وَتَجْفِيفُهَا وَرَدُّ الْآبِقِ، وَأُجْرَةُ مَكَانِ الْحِفْظِ (عَلَى الرَّاهِنِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي لَا يُجْبَرُ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ وَلَكِنْ يَبِيعُ الْقَاضِي جُزْءًا مِنْهُ فِيهَا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ
(وَلَا يُمْنَعُ الرَّاهِنُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَرْهُونِ كَفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ) وَمُعَالَجَةٍ بِالْأَدْوِيَةِ وَالْمَرَاهِمِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا (وَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ) لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ إلَّا إذَا تَعَدَّى فِيهِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ رَدِّهِ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ (وَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ) كَمَوْتِ الْكَفِيلِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ (وَحُكْمُ فَاسِدِ الْعُقُودِ حُكْمُ صَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ) وَعَدَمُهُ فَالْمَقْبُوضُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ مَضْمُونٌ، وَبِهِبَةٍ فَاسِدَةٍ غَيْرُ مَضْمُونٍ
(وَلَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْمَرْهُونِ مَبِيعًا لَهُ عِنْدَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَزِيَادَةُ الرَّاغِبِ حَرَامٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ كَمَا مَرَّ، وَلَا يَحْرُمُ الْبَيْعُ لَهُ مِنْ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ عَنْ غَيْرِهِ بِالْمَصْلَحَةِ.
قَوْلُهُ: (الَّتِي بِهَا يَبْقَى) . قَوْلُهُ: فَخَرَجَ نَحْوُ أُجْرَةِ طَبِيبٍ، وَثَمَنِ دَوَاءٍ فَهِيَ وَاجِبَةٌ، وَلَوْ لِغَيْرِ مَرْهُونٍ، وَنَحْوُ مُؤْنَةِ سَمْنٍ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْمُؤْنَةُ مِنْ الرَّاهِنِ لِغَيْبَتِهِ، أَوْ إعْسَارِهِ مَانَهُ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ، إنْ رَأَى لَهُ مَالًا وَإِلَّا فَبِقَرْضٍ عَلَيْهِ أَوْ بَيْعِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَلَوْ مَانَهُ الْمُرْتَهِنُ رَاجَعَ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، أَوْ بِإِشْهَادٍ عِنْدَ فَقْدِهِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَسَقْيُ الْأَشْجَارِ) وَمِثْلُهُ مَا تَهَدَّمَ مِنْ الدَّارِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، كَمُؤْنَةِ الْحَيَوَانِ وَأَوْرَدَ هَذِهِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، نَظَرًا إلَى أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُؤْنَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَيَوَانِ. قَوْلُهُ: (لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ) فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ الرَّاهِنَ بِهِ، وَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِهِ لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِذِي الرُّوحِ وَلَا لِحَقِّ نَفْسِهِ، وَمِنْهُ تَرْكُ سَقْيِهِ وَمِنْهُ تَرْكُ عِمَارَةِ دَارٍ تَهَدَّمَتْ وَلَوْ مُؤَجَّرَةً.
قَوْلُهُ: (كَفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ) وَكَذَا خِتَانٌ وَلَوْ لِكَبِيرٍ مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ، وَقَطْعِ سِلْعَةٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ) وَعِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ يَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ. قَوْلُهُ: (إلَّا إذَا تَعَدَّى فِيهِ) فَيَضْمَنُهُ بِبَدَلِهِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَهُ أَوْ سَامَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ امْتَنَعَ) أَيْ بَعْدَ طَلَبِهِ كَمَا يُفْهَمْ مِنْ الِامْتِنَاعِ، فَقَبِلَ طَلَبَهُ أَمَانَةً وَالْمُرَادُ بِرَدِّهِ تَخْلِيَتُهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ) وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ سَقَطَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَالدَّيْنِ، وَعِنْدَ مَالِكٍ كَذَلِكَ إنْ تَلِفَ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَحُكْمُ فَاسِدِ إلَخْ) هُوَ قَاعِدَةٌ أَغْلَبِيَّةٌ إنْ كَانَتْ عَامَّةً لَا يُرَادُ مَا سَيَأْتِي عَلَيْهَا، أَوْ كُلِّيَّةً إنْ كَانَتْ مَفْرُوضَةً فِي الْعُقُودِ الصَّادِرَةِ مِنْ رَشِيدٍ عَلَى الْأَعْيَانِ، بِلَا تَعَدٍّ فِيهَا فَخَرَجَ بِالْفَاسِدِ الْبَاطِلُ بِفَقْدِ رُكْنٍ أَوْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ، كَالدَّمِ فَلَيْسَ كَصَحِيحِهِ وَإِلَّا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَبِالْعُقُودِ الْعِبَادَاتُ فَالْفَاسِدُ فِيهَا، وَالْبَاطِلُ سَوَاءٌ، إلَّا فِي نَحْوِ الْحَجِّ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ قَضَاءِ الْفَاسِدِ فِيهِ، دُونَ الْبَاطِلِ وَبِالرَّشِيدِ غَيْرُهُ، فَحُكْمُهُ الضَّمَانُ مُطْلَقًا وَبِالْأَعْيَانِ الْمَنَافِعُ، فَلَا يَرِدُ عَلَى طَرْدِ الْقَاعِدَةِ الْقِرَاضُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِلْمَالِكِ، أَوْ الْمُسَاقَاةَ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ كُلَّهَا لَهُ أَوْ عَلَى غَرْسِ وَدْيٍ، أَوْ تَعَهُّدِهِ مُدَّةً لَا يُثْمِرُ فِيهَا، أَوْ عَرْضِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ غَيْرِ قَبْضِهَا أَوْ عَقْدِ الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ حَيْثُ لَا ضَمَانَ مِنْ أُجْرَةٍ، وَلَا جِزْيَةَ فِي ذَلِكَ فِي الْفَاسِدِ، بِخِلَافِ الصَّحِيحِ وَلَا عَلَى عَكْسِهَا، الشَّرِكَةُ حَيْثُ لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ عَمَلِ الشَّرِيكِ فِي الْفَاسِدَةِ، دُونَ الصَّحِيحَةِ، وَخَرَجَ بِلَا تَعَدٍّ رَهْنُ الْمَغْصُوبِ وَإِجَارَتُهُ فَإِنَّ الْعَيْنَ مَضْمُونَةٌ فِيهِمَا، دُونَ الصَّحِيحِ مِنْهُمَا وَلَا يَرُدُّ الْفُضُولِيُّ، وَسَيَأْتِي أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ جَهِلَ الثَّانِي الْغَصْبَ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فِي الضَّمَانِ) وَإِنْ اخْتَلَفَ الضَّامِنُ كَاسْتِئْجَارِ الْوَلِيِّ لِطِفْلِهِ، فَالْأُجْرَةُ فِي الصَّحِيحِ عَلَى الطِّفْلِ، وَفِي الْفَاسِدَةِ عَلَى الْوَلِيِّ، أَوْ اخْتَلَفَ الْمَضْمُونُ بِهِ كَالْبَيْعِ، فَإِنَّهُ فِي الْفَاسِدِ مَضْمُونٌ بِالْبَدَلِ، وَفِي الصَّحِيحَةِ بِالثَّمَنِ وَالْقَرْضِ، فَإِنَّ الْمُتَقَوِّمَ فِيهِ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ فِي الْفَاسِدِ، وَبِالْمِثْلِ صُورَةٌ فِي الصَّحِيحِ وَالْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْإِجَارَةِ، فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ فِي الْفَاسِدِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَفِي الصَّحِيحَةِ بِالْمُسَمَّى.
تَنْبِيهٌ قَدْ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ إيرَادَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ عَلَى الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ، قَبْلَ تَخْصِيصِهَا بِالْأَعْيَانِ صَحِيحٌ، وَإِيرَادُهَا عَلَيْهَا بَعْدَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQامْتَنَعَ أَنْ يَبِيعَ ثَانِيًا إلَّا بِالْإِذْنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ غَيْرَ مُخْتَصٍّ بِالْمُشْتَرِي.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الرَّاهِنِ) أَيْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الظَّهْرُ مَرْكُوبٌ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا» . قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُجْبَرُ) تَرْكُ هَذِهِ الْوَاوِ أَوْلَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ) يُفِيدُ أَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ. قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ يَبِيعُ الْقَاضِي) قَالَ الْإِمَامُ: فَعَلَى هَذَا لَوْ اسْتَغْرَقَتْ الْمُؤْنَةُ الرَّهْنَ قَبْلَ الْحُلُولِ بِيعَ الْجَمِيعُ وَجُعِلَ ثَمَنُهُ رَهْنًا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ أَمَانَةٌ) خَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: يَضْمَنُهُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ، وَالْحَقُّ الَّذِي بِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ تَلَفُهُ ظَاهِرًا لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَ بَاطِنًا ضَمِنَ بِقِيمَتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَسْقُطُ) الْفَاءُ هُنَا أَحْسَنُ مِنْ