(وَيَجِبُ الْمَهْرُ إنْ أَكْرَهَهَا) وَفِي قَوْلٍ حَكَاهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَجْهًا لَا يَجِبُ إذْنُ مُسْتَحِقِّهِ وَدُفِعَ بِأَنَّ وُجُوبَهُ حَقُّ الشَّرْعِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِذْنُ كَمَا أَنَّ الْمُفَوِّضَةَ تَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ بِالدُّخُولِ وَلَوْ طَاوَعَتْهُ لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ جَزْمًا (وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلرَّاهِنِ) وَكَذَا حُكْمُهُ فِي صُورَتَيْ انْتِفَاءِ الْحَدِّ السَّابِقَتَيْنِ
(وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَرْهُونَ وَقَبَضَ بَدَلَهُ صَارَ رَهْنًا) مَكَانَهُ وَجُعِلَ فِي يَدِ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي يَدِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ وَقَبْلَ قَبْضِهِ قِيلَ: لَا يَحْكُمُ أَنَّهُ مَرْهُونٌ لِأَنَّهُ دَيْنٌ وَقِيلَ يَحْكُمُ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ رَهْنُ الدَّيْنِ ابْتِدَاءً قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الثَّانِي أَرْجَحُ، وَبِالْأَوَّلِ قَطَعَ الْمَرَاوِزَةُ (وَالْخَصْمُ فِي الْبَدَلِ الرَّاهِنُ فَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْ) فِيهِ (لَمْ يُخَاصِمْ الْمُرْتَهِنُ فِي الْأَصَحِّ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ، وَإِذَا خَاصَمَ الرَّاهِنُ فَلِلْمُرْتَهِنِ حُضُورُ خُصُومَتِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالْمَأْخُوذِ (فَلَوْ وَجَبَ قِصَاصٌ) فِي الْمَرْهُونِ الْمُتْلَفِ كَالْعَبْدِ (اقْتَصَّ الرَّاهِنُ) أَيْ لَهُ ذَلِكَ (وَفَاتَ الرَّهْنُ) لِفَوَاتِ مَحِلِّهِ مِنْ غَيْرِ بَذْلٍ (فَإِنْ وَجَبَ الْمَالُ بِعَفْوِهِ) عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ (أَوْ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ لَمْ يَصِحَّ عَفْوُهُ عَنْهُ) لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSنَحْوَ قَرِيبِ الْعَهْدِ مَقْبُولٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْقَبُولِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) وَسَكَتَ عَنْ مُقَابِلِهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ الْمَهْرُ إنْ أَكْرَهَهَا) وَكَذَا لَوْ كَانَتْ أَعْجَمِيَّةً تَجْهَلُ الْحُرْمَةَ، قَالَ شَيْخُنَا: وَالْمَهْرُ الْوَاجِبُ هُنَا مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ فِي الْبِكْرِ، وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ مَا هُنَا مِنْ الْغَصْبِ، وَالْوَاجِبُ فِيهِ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلِ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي أَصْلِهِ، وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُحَرَّرِ فِي حِكَايَتِهِ، وَجْهًا لِأَنَّهُ لَا اصْطِلَاحَ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلرَّاهِنِ) الْمَالِكِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى الرَّاهِنِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَإِنْ تَبِعَهُ الْخَطِيبُ، وَلَوْ مَلَكَهَا الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إلَّا إنْ كَانَ أَبًا لِلرَّاهِنِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الْوَاطِئُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مِنْ الرَّاهِنِ، أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ أَوْ اتَّهَبَهَا مِنْهُ وَقَبَضَهَا، فَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ، وَمَلَكَهَا بَعْدُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا حُكْمُهُ فِي صُورَتَيْ انْتِفَاءِ الْحَدِّ السَّابِقَتَيْنِ) وَهُمَا قَبُولُهُ فِي دَعْوَى الْجَهْلِ مَعَ عَدَمِ إذْنِ الرَّاهِنِ وَمَعَ إذْنِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَرْهُونَ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الرَّاهِنِ، وَفَائِدَتُهُ تَعَلُّقُ الْمُرْتَهِنِ بِتَرِكَتِهِ لَوْ مَاتَ إنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى قِيمَتِهِ، وَيُقَدَّمُ بِهَا عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ.
