فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَقَعْ مَا زَادَ عَنْ جِهَةِ الْقِرَاضِ

(وَلَا) يَشْتَرِي (مَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمَالِكِ) مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ (بِغَيْرِ إذْنِهِ وَكَذَا زَوْجُهُ) لَا يَشْتَرِيه، بِغَيْرِ إذْنِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ فَعَلَ) أَيْ اشْتَرَى الْقَرِيبَ أَوْ الزَّوْجَ (لَمْ يَقَعْ لِلْمَالِكِ) لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِتَفْوِيتِ الْمَالِ، أَوْ انْفِسَاخِ النِّكَاحِ. (وَيَقَعُ) الشِّرَاءُ (لِلْعَامِلِ أَنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ) فَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ بَطَلَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الرُّوحِ يُنْظَرُ إلَى تَوَقُّعِ الرِّبْحِ فِي شِرَائِهِ وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الْأُنْثَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء: 90]

(وَلَا يُسَافِرُ بِالْمَالِ بِلَا إذْنٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ وَالتَّعْرِيضِ لِلتَّلَفِ، فَلَوْ سَافَرَ بِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ ضَمِنَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَإِذَا سَافَرَ بِالْإِذْنِ لَمْ يَجُزْ سَفَرُهُ فِي الْبَحْرِ إلَّا بِنَصٍّ عَلَيْهِ وَمُرَادُهُ الْمِلْحُ.

(وَلَا يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ حَضَرًا وَكَذَا سَفَرًا فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ لَهُ نَصِيبًا مِنْ الرِّبْحِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا آخَرَ، وَالثَّانِي يُنْفِقُ مِنْهُ مَا يَزِيدُ بِسَبَبِ السَّفَرِ، كَالْخُفِّ وَالْإِدَاوَةِ قَالَ: فِي الرَّوْضَةِ وَزِيَادَةِ النَّفَقَةِ وَاللِّبَاسِ وَالْكِرَاءِ وَنَحْوِهَا. اهـ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ، وَيُحْسَبُ مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ انْقَطَعَ بِالسَّفَرِ عَنْ التَّكَسُّبِ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ فَهُوَ خُسْرَانٌ لِحَقِّ الْمَالِ وَلَوْ شَرَطَ نَفَقَةَ السَّفَرِ فِي الْعَقْدِ صَحَّ عَلَى الثَّانِي، وَفَسَدَ عَلَى الْأَوَّلِ كَشَرْطِ نَفَقَةِ الْحَضَرِ. (وَعَلَيْهِ فِعْلُ مَا يُعْتَادُ كَطَيِّ الثَّوْبِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ (وَوَزْنُ الْخَفِيفِ) بِالرَّفْعِ (كَذَهَبٍ وَمِسْكٍ لَا الْأَمْتِعَةِ الثَّقِيلَةِ) فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَزْنُهَا (وَنَحْوُهُ) بِالرَّفْعِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ أَيْ نَحْوُ وَزْنِهَا، كَحَمْلِهَا وَنَقْلِهَا مِنْ الْخَانِ إلَى الْحَانُوتِ

(وَمَا لَا يَلْزَمُهُ لَهُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ) مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَلَوْ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ، فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَمَا يَلْزَمُهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْ فِعْلِهِ فَالْأُجْرَةُ مِنْ مَالِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الذِّمَّةِ، وَفُعِلَ وَقَعَ الْكُلُّ لِلْقِرَاضِ وَالزَّائِدُ قَرْضٌ عَلَى الْمَالِكِ، فَلَا يَصِحُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ فَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِمَالِ الْقِرَاضِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ آخَرَ، فَالثَّانِي بَاطِلٌ لِلْقِرَاضِ وَيَقَعُ لِلْعَامِلِ إنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الشِّرَاءُ الْأَوَّلُ بِالْعَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ دَفْعَهُ لَهُ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ لَا، وَإِذَا سَلَّمَ الْمَالَ فِي ثَمَنِ الثَّانِي صَارَ ضَامِنًا لَهُ وَإِذَا تَلِفَ حِينَئِذٍ انْفَسَخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمَالِكِ دَفْعُهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ وَعَلَى الْعَامِلِ مِثْلُهُ فَإِنْ سَلَّمَ الْعَامِلُ مِنْ مَالِهِ الْمِثْلَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ حَصَلَ التَّقَاصُّ، وَإِلَّا بَرِئَ الْمَالِكُ وَبَقِيَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ لِلْمَالِكِ وَالْعَبْدُ الْأَوَّلُ مَالُ قِرَاضٍ نَعَمْ إنْ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلثَّانِي فِي زَمَنِ خِيَارِ الْأَوَّلِ لَهُ أَوْ لَهُمَا صَحَّ وَكَانَ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ فَتَدَبَّرْ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَقَعْ مَا زَادَ عَنْ جِهَةِ الْقِرَاضِ) وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ غَيْرَ ذَلِكَ نَحْوَ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ أَوْ مُسْتَوْلَدَتِهِ وَبِيعَتْ لِنَحْوِ رَهْنٍ، فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ كَأَصْلِهِ وَفُرُوعِهِ لَكَانَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِهِ) فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ عَتَقَ عَلَى الْمَالِكِ، وَيَرْجِعُ رَأْسُ الْمَالِ لِمَا بَقِيَ إنْ كَانَ وَإِلَّا بَطَلَ الْقِرَاضُ، فَإِنْ كَانَ رِبْحٌ اسْتَقَرَّ لِلْعَامِلِ عَلَى الْمَالِكِ حِصَّتُهُ مِنْهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَالِكُ عَبْدًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، وَخَرَجَ بِالْمَالِكِ الْعَامِلُ، فَلَهُ شِرَاءُ زَوْجِهِ وَمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ وَكَذَا إنْ كَانَ عَلَى مَا فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا خِلَافُهُ وَالْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ مِلْكِ الْعَامِلِ لِحِصَّتِهِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ اشْتَرَى) جَاهِلًا كَانَ أَوْ عَالِمًا كَمَا مَرَّ وَفَارَقَ الْوَكِيلُ بِغَرَضِ الرِّبْحِ هُنَا. قَوْلُهُ (لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِتَفْوِيتِ الْمَالِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ شِرَائِهِ لَوْ كَانَ ذِمِّيًّا لِمُصْحَفٍ وَنَحْوِهِ قَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لِلْقِرَاضِ وَلَا مِلْكَ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ.

قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ) وَلَهُ الْبَيْعُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ إلَيْهِ بِمِثْلِ قِيمَةِ الْبَلَدِ الْمَأْذُونِ فِيهِ أَوْ دُونَهَا بِقَدْرٍ يُتَسَامَحُ بِهِ وَيَسْتَمِرُّ مَا قَبَضَهُ مِنْ الثَّمَنِ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَعُودَ إلَى الْبَلَدِ الْأَوَّلِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا بِنَصٍّ عَلَيْهِ) أَوْ عَلَى مَحَلٍّ لَا يَصِلُهُ إلَّا بِالسَّفَرِ فِيهِ وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بِهِ الْأَنْهَارَ الْعَظِيمَةَ، وَلَا يَجُوزُ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ وَلَوْ مَعَ الْإِذْنِ إلَّا إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُنْفِقُ) الْأَوْلَى يُمَوِّنُ لِيَشْمَلَ غَيْرَ النَّفَقَةِ أَوْ الْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ الْمُؤْنَةُ، وَخَالَفَ الْإِمَامُ مَالِكٌ فَجَوَّزَ النَّفَقَةَ وَالصَّدَقَةَ عَلَى الْعَادَةِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَهُ إلَخْ) لَعَلَّ شَأْنَهُ ذَلِكَ فَيَدْخُلُ مَا لَوْ لَمْ يَرْبَحْ أَوْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مَا يَزِيدُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ قَدْرَ نَفَقَةِ الْحَضَرِ مَمْنُوعَةٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ إلَخْ) أَيْ عَلَى الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (وَفَسَدَ عَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) عَطْفًا عَلَى فِعْلٍ فَالْوَزْنُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِهِ الْعَادَةُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَصَرِيحُ مَا فِي الْمَنْهَجِ خِلَافُهُ، فَيَكُونُ مَجْرُورًا عَطْفًا عَلَى طَيِّ وَإِنَّمَا فَعَلَ الشَّارِحُ مَا ذُكِرَ لِيَصِحَّ ضَبْطُ الْمُصَنِّفِ نَحْوَهُ بِالرَّفْعِ الْمَعْطُوفَ عَلَى الْأَمْتِعَةِ الْمَرْفُوعَةِ بِالنِّيَابَةِ عَنْ وَزْنٍ الْمُضَافِ إلَيْهَا الْمُقْتَضِي أَنَّ وَزْنَهَا لَيْسَ عَلَيْهِ، وَإِنْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَحَمْلِ الْأَمْتِعَةِ مِنْ السُّوقِ إلَى الْحَانُوتِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَيَصِحُّ الْجَرُّ فِيهَا أَيْضًا.

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ) وَيَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا، إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ بِهَا مِثْلَ قِيمَةِ الْبَلْدَةِ الْمَأْذُونِ فِيهَا أَوْ أَقَلَّ، بِقَدْرٍ يُتَسَامَحُ بِهِ، وَإِذَا قَبَضَ الثَّمَرَ اسْتَمَرَّ فِي ضَمَانِهِ، وَلَوْ عَادَ إلَى الْبَلْدَةِ الْأُولَى.

قَوْلُهُ: (انْقَطَعَ إلَخْ) أَيْ فَأَشْبَهَ الزَّوْجَةَ، وَعَلَيْهِ لَوْ قَامَ فِي بَلَدٍ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ يَتَوَقَّعُ الرِّبْحَ أَنْفَقَ وَلَوْ طَالَ. وَإِذَا رَجَعَ وَمَعَهُ فَضْلُ زَادٍ أَوْ مَاءٍ وَجَبَ رَدُّهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015