الْمُدَّعَاةِ) كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا أَوْ حِصَّةً مِنْهَا فَأَقَرَّ لَهُ بِهَا وَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ (فَهُوَ بَيْعٌ) لِلْمُدَّعَاةِ (بِلَفْظِ الصُّلْحِ تَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُهُ) أَيْ الْبَيْعِ (كَالشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَمَنْعِ تَصَرُّفِهِ) فِي الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ (قَبْلَ قَبْضِهِ وَاشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ إنْ اتَّفَقَا) أَيْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ (فِي عِلَّةِ الرِّبَا) وَاشْتِرَاطِ التَّسَاوِي فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ إنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ أَمْوَالِ الرِّبَا، وَجَرَيَانِ التَّحَالُفِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ (أَوْ) جَرَى الصُّلْحُ (عَلَى مَنْفَعَةٍ) فِي دَارٍ مَثَلًا مُدَّةً مَعْلُومَةً (فَإِجَارَةٌ) لِمَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ بِالْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ (تَثْبُتُ أَحْكَامُهَا) أَيْ الْإِجَارَةِ فِي ذَلِكَ (أَوْ) جَرَى الصُّلْحُ (عَلَى بَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ) كَنِصْفِهَا (فَهِبَةٌ لِبَعْضِهَا) الْبَاقِي (لِصَاحِبِ الْيَدِ) عَلَيْهَا (فَتَثْبُتُ أَحْكَامُهَا) أَيْ الْهِبَةِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ وَمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِهِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ لِلْبَعْضِ الْمَتْرُوكِ (وَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ) لَهُ لِعَدَمِ الثَّمَنِ (وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ بِلَفْظِ الصُّلْحِ) كَصَالَحْتُكَ مِنْ الدَّارِ عَلَى نِصْفِهَا. وَالثَّانِي قَالَ الصُّلْحُ يَتَضَمَّنُ الْمُعَاوَضَةَ وَلَا عِوَضَ هُنَا لِلْمَتْرُوكِ وَالْأَوَّلُ قَالَ وُجِدَتْ خَاصِّيَّةَ لَفْظِ الصُّلْحِ وَهِيَ سَبْقُ الْخُصُومَةِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْهِبَةِ لِلْمَتْرُوكِ (وَلَوْ قَالَ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خُصُومَةٍ صَالِحْنِي عَنْ دَارِكَ بِكَذَا) فَأَجَابَهُ (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ لَا يُطْلَقُ إلَّا إذَا سَبَقَتْ خُصُومَةٌ.
وَالثَّانِي يُمْنَعُ ذَلِكَ وَيُصَحَّحُ الْعَقْدُ تَتِمَّةٌ وَلَوْ صَالَحَ مِنْ عَيْنٍ عَلَى دَيْنٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ بَيْعٌ أَوْ عَبْدٌ أَوْ ثَوْبٌ مَثَلًا مَوْصُوفٌ بِصِفَةِ السَّلَمِ فَظَاهِرٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ أَقْسَامِهِ الصُّلْحَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْكُفَّارِ كَمَا فِي الْهُدْنَةِ وَالْأَمَانِ، وَبَيْنَ الْإِمَامِ وَالْبُغَاةِ كَمَا فِي بَابِهِمْ وَبَيْنَ الزَّوْجَيْنِ كَمَا فِي الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَى عَيْنٍ) أَيْ حَقِيقَتِهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ لَا مَا قَابَلَ الْمَنْفَعَةَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ.
فَرْعٌ يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ مَنْفَعَةٍ، نَحْوِ الْكَلْبِ، وَعَنْ نَحْوِ السِّرْجِينِ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ إسْقَاطِ حَقِّهِ، لَا فِي مُقَابَلَةِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ. قَوْلُهُ: (فَأَقَرَّ) وَمِثْلُ الْإِقْرَارِ الْحُجَّةُ وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ. قَوْلُهُ: (فِي الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ) وَكَذَا فِي الْمُصَالَحِ عَنْهُ، وَلَوْ ذَكَرَهُ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (لِمَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ إلَخْ) فَهِيَ إجَارَةٌ لِغَيْرِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ بِهَا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي، وَقَصَرَهُ الشَّارِحُ عَلَى هَذِهِ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ مِنْ لَفْظِ عَلَى وَإِلَّا فَعَكْسُهَا كَذَلِكَ كَأَنْ يُصَالِحَ بِعَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ عَلَى سُكْنَى الدَّارِ الْمُدَّعَى بِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَهِيَ إجَارَةُ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ بِغَيْرِهَا مِنْ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ) وَنَحْوِهَا كَالتَّمْلِيكِ، وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ لَفْظِ الصُّلْحِ كَمَا هُوَ الْمُقْسَمُ، كَأَنْ يَقُولَ: وَهَبْتُكَ نِصْفَهَا وَصَالَحْتُكَ عَلَى الْبَاقِي. فَلَوْ قَالَ: وَهَبْتُكَ نِصْفَهَا عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي بَاقِيهَا فَسَدَ الصُّلْحُ قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا يَفْسُدُ لَوْ سَكَتَ عَنْ لَفْظِ وَصَالَحْتُكَ وَاقْتَصَرَ عَلَى وَهَبْتُكَ نِصْفَهَا. قَالَ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِيهِ كَمَا يَأْتِي فِي الدَّيْنِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ لَفْظِ الصُّلْحِ، وَالْهِبَةِ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ فِيمَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ) بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ نِصْفَهَا، وَصَالَحْتُكَ عَلَى الْبَاقِي. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) أَيْ عَقْدُ الْهِبَةِ الْمَذْكُورُ وَيُسَمَّى صُلْحَ الْحَطِيطَةِ. قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ الصُّلْحِ) وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ كَمَا يَأْتِي فِي الدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ الْخُصُومَةُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَهُوَ سَبْقُ الْخُصُومَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ قَاضٍ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) أَيْ بُطْلَانُ كَوْنِهِ صُلْحًا وَهُوَ كِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَسَيَأْتِي قَسِيمُهُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ صَالَحَ فِي دَيْنٍ إلَخْ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَصَوَابُ عِبَارَةِ الْكِتَابِ عَلَى غَيْرِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ فَيَشْمَلُ مَا صَالَحَ مِنْ عَيْنٍ عَلَى دَيْنٍ اهـ.
وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَهُوَ بَيْعٌ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ: الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ، فَالْأَوَّلَانِ صُلْحُ الْمُعَاوَضَةِ وَالْأَخِيرَانِ صُلْحُ الْحَطِيطَةِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَزَادَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ صُلْحَ الْعَارِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَجَرَيَانُ التَّحَالُفِ) وَالتَّوَقُّفِ عَلَى شَرْطِ الْقَطْعِ فِي الزَّرْعِ، وَالْإِبْطَالِ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
فَرْعٌ أَتْلَفَ لَهُ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشْرَةً لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ رِبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِجَارَةٌ) لِصِدْقِ حَدِّهَا عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (بِلَفْظِ الْهِبَةِ) كَانَ صُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ: وَهَبْتُك نِصْفَهَا وَصَالَحْتُكَ عَلَى الْبَاقِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُهُ) لَوْ نَوَيَا بِهِ الْبَيْعَ