فَصْلُ تُضْمَنُ نَفْسَ الرَّقِيقِ بِقِيمَتِهِ

بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ (تَلِفَ) بِالْقَتْلِ (أَوْ أُتْلِفَ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ (وَ) تُضْمَنُ (أَبْعَاضُهُ الَّتِي لَا يَتَقَدَّرُ أَرْشُهَا مِنْ الْحُرِّ) كَالْبَكَارَةِ (بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) تَلِفَتْ أَوْ أُتْلِفَتْ، (وَكَذَا الْمُقَدَّرَةُ) كَالْيَدِ تُضْمَنُ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ (إنْ تَلِفَتْ) بِآفَةٍ، (وَإِنْ أُتْلِفَتْ) بِجِنَايَةٍ (فَكَذَا فِي الْقَدِيمِ) تُضْمَنُ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ، (وَعَلَى الْجَدِيدِ تَتَقَدَّرُ مِنْ الرَّقِيقِ، وَالْقِيمَةُ فِيهِ كَالدِّيَةِ فِي الْحُرِّ، فَفِي يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ) وَلَوْ

ـــــــــــــــــــــــــــــSشَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ) أَيْ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ وَقْتِ وَضْعِ يَدِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْعَارِيَّةِ) وَالسَّوْمِ وَالْهِبَةِ وَإِنْ كَانَتْ أَمَانَةً، وَالْقَرْضِ وَالْبَيْعِ وَاللُّقَطَةِ بَعْدَ التَّمَلُّكِ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَهُ أَمَانَةٌ.

قَوْلُهُ: (ضَمَانُ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ إلَخْ) أَيْ بِأَقْصَى الْقِيَمِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ إنَّمَا تُضْمَنُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ. نَعَمْ لَوْ غَرِمَ لِلْغَاصِبِ أُجْرَةً رَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ انْتَفَعَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ أَبْرَأَ الْمَالِكَ الثَّانِيَ بَرِئَ الْأَوَّلُ وَلَا عَكْسُ. قَوْلُهُ: (كَوَدِيعَةٍ) وَقِرَاضٍ وَلَوْ قَتَلَهُ مَصُولٌ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَالضَّمَانُ وَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ.

قَوْلُهُ: (وَمَتَى أَتْلَفَ الْآخِذُ) وَكَذَا لَوْ تَلِفَ بِتَقْصِيرِهِ كَوَدِيعَةٍ قَصَّرَ فِيهَا قَوْلُهُ: (وَإِنْ حَمَلَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ غَرَضٌ، وَإِلَّا كَذَبْحِ شَاةٍ وَقَطْعِ ثَوْبٍ، فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَيَضْمَنُ الذَّابِحُ وَالْقَاطِعُ أَرْشَ الذَّبْحِ وَالْقَطْعِ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ قَدَّمَ لَهُ طَعَامًا) أَيْ لَمْ يَفْعَلْ فِيهِ فِعْلًا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآكِلِ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَقُلْ: هُوَ مِلْكِي وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ مَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَلَوْ قَدَّمَهُ الْغَاصِبُ لِرَقِيقٍ وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَأَكَلَهُ تَعَلَّقَ الْغُرْمُ بِرَقَبَتِهِ فَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ فِي قِيمَتِهِ إذَا غَرِقَ، أَوْ قَدَّمَهُ لِبَهِيمَةِ الْغَيْرِ رَجَعَ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ بِإِذْنِهِ وَإِلَّا فَلَا.

قَوْلُهُ: (قَدَّمَهُ) لَيْسَ قَيْدًا، وَالْمُرَادُ بِهَيْئَتِهِ الَّتِي غَصَبَهُ عَلَيْهَا أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بَرِئَ الْغَاصِبُ) وَيَبْرَأُ أَيْضًا بِرَدِّهِ لِمُسْتَأْجِرٍ وَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَعِيرٍ حَيْثُ غَصَبَهُ مِنْهُمْ كَمَا مَرَّ، وَبِدَفْعِ الدَّرَاهِمِ لِمَالِكِهِ وَلَوْ لِيَشْتَرِيَ لِلْغَاصِبِ بِهَا شَيْئًا، وَبِإِعَارَتِهِ لِمَالِكِهَا، وَإِقْرَاضِهِ لَهُ وَبَيْعِهِ لَهُ وَلَوْ جَاهِلًا فِي ذَلِكَ، وَبِوَضْعِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِهِ وَعِلْمِهِ أَنَّهُ لَهُ، وَبِرَدِّهِ إلَى الْإِصْطَبْلِ مَعَ عِلْمِ الْمَالِكِ وَلَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ، وَبِوُقُوعِ عِتْقِهِ عَنْهُ وَلَوْ بِأَمْرِ الْغَاصِبِ، وَلَوْ مَعَ جَهْلِهِ. نَعَمْ إنْ قَالَ لَهُ الْغَاصِبُ: أَعْتِقْهُ عَنِّي فَفَعَلَ وَقَعَ عَنْ الْغَاصِبِ، وَهُوَ بَيْعٌ إنْ ذَكَرَ عِوَضًا وَإِلَّا فَهِبَةٌ. وَلَا يَبْرَأُ بِإِجَارَتِهِ لِلْمَالِكِ، وَلَا بِإِيدَاعِهِ لَهُ، وَلَا بِتَزْوِيجِهِ لَهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إلَّا إنْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ، وَلَوْ بِمُقَارَضَتِهِ لَهُ، وَلَا بِرَهْنٍ لَهُ لِعَدَمِ التَّسَلُّطِ التَّامِّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَوْ اقْتَصَّ الْمَالِكُ مِنْ الْمَغْصُوبِ أَوْ مِنْ قَاتِلِهِ بَرِئَ الْغَاصِبُ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ قَبْلَ الْغَصْبِ وَإِلَّا فَلَا، وَوَارِثُ الْمَالِكِ مِثْلَهُ وَلَوْ قَتَلَهُ الْمَالِكُ لِصِيَالِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْغَصْبِ لَمْ يَبْرَأْ الْغَاصِبُ كَمَا مَرَّ.

فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يُضْمَنُ بِهِ الْمَغْصُوبُ وَغَيْرُهُ

قَوْلُهُ: (بِقِيمَتِهِ) أَيْ يَوْمَ التَّلَفِ فِي غَيْرِ الْمَغْصُوبِ، وَبِالْأَقْصَى فِيهِ.

قَوْلُهُ: (بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ) وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ. قَوْلُهُ: (أَوْ أُتْلِفَ) بِإِتْلَافٍ أَوْ بِدُونِهِ.

قَوْلُهُ: (عَادِيَةٍ) أَيْ ضَامِنَةٍ وَلَوْ بِغَيْرِ غَصْبٍ.

قَوْلُهُ: (كَالْبَكَارَةِ) وَإِنْ زَالَتْ بِغَيْرِ الْوَطْءِ، وَيَجِبُ مَعَهَا فِي الْوَطْءِ مَهْرُ ثَيِّبٍ.

قَوْلُهُ: (بِمَا نَقَصَ إلَخْ) وَإِنْ زَادَ عَلَى مُقَدَّرٍ عُضْوُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ فَلَا غُرْمَ.

قَوْلُهُ: (إنْ تَلِفَتْ بِآفَةٍ) فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَى هَذَا الْقَدِيمِ الْمَرْجُوعِ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ، كَمَا لَوْ سَقَطَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ.

قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ قَطَعَهَا الْمَالِكُ أَوْ عَبْدُهُ لَمْ يَلْزَمْ الْغَاصِبَ إلَّا مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَكَذَا لَوْ قُطِعَتْ فِي نَحْوِ قِصَاصٍ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَهَا أَجْنَبِيٌّ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ، وَعَلَى الْغَاصِبِ الزَّائِدُ وَهُوَ طَرِيقٌ فِي ضَمَانِ النِّصْفِ أَيْضًا، وَاللُّزُومُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلُ تُضْمَنُ نَفْسُ الرَّقِيقِ بِقِيمَتِهِ]

فَصْلُ: تَضَمُّنِ نَفْسِ الرَّقِيقِ إلَخْ قَوْلُهُ: (بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ) خَالَفَتْ الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ، وَخَالَفَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ فَجَعَلَ كُلَّ مُتَقَوِّمٍ يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ، وَحُجَّتُنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ فِي ضَمَانِ الْآدَمِيِّ لِشَرَفِهِ، وَضَمَانُ الْأَحْرَارِ يَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ. قَوْلُهُ: (عَادِيَةٍ) هِيَ تَأْنِيثُ عَادٍ بِمَعْنَى مُتَعَدٍّ، وَلَوْ قَالَ: ضَامِنَةٍ بَدَلَ عَادِيَةٍ لَشَمِلَ نَحْوَ الْمُسْتَعِيرِ، وَلَكِنَّ الْبَابَ مَعْقُودٌ لِلْيَدِ الْعَادِيَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَا نَقَصَ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ تَلِفَتْ) ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ بِالْآفَةِ لَا يَجِبُ فِيهِ قِصَاصٌ وَلَا كَفَّارَةٌ، وَلَا يُضْرَبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَكَانَ كَالْأَمْوَالِ.

قَوْلُهُ: (بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ كَالْبَهِيمَةِ بِجَامِعِ الْأَمْوَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَلَى الْجَدِيدِ) وَجْهُهُ أَنَّهُ أَشْبَهَ الْحُرَّ فِي التَّكَالِيفِ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَحْكَامِ كَإِيجَابِ الْقِصَاصِ، وَالْفِطْرَةِ وَالتَّحْلِيلِ، وَالْحُدُودِ، وَوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي قَتْلِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015