عُلْوِهِ) أَيْ شَخْصٍ (وَسُفْلِ غَيْرِهِ كَجِدَارَيْنِ مِلْكَيْنِ فَيَنْظُرُ أَيُمْكِنُ إحْدَاثُهُ بَعْدَ الْعُلْوِ) بِأَنْ يَكُونَ السَّقْفُ عَالِيًا فَيَثْقُبُ وَسَطَ الْجِدَارِ وَتُوضَعُ رُءُوسُ الْجُذُوعِ فِي الثَّقْبِ وَيُسْقَفُ (فَيَكُونُ فِي يَدِهِمَا) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ (أَوْ لَا) يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ بَعْدَ الْعُلْوِ كَالْأَزَجِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ عَقْدُهُ عَلَى وَسَطِ الْجِدَارِ بَعْدَ امْتِدَادِهِ فِي الْعُلْوِ (فَلِصَاحِبِ السُّفْلِ) يَكُونُ لِاتِّصَالِهِ بِبِنَائِهِ، وَالْعُلْوُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ اللَّامِ وَمِثْلُهُ السُّفْلُ. .
بَابُ الْحَوَالَةِ هِيَ أَنْ تُحِيلَ مَنْ لَهُ عَلَيْكَ دَيْنٌ عَلَى مَنْ لَك عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَتَقُولُ: أَحَلْتُكَ بِعَشْرَتِكَ عَلَيَّ عَلَى فُلَانٍ بِعَشْرَتِي عَلَيْهِ فَيَقُولُ احْتَلْت
وَالْأَصْلُ فِيهَا حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» . وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ: «وَإِذَا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَحْتَلْ» . وَأُتْبِعَ بِسُكُونِ التَّاءِ أُحِيلَ فَلْيَتْبَعْ بِسُكُونِهَا فَلْيَحْتَلْ (يَشْتَرِطُ لَهَا) لِتَصِحَّ (رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ) ؛ لِأَنَّهُمَا عَاقِدَاهَا فَهِيَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فِي الْأَصَحِّ جَوَّزَهَا الشَّارِعُ لِلْحَاجَةِ (لَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSبَابُ الْحَوَالَةِ بِفَتْحِ الْحَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا، لُغَةً: التَّحْوِيلُ وَالِانْتِقَالُ، وَتُقَالُ لِمَا بِهِ حَوْلٌ أَيْ قُوَّةٌ لِمَا بَيْنَ الْحَرَكَةِ وَالْقُوَّةِ مِنْ الْمُلَازَمَةِ، وَشَرْعًا عَقْدٌ يَقْتَضِي انْتِقَالَ دَيْنٍ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى أُخْرَى، وَتُطْلَقُ عَلَى نَفْسِ الِانْتِقَالِ وَتَعْبِيرُ بَعْضِهِمْ بِنَقْلِ دَيْنٍ إلَخْ. لَا يُنَاسِبُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ، إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِأَنَّ النَّقْلَ سَبَبٌ لَهُ فَهِيَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ
، فَهِيَ رُخْصَةٌ وَذُكِرَتْ عَقِبَ الصُّلْحِ لِمَا فِيهَا مِنْ قَطْعِ النِّزَاعِ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَتُسْتَحَبُّ عَلَى مَلِيءٍ لَيْسَ فِي مَالِهِ شُبْهَةٌ، وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِسْنَادِ إلَى جُمْلَةِ الْمُخَاطَبِ فَلَا تَصِحُّ مَعَ الْإِضَافَةِ إلَى جُزْئِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعِشْ بِدُونِهِ، وَقُصِدَ بِهِ الْجُمْلَةُ قَالَهُ شَيْخُنَا. وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَالَهُ فِي الْبَيْعِ مَعَ أَنَّهَا مِنْهُ فَلْيُرَاجَعْ وَلَا تَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَإِنْ نَوَاهَا وَلَا تَدْخُلُهَا الْإِقَالَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهَا كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَلَا يَدْخُلُهَا خِيَارٌ.
