أَوْ دَنَانِيرَ خَالِصَةً، فَلَا يَجُوزُ عَلَى تِبْرٍ وَحُلِيٍّ وَمَغْشُوشٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ. (وَعُرُوضٍ) وَفُلُوسٍ وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى الْمَغْشُوشِ الرَّائِجِ وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى الْفُلُوسِ (وَمَعْلُومًا) فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَجْهُولِ الْقَدْرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ أَوْ الصِّفَةِ. (مُعَيَّنًا وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ) الْمُتَسَاوِيَتَيْنِ فِي الْقَدْرِ، وَالصِّفَةِ كَأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَلْفًا صِحَاحًا، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَعَلَى هَذَا يَتَصَرَّفُ الْعَالِمُ فِي أَيِّهِمَا شَاءَ، فَيَتَعَيَّنُ لِلْقِرَاضِ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا، لَوْ قَارَضَ عَلَى دَرَاهِمَ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ عَيَّنَهَا فِي الْمَجْلِسِ قَطَعَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ بِجَوَازِهِ، كَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ بِالْمَنْعِ وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ جَازَ، وَفِي التَّهْذِيبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَارِضَهُ عَلَى دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ ذِمَّةِ غَيْرِهِ.
(وَمُسْلَمًا إلَى الْعَامِلِ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ كَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِ الْمَالِكِ) يُوَفِّي مِنْهُ ثَمَنَ مَا اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ.
(وَلَا) شَرْطَ (عَمَلِهِ مَعَهُ) ؛ لِأَنَّ انْقِسَامَ التَّصَرُّفِ يُفْضِي إلَى انْقِسَامِ الْيَدِ. (وَيَجُوزُ شَرْطُ عَمَلِ غُلَامِ الْمَالِكِ مَعَهُ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا كَشَرْطِ عَمَلِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ يَدَ عَبْدِهِ يَدُهُ، وَفُرِقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ فَجُعِلَ عَمَلُهُ تَبَعًا لِلْمَالِكِ بِخِلَافِ السَّيِّدِ، نَعَمْ إنْ ضَمَّ إلَى عَمَلِهِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَوْ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ الْعَامِلُ، دُونَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ قَطْعًا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ مَعْلُومًا بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ الْوَصْفِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا فَسَدَ الْعَقْدُ.
(وَوَظِيفَةُ الْعَامِلِ التِّجَارَةُ وَتَوَابِعُهَا، كَنَشْرِ الثِّيَابِ وَطَيِّهَا) وَذَرْعِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي أَنَّهُ عَلَيْهِ (فَلَوْ قَارَضَهُ لِيَشْتَرِيَ حِنْطَةً فَيَطْحَنَ وَيَخْبِزَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSسَنَةً. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ أَقَرَّهُ بَعْدَ الْبَعْثَةِ كَذَا قَبْلُ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ مُقَارِضًا؛ لِأَنَّ خَدِيجَةَ لَمْ تَدْفَعْ لَهُ مَالًا، وَإِنَّمَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّصَرُّفِ عَنْهَا، فَهُوَ كَالْوَكِيلِ بِجَعْلٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ دَنَانِيرَ) هِيَ مَانِعَةُ خُلُوٍّ. قَوْلُهُ: (خَالِصَةً) وَإِنْ أَبْطَلَهَا السُّلْطَانُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَّا إنْ عَزَّ وُجُودُهَا أَوْ خِيفَ عِزُّهُ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَجُوزُ عَلَى تِبْرٍ) هُوَ اسْمٌ لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَبْلَ ضَرْبِهِمَا أَوْ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ وَالْمُرَادُ الْأَعَمُّ.
