقَى فِيهَا الْعَيْنُ غَالِبًا]

فَصْلٌ: يَصِحُّ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَبْقَى فِيهَا إلَخْ) أَيْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ إلَيْهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ، فَمَعَهَا يَجُوزُ مُطْلَقًا قَطْعًا، ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي غَايَةِ الْمُدَّةِ وَأَمَّا فِي أَقَلِّهَا، فَإِنْ كَانَ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. وَفِي الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ يَكُونُ مُمْكِنًا فِي الْمُدَّةِ.

فَرْعٌ: إجَارَةُ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ لَا يَكْفِي فِيهَا أَنْ يَقُولَ: كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا بِخِلَافِ سَوَادِ الْعِرَاقِ، فَإِنَّ الَّذِي صَدَرَ مِنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُسْتَثْنًى لِلْمَصْلَحَةِ، وَكَذَا اسْتِئْجَارُ الْإِمَامِ لِلْأَذَانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِكَذَا، وَهَلْ لِلْمُؤَذِّنِ الِامْتِنَاعُ بَعْدَ الْقَبُولِ أَوْ لَا؟ مَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُهُ: (لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَنْوَاعَ الْمَنْفَعَةِ تَتَأَتَّى فِيهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَلَاثِينَ) أَيْ تَقْرِيبًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِلْمُكْتَرِي اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ) وَلَوْ عَيْنًا كَالْمَاءِ وَالْحِبْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُسْكِنُ حَدَّادًا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ قَالَ لَهُ: وَتُسْكِنُ مَنْ شِئْت فِيمَا يَظْهَرُ، لَكِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْجُرْجَانِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ.

فَرْعٌ لَهُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ، دُونَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ، وَالسَّلَمُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ، فَلَوْ قَبَضَ الْعَيْنَ فَلَهُ الِاعْتِيَاضُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ) لَمْ يَقُلْ مُعَيَّنَيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَا تَكُونُ إلَّا مُعَيَّنَةً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015