مِنْ عَشْرَةٍ حَالَّةٍ عَلَى خَمْسَةٍ مُؤَجَّلَةٍ بَرِئَ مِنْ خَمْسَةٍ وَبَقِيَتْ خَمْسَةٌ حَالَّةٌ) ؛ لِأَنَّ إلْحَاقَ الْأَجَلِ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ، بِخِلَافِ إسْقَاطِ بَعْضِ الدَّيْنِ (وَلَوْ عَكَسَ) أَيْ صَالَحَ مِنْ عَشْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ عَلَى خَمْسَةٍ حَالَّةٍ (لَغَا) الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْخَمْسَةَ فِي مُقَابَلَةِ حُلُولِ الْبَاقِي، وَهُوَ لَا يَحِلُّ فَلَا يَصِحُّ التَّرْكُ.
(النَّوْعُ الثَّانِي الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ فَيَبْطُلُ إنْ جَرَى عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعِي) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعِي كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ دَارًا فَيُنْكِرَ ثُمَّ يَتَصَالَحَا عَلَى ثَوْبٍ أَوْ دَيْنٍ اهـ.
وَكَانَ نُسْخَةُ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْمُحَرَّرِ عَيْنٌ بِالنُّونِ فَعَبَّرَ عَنْهَا بِالنَّفْسِ وَلَمْ يُلَاحِظْ مُوَافَقَةَ مَا فِي الشَّرْحِ. فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ (وَكَذَا إنْ جَرَى) الصُّلْحُ (عَلَى بَعْضِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَصِحُّ لِلتَّوَافُقِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْبَعْضِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا وَتَصَالَحَا عَلَى بَعْضِهِ فَإِنْ تَصَالَحَا عَنْ أَلْفٍ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا أَوْ خَمْسِمِائَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَهُوَ: لَوْ تَصَادَقَ مُتَعَامِلَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ شَيْئًا، عَلَى ظَنِّ صِحَّةِ الْمُعَامَلَةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ فَسَادُهَا بَطَلَ التَّصَادُقُ، فَإِنْ قَالَ: وَلَا دَعْوَى وَلَا نِسْيَانَ وَلَا جَهْلَ، ثُمَّ ادَّعَى الْجَهْلَ أَوْ النِّسْيَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِلَّا قُبِلَ.
قَوْلُهُ: (لَغَا الصُّلْحُ) نَعَمْ. إنْ صَرَّحَ مَعَ ذَلِكَ بِالْإِبْرَاءِ صَحَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (الْإِنْكَارِ) مِثْلُهُ السُّكُوتُ وَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الْإِنْكَارِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ بَعْدَ الصُّلْحِ. قَوْلُهُ: (فَيَبْطُلُ إلَخْ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فِي غَيْرِ الْكِتَابَةِ، وَالْوَصِيَّةِ وَالْخُلْعِ وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الصُّلْحِ لَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا، فَإِنْ صَالَحَ حِينَئِذٍ صَحَّ، وَلَوْ قَالَ لَهُ بَعْدَ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ: بَرِئْت مِنْ الدَّيْنِ أَوْ أَبْرَأْتُكَ مِنْهُ، أَوْ مَلَّكْتُكَ الْعَيْنَ فَلَهُ الْعَوْدُ إلَى الدَّعْوَى بِذَلِكَ، وَلَا يُؤَاخَذُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ لِبِنَائِهِ عَلَى فَاسِدٍ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا فَقَالَ: رَدَدْتُهَا إلَيْك ثُمَّ صَالَحَهُ فَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ مَضْمُونَةً صَحَّ الصُّلْحُ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ بَذَلَ لِلْمُنْكِرِ مَالًا لِيُقِرَّ فَأَقَرَّ فَصَالَحَهُ، فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَا يَكُونُ مُقِرًّا بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَكَانَ نُسْخَةُ إلَخْ) هَذَا لَا يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ عَنْ الْمُحَرَّرِ، كَالْمِنْهَاجِ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: وَنُسْخَةُ الْمُحَرَّرِ غَيْرُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ فَاشْتَبَهَتْ الرَّاءُ بِالنُّونِ، فَتَوَهَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا عَيْنٌ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَالنُّونِ فَعَبَّرَ عَنْهَا بِالنَّفْسِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَهُمَا) أَيْ مَسْأَلَةُ النَّفْسِ، وَمَسْأَلَةُ الْغَيْرِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ مَسْأَلَتَانِ، حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ الْبُطْلَانُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ: إنَّ الصَّوَابَ فِي عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ غَيْرُ لِيُوَافِقَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَغَايَتُهُ أَنَّ الْبُطْلَانَ فِي مَسْأَلَةِ النَّفْسِ لِأَمْرَيْنِ: الْإِنْكَارُ، وَفَسَادُ الصِّيغَةِ بِاتِّحَادِ الْمُصَالَحِ بِهِ، وَعَنْهُ وَإِنْ أَمْكَنَ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا بِمَا مَرَّ، وَإِنَّ الْبُطْلَانَ فِي مَسْأَلَةِ الْغَيْرِ لِلْإِنْكَارِ فَقَطْ لِلنَّهْيِ عَنْهُ كَمَا مَرَّ.؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي صَادِقًا فَقَدْ لَزِمَ بِتَحْرِيمِ مُدَّعَاهُ الْحَلَالَ لَهُ، قَهْرًا عَلَيْهِ أَوْ كَانَ كَاذِبًا فَقَدْ أَحَلَّ لَهُ أَخْذَ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ، بِبَيْعِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ أَيْضًا كَذَلِكَ، وَالْمُدَّعِي كَالظَّافِرِ إنْ كَانَ صَادِقًا لَا يُقَالُ الصُّلْحُ الْجَائِزُ بِالْإِقْرَارِ مُشْتَمِلٌ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَالتَّحْلِيلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ بِالرِّضَا حِينَئِذٍ بِالرِّضَا كَالْبَيْعِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا إلَخْ) هَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا إلَخْ. الشَّامِلُ لِلْعَيْنِ وَالدَّيْنِ كَمَا أَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَصِحُّ التَّعْجِيلُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ) خَالَفَنَا فِيهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، وَتَمَسَّكَ أَئِمَّتُنَا بِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِ الْمُدَّعِي يَبِيعُ مَالًا يَمْلِكُهُ، وَيَشْتَرِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا يَمْلِكُ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوْ صَالَحَ عَنْ خُلْعٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ كِتَابَةٍ مَعَ الْإِنْكَارِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ لِعَدَمِ الْمِلْكِ، وَلَا يَجُوزُ لِكَفِّ الْأَذَى؛ لِأَنَّهُ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ وَلَا لِلْإِعْفَاءِ مِنْ الْيَمِينِ لِمَا ذُكِرَ، إذْ الدَّعْوَى وَالْيَمِينُ لَا يُقَابَلَانِ بِالْمَالِ، وَلِأَنَّهُ مُحَرِّمٌ لِلْحَلَالِ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي صَادِقًا لِيُحَرِّمَ الْمُدَّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ مُحَلِّلٌ لِلْحَرَامِ إنْ كَانَ كَاذِبًا بِأَخْذِهِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ. قَوْلُهُ: (حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ) أَيْ وَهُوَ الْبُطْلَانُ، وَيَكُونُ صُورَةُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَنَّهُ أَنْكَرَ ثُمَّ دَفَعَ الدَّارَ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ، فَهُوَ بَاطِلٌ لِسَبْقِ الْإِنْكَارِ وَفَسَادِ الصِّيغَةِ لَكِنْ عَلَى هَذَا التَّصْوِيرِ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ خِلَافُ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ، وَقَوْلُهُ فِيهَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْبَعْضِ يُفِيدُ الْبَعْضَ الَّذِي أَخَذَهُ هَذَا وَالْبَعْضَ الَّذِي أَخَذَهُ هَذَا، فَإِنَّهُمَا بِعَقْدِ الصُّلْحِ قَدْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ كُلًّا يَسْتَحِقُّ مَا أَخَذَهُ غَيْرُهُ، إذْ جِهَةُ الِاسْتِحْقَاقِ مُخْتَلِفَةٌ هَذَا يَزْعُمُ أَصَالَةَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْآخَرُ يَزْعُمُ طَرِيقَ الْهِبَةِ. قَوْلُهُ: (لِلتَّوَافُقِ إلَخْ) عِبَارَةُ السُّبْكِيّ قَالَ الْقَفَّالُ: يَصِحُّ وَيُجْعَلُ الْمُدَّعِي، وَاهِبًا لِلنِّصْفِ إنْ كَانَ صَادِقًا وَمَوْهُوبًا لَهُ إنْ كَانَ كَاذِبًا وَلَا يُبَالِي بِالِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ اهـ.
وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الدَّافِعِ وَهُوَ أَعْنِي الدَّافِعَ يَقُولُ: إنَّمَا بَذَلْت النِّصْفَ لِدَفْعِ الْأَذَى حَتَّى لَا يَرْفَعَنِي إلَى الْقَاضِي، وَلَا يُقِيمَ عَلَيَّ شَهَادَةَ زُورٍ، وَالْبَذْلُ هَكَذَا بَاطِلٌ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ جَزْمًا) أَيْ؛ لِأَنَّ إيرَادَ الْهِبَةِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