قَوْلُهُ: (وَمَغْشُوشٍ) أَيْ غَيْرِ مُسْتَهْلَكٍ غِشُّهُ وَإِلَّا جَازَ كَمَا فِي دَرَاهِمِ مِصْرَ وَالْمُرَادُ بِاسْتِهْلَاكِهِ أَنْ لَا يَحْصُلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِعَرْضِهَا عَلَى النَّارِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ بَحْثٌ قَوِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَفُلُوسٍ) عَطْفٌ خَاصٌّ لِلْخِلَافِ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْعُرُوضِ. قَوْلُهُ: (مَجْهُولِ الْقَدْرِ) خَصَّهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ مَجْهُولَ الصِّفَةِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَيَشْمَلُ مَجْهُولَ النَّوْعِ أَوْ الْجِنْسِ أَيْضًا، أَوْ هُوَ مَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى وَلَا يَكْفِي لَوْ عُيِّنَ فِي الْمَجْلِسِ، وَمَا يَأْتِي عَنْ الْقَاضِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا عُلِمَ فِيهِ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ التَّشْبِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى إحْدَى الصُّرَّتَيْنِ) فَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَفُهِمَ مِنْ قَيْدِ التَّسَاوِي عَدَمُ الصِّحَّةِ قَطْعًا فِي غَيْرِهِ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِيهَا مَا لَمْ تُعَيَّنْ الْمُرَادَةُ مِنْهُمَا فِي الْمَجْلِسِ، وَالْأَصَحُّ فِيهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ وَهِيَ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ مَعْلُومَةُ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ كَمَا فِي الصُّرَّتَيْنِ. قَوْلُهُ: (بِجَوَازِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ) يُحْمَلُ عَلَى مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ ذِمَّةِ الْعَامِلِ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ أَجْنَبِيٍّ بِأَنْ كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِمَا لِلْمَالِكِ فَلَا يَصِحُّ فِيهِمَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَإِنْ عُيِّنَ فِي الْمَجْلِسِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ بِكَوْنِ الْمَالِكِ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَعْيِينِ مَا فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ وَبِذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَهُ وَمِنْ الدَّيْنِ الْمَنْفَعَةُ، فَلَا يَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَيْهَا، وَلَوْ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ كَأَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ دَارًا مَثَلًا لَيُؤَجِّرَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَمَا زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ يَكُنْ بَيْنَهُمَا.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمَشَاعَ كَأَنْ يَخْلِطَ أَلْفَيْنِ لَهُ بِأَلْفٍ لِآخَرَ، وَيُشَارِكَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَيُقَارِضَهُ عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ جَائِزٌ وَيَتَصَرَّفَانِ فِي الثُّلُثَيْنِ، وَيَنْفَرِدُ الْعَامِلُ بِالثُّلُثِ، وَلَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ، وَلَهُ نِصْفُ رِبْحِ أَحَدِهِمَا، وَثُلُثُ رِبْحِ الْآخَرِ صَحَّ إنْ عَيَّنَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
قَوْلُهُ: (وَمُسْلِمًا إلَخْ) وَلَوْ بَعْدَ مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَقَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ لَيْسَ شَرْطًا، فَيَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَى مَغْصُوبٍ، وَلَوْ مِنْ الْغَاصِبِ وَعَلَى وَدِيعَةٍ مِنْ الْوَدِيعِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا بِشَرْطِ عَمَلِهِ مَعَهُ) وَلَا بِشَرْطِ مُرَاجَعَةِ الْمَالِكِ، وَلَا جَعْلِ شَخْصٍ مُشْرِفًا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ يَدَ عَبْدِهِ كَيَدِهِ) فَلَا يَصِحُّ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، وَيَصِحُّ عَلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُفَرَّقُ وَكَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَمْلُوكِ وَمِثْلُهُ دَابَّتُهُ وَكَذَا الْحُرُّ الْمُسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ لِلْمَالِكِ وَيَجُوزُ شَرْطُ نَفَقَتِهِمْ عَلَى الْعَامِلِ، وَيُتَّبَعُ فِيهَا الْعُرْفُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيرُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا م ر تَبِعَ فِيهِ ابْنَ حَجَرٍ وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ اعْتِمَادُ خِلَافِهِ.
قَوْلُهُ: (لِيَشْتَرِيَ حِنْطَةً إلَخْ) فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْعَامِلُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، لَمْ يَفْسُدْ الْقِرَاضُ وَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِ وَيَصِيرُ ضَامِنًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ دَنَانِيرَ) أَوْ هُمَا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَى الْمَغْشُوشِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: هُوَ الَّذِي قَوِيَ عِنْدِي أَنْ أُفْتِيَ وَأَحْكُمَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى مَنْعِهِ، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ الْآنَ كَمَا دَعَتْ إلَى أَصْلِ الْقِرَاضِ فَسَاغَ. قَوْلُ: (فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَجْهُولِ الْقَدْرِ) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ جَهَالَةُ قَدْرِ الرِّبْحِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ انْقِسَامَ التَّصَرُّفِ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا تَوْجِيهَ صِحَّةِ تَفَرُّعٍ قَوْلُهُ: وَلَا عَمَلِهِ مَعَهُ، عَلَى قَوْلِهِ: وَمُسْلَمًا إلَى الْعَامِلِ دَفْعًا لِمَا قِيلَ: اسْتِقْلَالُ الْعَامِلِ بِالتَّصَرُّفِ شَرْطٌ مُسْتَقِلٌّ، لَيْسَ مُتَفَرِّعًا عَلَى كَوْنِ الْمَالِ مُسْلَمًا إلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (غُلَامِ الْمَالِكِ) أَيْ الرَّقِيقِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَوَظِيفَةُ الْعَامِلِ إلَخْ) أَيْ فَكُلُّ مَا هُوَ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، بَلْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَمَا لَيْسَ عَلَيْهِ لَوْ تَبَرَّعَ بِفِعْلِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، فَمِنْ الثَّانِي وَزْنُ الْأَمْتِعَةِ الثَّقِيلَةِ، وَنَقْلُ الْمَتَاعِ إلَى الْحَانُوتِ وَالنِّدَاءُ عَلَيْهِ، وَمِنْ الْأَوَّلِ حِفْظُهُ وَالنَّوْمُ عَلَيْهِ فِي السَّفَرِ، وَوَزْنُ الْأَشْيَاءِ الْخَفِيفَةِ.