[فصل لكل من المالك والعامل فسخه أي القراض]

فَصْلٌ: لِكُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ (فَسْخُهُ) أَيْ الْقِرَاضُ مَتَى شَاءَ (وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ انْفَسَخَ) كَالْوَكَالَةِ (وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ الِاسْتِيفَاءُ) لِلدَّيْنِ (إذَا فَسَخَ أَحَدُهُمَا وَتَنْضِيضُ رَأْسِ الْمَالِ إنْ كَانَ) الْمَالُ (عَرَضًا) بِأَنْ يَبِيعَهُ بِنَقْدٍ (وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ التَّنْضِيضُ إنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِيهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ فِي عُهْدَةٍ أَنْ يَرُدَّ الْمَالَ كَمَا أَخَذَ ثُمَّ، مَا اسْتَوْفَاهُ أَوْ نَضَّضَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ، حَصَّلَهُ بِهِ وَتَقْيِيدُ التَّنْضِيضِ بِرَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ حُكْمُ عَرَضٍ مُشْتَرَكٍ فِيهِ، اثْنَانِ لَا يُكَلَّفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، بَيْعُهُ.

(لَوْ) (اسْتَرَدَّ الْمَالِكُ بَعْضَهُ) أَيْ الْمَالِ (قَبْلَ ظُهُورِ رِبْحِ وَخُسْرَانٍ رَجَعَ رَأْسُ الْمَالِ إلَى الْبَاقِي) بَعْدَ الْمُسْتَرَدِّ (وَإِنْ اسْتَرَدَّ بَعْدَ الرِّبْحِ، فَالْمُسْتَرَدُّ شَائِعٌ رِبْحًا وَرَأْسَ مَالٍ) عَلَى النِّسْبَةِ الْحَاصِلَةِ لَهُ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا (مِثَالُ رَأْسِ الْمَالِ مِائَةٌ وَالرِّبْحُ عِشْرُونَ وَاسْتَرَدَّ عِشْرِينَ فَالرِّبْحُ سُدُسُ الْمَالِ) جَمِيعُهُ (فَيَكُونُ الْمُسْتَرَدُّ سُدُسُهُ) بِالرَّفْعِ (مِنْ الرِّبْحِ) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ (فَيَسْتَقِرُّ لِلْعَامِلِ الْمَشْرُوطُ مِنْهُ) وَهُوَ وَاحِدٌ وَثُلُثَانِ، إنْ شُرِطَ لَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ، حَتَّى لَوْ عَادَ مَا فِي يَده إلَى ثَمَانِينَ، لَمْ يَسْقُطْ مَا اسْتَقَرَّ لَهُ. (وَبَاقِيه) أَيْ الْمُسْتَرَدُّ وَهُوَ سِتَّةُ عَشَرَ وَثُلُثَانِ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) فَيَعُودُ إلَى ثَلَاثَةٍ وَثَمَانِينَ وَثُلُثٍ. (وَإِنْ اسْتَرَدَّ بَعْدَ الْخُسْرَانِ، فَالْخُسْرَانُ مُوَزَّعٌ عَلَى الْمُسْتَرَدِّ، وَالْبَاقِي فَلَا يَلْزَمُ جَبْرُ حِصَّةِ الْمُسْتَرَدِّ، لَوْ رَبِحَ بَعْدَ ذَلِكَ. مِثَالُهُ الْمَالُ مِائَةٌ وَالْخُسْرَانُ عِشْرُونَ ثُمَّ اسْتَرَدَّ عِشْرِينَ فَرُبْعُ الْعِشْرِينَ) بِالْخُسْرَانِ. (حِصَّةُ الْمُسْتَرَدِّ) مِنْهُ فَكَأَنَّهُ اسْتَرَدَّ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ. (وَيَعُودُ رَأْسُ الْمَالِ إلَى خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ) فَلَوْ بَلَغَ ثَمَانِينَ قُسِمَتْ الْخَمْسَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إنْ شَرَطَ الْمُنَاصَفَةَ

(وَيُصَدَّقُ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَرْبَحْ) شَيْئًا (أَوْ لَمْ أَرْبَحْ إلَّا كَذَا) .

ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ فِي بَيَانِ كَوْنِ عَقْدِ الْقِرَاضِ جَائِزًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ مِنْ حَيْثُ الْقِرَاضُ، وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَالِكِ) وَمِنْ فَسْخِهِ أَنْ يَقُولَ لِلْعَامِلِ لَا تَتَصَرَّفْ، وَإِعْتَاقُهُ وَاسْتِيلَادُهُ وَاسْتِرْدَادُهُ الْمَالَ، وَمِنْهُ لَا قِرَاضَ بَيْنَنَا كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الْمَالِكَ فَلِلْعَامِلِ أَنْ يَبِيعَ وَيَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ، وَلَوْ مَاتَ الْعَامِلُ، لَمْ يَتَصَرَّفْ وَارِثُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَإِنْ امْتَنَعَ فَبِأَمِينٍ حَاكِمٍ، وَلَا يَبِيعُ الْعَامِلُ هُنَا إلَّا بِنَقْدِ الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ) أَيْ إنْ طَلَبَ الْمَالِكُ، أَوْ كَانَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ، وَيَجُوزُ إنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَالِكُ وَيَمْتَنِعُ إنْ مَنَعَهُ، وَيُعْمَلُ بِتَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ فِي الْعُرُوضِ وَلَوْ تَرَكَ الْعَامِلُ حَقَّهُ لِيَخْلُصَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ الْمَالِكَ الْقَبُولُ، وَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يُعْطِيَ لِلْعَامِلِ حِصَّتَهُ نَاضًّا أُجِيبَ فَإِنْ تَوَقَّعُوا رِبْحًا أُجِيبَ الْعَامِلُ. قَوْلُهُ: (لِلدَّيْنِ) أَيْ لِجَمِيعِهِ، وَلَوْ الرِّبْحَ أَوْ لَمْ يَكُنْ رِبْحًا. قَوْلُهُ: (إذَا فَسَخَ) أَوْ انْفَسَخَ بِجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ وَلِوَلِيِّهِمَا تَقْرِيرُ الْقِرَاضِ مَعَ الْعَامِلِ، وَلَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ تَقْرِيرُ وَرَثَةِ الْعَامِلِ عَلَى الْقِرَاضِ بَلْ وَلَا يَصِحُّ إلَّا إنْ كَانَ الْمَالُ نَاضًّا؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ قِرَاضٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الزَّائِدَ إلَخْ) نَعَمْ إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِانْفِرَادِهِ، وَجَبَ بَيْعُ الْكُلِّ، وَلَوْ طَلَبَ الْمَالِكُ قِيمَتَهُ عُرُوضًا أُجِيبَ، أَوْ طَلَبَ الْقِيمَةَ وَلَا رَاغِبَ فَكَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (شَائِعٌ) أَيْ إنْ أُخِذَ بِغَيْرِ رِضَا الْعَامِلِ أَوْ بِهِ، وَلَمْ يُصَرِّحَا بِأَنَّهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ الرِّبْحِ وَإِلَّا اخْتَصَّ بِمَا خَصَّصَاهُ بِهِ، وَنِيَّتُهُمَا إنْ اتَّفَقَتْ كَالتَّصْرِيحِ، وَإِلَّا فَكَالْأَخْذِ بِلَا إذْنٍ وَيَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِمَّا فِي يَدِهِ عَلَى الْإِشَاعَةِ فِيمَا إذَا خَصَّصَاهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمَالِكِ فِيمَا أَخَذَهُ بِلَا رِضًا، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ الْعَامِلُ بِالظُّهُورِ، وَعَلَى الْإِشَاعَةِ تَكُونُ حِصَّتُهُ لِلْعَامِلِ قَرْضًا عَلَى الْمَالِكِ وَقِيلَ هِبَةً قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعَلَى كَوْنِهِ قَرْضًا أَوْ هِبَةً. فَفِي مَنْعِ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيَسْتَقِرُّ لِلْعَامِلِ إلَخْ) وَلَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِأَخْذِهِ مِمَّا فِي يَدِهِ كَمَا اسْتَقَلَّ الْمَالِكُ بِالْأَخْذِ وَفَارَقَ الشَّرِيكَ بِمَنْعِهِ مِنْ الْأَخْذِ مِنْ الْمُشْتَرَكِ ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ: (فَيَعُودُ) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (الْخُسْرَانُ) مِنْهُ رِخَصٌ وَعَيْبٌ وَتَلَفٌ بِآفَةٍ أَوْ شِبْهُ غَصْبٍ وَتَعَذُّرُ أَخْذِ بَدَلِهِ أَوْ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَيْسَ مِنْهُ رُجُوعُ النَّقْدِ إلَى مِقْدَارٍ قَلِيلٍ وَلَوْ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ.

قَوْلُهُ: (وَيُصَدَّقُ الْعَامِلُ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يُقِرَّ قَبْلَهُ بِمَا يُخَالِفُ دَعْوَاهُ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا لَكِنْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمَالِكِ، وَلَا يَخْرُجُ الْعَامِلُ بِذَلِكَ عَنْ أَمَانَتِهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ فَسْخُهُ أَيْ الْقِرَاضُ]

فَصْلٌ: لِكُلٍّ فَسْخُهُ إلَخْ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ) قَالَ الرَّافِعِيُّ يُطْلَبُ الْمَالِكُ، لَكِنْ ذَكَرَهُ فِي التَّنْضِيضِ وَالِاسْتِيفَاءُ مِثْلُهُ.

تَنْبِيهٌ: عَلَّلَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ مِلْكًا تَامًّا فَلْيَرُدَّهُ كَمَا أَخَذَهُ، وَالدَّيْنُ مِلْكٌ نَاقِصٌ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَسْتَوْفِي قَدْرَ رَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ كَالتَّنْضِيضِ، لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ بِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي الْجَمِيعَ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمِنْهَاجِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) اقْتَضَى أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ وَاجِبٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ إلَخْ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِ غَيْرِهِ لِئَلَّا نُوجِبَ عَلَيْهِ عَمَلًا بِلَا مُقَابِلٍ.

قَوْلُهُ: (فَيَعُودُ إلَخْ) أَيْ وَيَكُونُ حِصَّةُ الْعَامِلِ الَّتِي اسْتَقَرَّتْ فِي جُمْلَةِ الْعِشْرِينَ الَّتِي أَخَذَهَا الْمَالِكُ يَأْخُذُهَا مِنْهَا، أَوْ مِمَّا فِي يَدِهِ هَذَا مُرَادُهُ فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ فِي كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ قَالَ: إنَّ حِصَّةَ الْعَامِلِ تَكُونُ فِي الَّذِي اسْتَرَدَّهُ الْمَالِكُ إنْ بَقِيَ، وَفِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ إنْ تَلِفَ. قَالَ: وَكَلَامُ الْبَسِيطِ يُفْهِمُ أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِ الْعَامِلِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا الْمَشْرُوطُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015