قَوْلُهُ: (هِيَ أَنْ تُحِيلَ إلَخْ) عَدَلَ عَنْ التَّعْرِيفِ إلَى التَّصْوِيرِ لِيُلَائِمَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (أَحَلْتُكَ) وَمِثْلُهُ أَتْبَعْتُكَ أَوْ مَلَّكْتُكَ أَوْ نَقَلْت حَقَّكَ أَوْ جَعَلْت حَقَّكَ إلَى فُلَانٍ، أَوْ حَقِّي عَلَيْهِ لَكَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يُشْتَرَطُ فِي الصَّرَاحَةِ أَنْ يَقُولَ: بِحَقِّك عَلَيَّ إلَخْ. مُرَادُهُ صَرِيحٌ لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ كَمَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ. قَوْلُهُ: (مَطْلُ) هُوَ إطَالَةُ الْمُدَافَعَةِ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ، فَهُوَ حِينَئِذٍ كَبِيرَةٌ مُفَسِّقٌ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالظُّلْمِ فِي الْحَدِيثِ وَدُونُهَا حَرَامٌ غَيْرُ مُفَسِّقٍ. قَوْلُهُ: (مَلِيءٍ) هُوَ بِالْهَمْزِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. قَوْلُهُ: (بِسُكُونِهَا) وَجَوَّزَ ابْنُ حَجَرٍ تَشْدِيدَهَا وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ خِلَافُ الصَّوَابِ وَمُقْتَضَى الْحَدِيثِ، وُجُوبُهَا، وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: بِنَدْبِهَا أَوْ جَوَازِهَا قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ خُرُوجَهَا عَنْ الْمُعَاوَضَاتِ يَقْتَضِي عَدَمَ قِيَاسِهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: صَرَفَهَا عَنْ الْوُجُوبِ وُرُودُهَا بَعْدَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يُشْتَرَطُ إلَخْ) فَالرِّضَا لَيْسَ رُكْنًا وَإِنَّمَا الرُّكْنُ الصِّيغَةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ مَعَ اعْتِبَارِ الصِّيغَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الدَّالَّ غَيْرُ الْمَدْلُولِ وَإِنْ تَلَازَمَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا) أَيْ الْمُحِيلُ وَالْمُحْتَالُ فَهُمَا رُكْنَانِ، وَإِنْ اتَّحَدَا فِي الْخَارِجِ كَإِحَالَةِ الْوَلِيِّ نَفْسَهُ عَلَى طِفْلِهِ وَعُكِسَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُحِيلَ الْوَلِيَّ عَلَى دَيْنِ مَحْجُورِهِ لِمَصْلَحَةٍ، وَأَنْ يَحْتَالَ بِهِ عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ فَإِنْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ بَطَلَتْ، وَعُلِمَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْتَالَ وَلِيٌّ بِدَيْنِ مَحْجُورِهِ مِنْ وَلِيٍّ عَلَى دَيْنِ مَحْجُورِهِ مَعَ الْمَصْلَحَةِ، وَنَاظِرُ الْوَقْفِ كَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُحِيلَ الْوَلِيُّ أَحَدَ طِفْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ.
قَوْلُهُ: (فَهِيَ بَيْعٌ) وَلَا تَصِحُّ بِلَفْظِهِ كَمَا مَرَّ نَظَرًا لِقَوْلِ الِاسْتِيفَاءِ، وَمِنْ هَذَا وَمَا مَرَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي تَعْبِيرِهِ بِالْجُذُوعِ إفَادَةُ أَنَّ الْوَاحِدَ وَنَحْوَهُ لَا يُؤَثِّرُ بِالْأَوْلَى، وَكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُرَجَّحُ بِالْجَمْعِ مِنْهَا دُونَ الْوَاحِدِ.
[بَابُ الْحَوَالَةِ]
ِ قَوْلُهُ: (فَتَقُولُ أَحَلْتُكَ) أَيْ جَعَلْتُك مُحْتَالًا أَيْ مُنْتَقِلًا. قَوْلُهُ: (جَوَّزَهَا الشَّارِعُ) يُرِيدُ أَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