قَوْلُهُ: (وَقَبَضَ بَدَلَهُ) سَوَاءٌ قَبَضَهُ الرَّاهِنُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْعَدْلُ، كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَقْبِضُهُ إلَّا مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْمُخَاصَمَةِ الْآتِيَةِ، وَيُحْكَمُ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَلِ بِالرَّهْنِيَّةِ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الدَّيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، عِنْدَ شَيْخِنَا بِلَا إنْشَاءِ عَقْدٍ وَفَارَقَ قِيمَةَ الْمَوْقُوفِ وَالْأُضْحِيَّةِ، إذَا أَتْلَفَا حَيْثُ يَحْتَاجُ مَعَ شِرَاءِ بَدَلِ الْمَوْقُوفِ إلَى إنْشَاءِ وَقْفٍ، وَفِي الْأُضْحِيَّةِ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَشْتَرِ بِعَيْنِ الْبَدَلِ، بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْوَقْفِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى بَيَانِ مَصْرِفٍ وَغَيْرِهِ، وَيَتَعَلَّقُ بَدَلُ الْأُضْحِيَّةِ بِذِمَّةِ الْمُضَحِّي، قَالَهُ شَيْخُنَا: تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (وَقَبْلَ قَبْضِهِ إلَخْ) هُوَ مَفْهُومُ قَبْضٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي لَا خِلَافَ فِيهِ وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالرَّهْنِيَّةِ فِي الذِّمَّةِ.
قَوْلُهُ: (الثَّانِي أَرْجَحُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّينِ كَمَا مَرَّ وَفِي قَابِضِهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (الرَّاهِنُ) أَيْ الْمَالِكُ نَعَمْ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُخَاصِمَ إذَا تَعَذَّرَتْ مُخَاصَمَةُ الرَّاهِنِ، وَأَنْ يُخَاصِمَ مُطْلَقًا بِحَقِّ التَّوَثُّقِ، وَأَنْ يُخَاصِمَ الرَّاهِنَ إذَا أَتْلَفَهُ أَوْ بَاعَهُ، وَلِلْحَاكِمِ مُخَاصَمَةُ الْغَاصِبِ بِغَصْبٍ مُنَجَّزٍ إذَا غَابَ الْمُرْتَهِنُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُخَاصِمْ الْمُرْتَهِنُ) هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ، إذْ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُخَاصِمَ مُطْلَقًا. فَقَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ عَائِدٌ فِي الْحَقِيقَةِ لِقَوْلِهِ، وَالْخَصْمُ إلَخْ. وَهَذِهِ حِكْمَةُ سُكُوتِ الشَّارِحِ عَنْهُ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي نَوْعِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (اقْتَصَّ الرَّاهِنُ) وَلَا يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْعَفْوِ عَلَى الْأَرْشِ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَالِكُ) فَيَشْمَلُ الْمُعِيرَ وَلَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا. قَوْلُهُ: (وَفَاتَ الرَّهْنُ) أَيْ فِيمَا اقْتَصَّ فِيهِ مِنْ كُلِّهِ أَوْ جُزْئِهِ، وَكَلَامُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخَفَاءَ هُنَا اسْتَنَدَ إلَى مُجَرَّدِ الْإِذْنِ، وَأَمَّا عَطَاءٌ فَإِنَّهُ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ، لِمَا قَامَ عِنْدَهُ مِنْ الدَّلِيلِ فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّ غَيْرَهُ فِي مَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَاوَعَتْهُ لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ جَزْمًا) أَيْ لِانْضِمَامِ إذْنِهِ إلَى مُطَاوَعَتِهَا.
قَوْلُهُ: (وَجُعِلَ فِي يَدِ إلَخْ) كَذَلِكَ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِقَبْضِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. أَقُولُ: وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ الْخَصْمِ فِي الْبَدَلِ الرَّاهِنَ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْخَصْمُ فِي الْبَدَلِ الرَّاهِنُ) لَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَفِي حَلِفِ الْمُرْتَهِنِ قَوْلَانِ كَغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يُخَاصِمْ الْمُرْتَهِنُ أَيْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ، وَالثَّانِي نَظَرَ إلَى أَنَّ لَهُ حَقًّا مُتَعَلِّقًا بِالذِّمَّةِ فَكَانَ كَمَا لَوْ جَنَى الرَّاهِنُ عَلَى الْمَرْهُونِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ مُخَاصَمَةِ الْمُرْتَهِنِ جَزْمًا إذَا خَاصَمَ الرَّاهِنُ، وَنَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَلَوْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ فَالْحُكْمُ كَمَا هُنَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اقْتَصَّ الرَّاهِنُ إلَخْ) لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الِاقْتِصَاصِ، وَالْعَفْوِ فَلَا إجْبَارَ