(بَطَلَ) الرَّهْنُ
(وَيَنْفَكُّ) الرَّهْنُ (بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الرَّاهِنِ (وَبِالْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ) بِقَضَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُ لَمْ يَنْفَكَّ شَيْءٌ مِنْ الرَّهْنِ) أَيْ الْمَرْهُونِ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ لِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الدَّيْنِ (وَلَوْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ بِدَيْنٍ وَنِصْفَهُ بِآخَرَ فَبَرِئَ مِنْ أَحَدِهِمَا انْفَكَّ قِسْطُهُ) لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ (وَلَوْ رَهَنَاهُ) بِدَيْنٍ (فَبَرِئَ أَحَدُهُمَا) مِمَّا عَلَيْهِ (انْفَكَّ نَصِيبُهُ) لِتَعَدُّدِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَلَوْ رَهَنَهُ عِنْدَ اثْنَيْنِ فَبَرِئَ مِنْ دَيْنِ أَحَدِهِمَا انْفَكَّ قِسْطُهُ لِتَعَدُّدِ مُسْتَحِقِّ الدَّيْنِ.
فَصْلٌ إذَا (اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ) أَيْ أَصْلِهِ كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتَنِي كَذَا فَأَنْكَرَ (أَوْ قَدْرِهِ) أَيْ الرَّهْنِ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتَنِي الْأَرْضَ بِأَشْجَارِهَا فَقَالَ: بَلْ وَحْدَهَا أَوْ تَعْيِينُهُ كَهَذَا الْعَبْدِ فَقَالَ: بَلْ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ قَدَّرَ الْمَرْهُونَ بِهِ كَبِأَلْفَيْنِ فَقَالَ بَلْ بِأَلْفٍ (صُدِّقَ الرَّاهِنُ بِيَمِينِهِ) وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الْمُنْكِرِ بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعِي، وَقَوْلُهُ (إنْ كَانَ رَهْنَ تَبَرُّعٍ) قَيَّدَ فِي التَّصْدِيقِ (وَإِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSسَمَاوِيَّةٍ) وَمِثْلُهَا إتْلَافُ مَنْ لَا يَضْمَنُ وَمِنْهُ الْمَوْتُ بِضَرْبٍ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِيهِ كَمَا مَرَّ
قَوْلُهُ: (وَيَنْفَكُّ بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إلَّا فِي رَهْنِ التَّرِكَةِ لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ، وَسَوَاءٌ انْفَسَخَ فِي الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ بَعْدَ الْفَسْخِ، أَوْ الْفَكِّ أَوْ الْإِذْنِ رَدُّ الْمَرْهُونِ، وَلَا إحْضَارُهُ لِلرَّاهِنِ بَلْ عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ، كَالْوَدِيعِ فَمُؤْنَةُ إحْضَارِهِ وَلَوْ لِلْبَيْعِ عَلَى الرَّاهِنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهَا) كَإِرْثٍ وَاعْتِيَاضٍ وَلَوْ تَلِفَ الْمُعَوَّضُ أَوْ تَقَايَلَا فِيهِ أَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِهِ فِي الرِّبَوِيِّ، بَقِيَ الرَّهْنُ كَمَا كَانَ لِعَوْدِ سَبَبِهِ وَهُوَ الدَّيْنُ، أَمَّا الْأَوَّلُ إنْ قُلْنَا الْفَسْخُ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ، وَأَمَّا نَظِيرُهُ وَأَعْطَى حُكْمَهُ إنْ قُلْنَا يَرْفَعُهُ مِنْ حِينِهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ عَوْدِ الضَّمَانِ عَلَى غَاصِبٍ بَاعَ مَا غَصَبَهُ بِالْوَكَالَةِ، وَتَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ الْغَصْبُ وَقَدْ زَالَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْفَكَّ شَيْءٌ مِنْ الرَّهْنِ) أَيْ إنْ اتَّحَدَ الْعَقْدُ وَالْمُسْتَحَقُّ، وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ كَمَا يُعْلَمْ مِمَّا بَعْدُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَرْهُونِ) وَلَوْ التَّرِكَةَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ رَهَنَ) أَيْ الْمَالِكُ لِأَنَّ الْمُعِيرَ كَالْمُرَاهِنِ. قَوْلُهُ: (فَبَرِئَ مِنْ أَحَدِهِمَا) وَلَوْ بِالدَّفْعِ لَهُ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الدَّيْنُ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ، أَوْ اخْتَلَفَ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ يَخْتَصُّ بِهِ، وَكَذَا سَائِرُ الشُّرَكَاءِ فِي الدُّونِ الْمُشْتَرَكَةِ، إلَّا فِي مَسَائِلَ ثَلَاثٍ الْإِرْثُ وَالْكِتَابَةُ وَرِيعُ الْوَقْفِ، فَمَا يَأْخُذُهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ دَيْنِ مُوَرِّثِهِمْ، لَا يَخْتَصُّ بِهِ نَعَمْ. إنْ أَحَالَ بِهِ اخْتَصَّ الْمُحْتَالُ بِمَا أَخَذَهُ، وَهَذِهِ مِنْ حِيَلَ الِاخْتِصَاصِ، وَمَا أَخَذَهُ أَحَدُ السَّيِّدَيْنِ مَثَلًا، مِنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَمَا أَخَذَهُ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ النَّظَرُ فِي حِصَّتِهِ وَأَجْرِهَا بِنَفْسِهِ، قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. وَاعْتَمَدَهُ وَصَمَّمَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ، وَخَرَجَ بِالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَرْبَابُ الْوَظَائِفِ الْمُشْتَرَكَةِ، فَمَا يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمْ مِنْ النَّاظِرِ أَوْ غَيْرِهِ يَخْتَصُّ بِهِ، وَإِنْ حُرِّمَ عَلَى النَّاظِرِ تَقْدِيمُ طَالِبِ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ بِرِضَا غَيْرِهِ مِنْهُمْ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ. قَوْلُهُ: (لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ) فَعَلِمَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ وَاحِدٌ وَأَنَّ الْمُرَادَ تَعَدُّدُ الْعَقْدِ بِالصِّيغَةِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ، وَعَلِمَ أَيْضًا بَرَاءَةَ الرَّاهِنِ بِالْأَدَاءِ مِنْ أَحَدِهِمَا إنْ قَصَدَهُ عِنْدَ الدَّفْعِ أَوْ جَعَلَهُ عَنْهُ بَعْدَ الْإِطْلَاقِ، وَيُصَدَّقُ فِي إرَادَتِهِ.
فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قَوْلُهُ: (أَوْ قَدْرِهِ) أَيْ الْمَرْهُونِ وَكَذَا الْمَرْهُونُ بِهِ، أَوْ صِفَتُهُ كَقَدْرِ الْأَجَلِ وَمِنْهُ مَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتَنِي الْعَبْدَ بِمِائَةٍ فَصَدَّقَهُ، لَكِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَائِدَةَ فِيهِ مُتَعَقِّبٌ اهـ. أَقُولُ: وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ الَّتِي قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ النَّقْلِ لَوْ فُرِضَ فِيهَا أَنَّ قِيمَةَ الْقَاتِلِ تَزِيدُ عَلَى الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ عَلَيْهِ بِأَضْعَافِ قَضِيَّةِ إطْلَاقِهِمْ الْإِعْرَاضَ عَنْ ذَلِكَ، وَعَدَمُ اعْتِبَارِهِ غَرَضًا مُجَوِّزُ النَّقْلِ الزَّائِدِ عَلَى مِقْدَارِ الدَّيْنِ فَمَا وَجْهُ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ لَا تَزِيدُ عَلَى الدَّيْنِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ كَإِرْثٍ وَاعْتِيَاضٍ لَكِنْ لَوْ تَقَايَلَا فِي الِاعْتِيَاضِ: عَادَ الرَّهْنُ كَمَا عَادَ الدَّيْنُ.
فَصْلٌ اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (صُدِّقَ الرَّاهِنُ) أَيْ لِأَنَّهُ مُدَّعَى عَلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ شَرَطَ الرَّهْنَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ بِوَجْهٍ مِمَّا ذُكِرَ) اعْلَمْ أَنَّ