مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ (وَقِيلَ: إنْ كَانَ الشَّجَرُ لِلْمُشْتَرِي) كَأَنْ اشْتَرَاهُ أَوَّلًا بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرِ (جَازَ) بَيْعُ الثَّمَرِ لَهُ (بِلَا شَرْطٍ) لِأَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي مِلْكِهِ فَيُشْبِهُ مَا لَوْ اشْتَرَاهُمَا مَعًا (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (فَإِنْ كَانَ الشَّجَرُ لِلْمُشْتَرِي شَرَطْنَا الْقَطْعَ) كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ (لَمْ يَجِبْ الْوَفَاءُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ لَا مَعْنَى لِتَكْلِيفِهِ قَطْعَ ثَمَرِهِ مِنْ شَجَرَةٍ.
وَفِي الرَّوْضَةِ لَوْ قَطَعَ شَجَرَةً عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ ثُمَّ بَاعَ الثَّمَرَةَ وَهِيَ عَلَيْهَا جَازَ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَبْقَى عَلَيْهَا فَيَصِيرُ كَشَرْطِ الْقَطْعِ (وَإِنْ بِيعَ) الثَّمَرُ (مَعَ الشَّجَرِ) بِثَمَنٍ وَاحِدٍ (وَجَازَ بِلَا شَرْطٍ وَلَا يَجُوزُ بِشَرْطِ قَطْعِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ. وَالْفَارِقُ بَيْنَ الْجَوَازِ هُنَا وَالْمَنْعُ فِي بَيْعِ الثَّمَرِ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ تَبَعِيَّةُ الثَّمَرِ هُنَا لِلشَّجَرِ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك الشَّجَرَ بِعَشَرَةٍ وَالثَّمَرَ بِدِينَارٍ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ لِأَنَّهُ فَصَّلَ فَانْتَفَتْ التَّبَعِيَّةُ. ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْمُسَاقَاةِ اسْتِشْهَادًا وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ
(وَيَحْرُمُ بَيْعُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ فِي الْأَرْضِ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِهِ) كَالثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَفِي الْمُحَرَّرِ الْقَطْعُ أَوْ الْقَلْعُ (فَإِنْ بِيعَ مَعَهَا أَوْ) وَحْدَهُ (بَعْدَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ جَازَ بِلَا شَرْطٍ) كَمَا فِي الثَّمَرِ مَعَ الشَّجَرِ أَوْ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُسْتَقْبَلَ هُنَا مَنَعَ مِنْهُ شَرْطُ الْقَطْعِ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (بِلَا شَرْطٍ) الصَّوَابُ لَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ بِدَلِيلِ التَّشْبِيهِ. قَوْلُهُ: (قُلْت إلَخْ) لِوَجْهٍ أَنَّهُ إفَادَةُ حُكْمٍ زَائِدٍ وَقِيلَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى وُجُوبِ الْقَطْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ شَرْطِهِ. قَوْلُهُ: (وَشَرَطْنَا الْقَطْعَ) أَيْ شَرَطْنَا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ ذِكْرَ شَرْطِ الْقَطْعِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَجِبْ الْوَفَاءُ) هَذَا مَوْضِعُ الزِّيَادَةِ أَوْ الِاسْتِدْرَاكُ الْمَفْهُومُ لُزُومُهُ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ كَمَا مَرَّ، وَفَائِدَةُ شَرْطِ الْقَطْعِ فِيهِ الْخُرُوجُ مِنْ النَّهْيِ وَصِحَّةُ الْبَيْعِ. قَوْلُهُ: (لَوْ قَطَعَ شَجَرَةً) وَكَذَا لَوْ جَفَّتْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الثَّمَرَةَ إلَخْ) فَعَدَمُ الشَّرْطِ لِفَسَادِ الثَّمَرَةِ لَوْ بَقِيَتْ لَا لِلْعَادَةِ وَلِذَلِكَ يُكَلَّفُ الْقَطْعِ وَإِنْ أُعِيدَتْ الشَّجَرَةُ وَبَقِيَتْ لِتَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ أُعِيدَ الشَّجَرُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ لِلْبَائِعِ بِنَحْوِ إقَالَةٍ لَمْ يُطَالَبُ الْمُشْتَرِي بِالْقَطْعِ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ مَالَ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ بِيعَ الثَّمَرُ مَعَ الشَّجَرِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِثَمَرِ النَّجْمِ كَالْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ كَمَا تَقَدَّمَ امْتَنَعَ شَرْطُ الْقَطْعِ.
فَرْعٌ: يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَالِكِ أَصْلِهِ لِأَنَّ قِسْمَتَهُ وَقَعَتْ إفْرَازًا مَعَ صِحَّتِهَا مَعَ بَقَائِهِ فِيمَا يَخْرَصُ بِالْخَرْصِ وَلَوْ بَاعَ لِشَرِيكِهِ حِصَّتَهُ مِنْ التَّمْرِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الشَّجَرِ جَازَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ كَغَيْرِ الشَّرِيكِ، وَيَلْزَمُهُ قَطْعُ جَمِيعِ الثَّمَرِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ وَتَفْرِيغًا لِلْمَبِيعِ فَإِنْ بَاعَهُ لَهُ بِغَيْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الشَّجَرِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لِتَكْلِيفِ الْمُشْتَرِي قَطَعَ مِلْكَهُ عَنْ مِلْكِهِ السَّابِقِ، وَيَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِ الثَّمَرَةِ مَعَ كُلِّ الشَّجَرِ أَوْ بَعْضِهِ وَلَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ إذْ لَيْسَ الثَّمَرُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ وَفِي بَعْضِ ذَلِكَ تَوَقُّفٌ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ قَاسِمٍ وَيُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِمُرَاجَعَتِهِ. قَوْلُهُ: (جَازَ بِلَا شَرْطٍ) أَيْ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ مِنْ الْإِطْلَاقِ وَشَرْطِ الْإِبْقَاءِ وَشَرْطِ الْقَطْعِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ شَرْطُ الْقَطْعِ مُبْطِلًا اسْتَدْرَكَ بِإِخْرَاجِهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ قَطْعِهِ وَالتَّعْمِيمُ وَاجِبٌ لِصِحَّةِ الِاسْتِدْرَاكِ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ صَوَابُهُ لَا بِشَرْطِ غَيْرِ صَوَابٍ لِمَا ذَكَرَ وَلِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ مَعَ شَرْطِ الْإِبْقَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَفَادَ بِهَذَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعِيَّةِ فِيمَا قَبْلَهُ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ وَمِثْلُهَا تَعَدُّدُهَا بِغَيْرِ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ فَقَوْلُ حَجّ وَلَوْ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ غَيْرُ صَحِيحٍ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ فَصَلَ فَانْتَفَتْ التَّبَعِيَّةُ) هَذَا سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ. قَوْلُهُ (وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ) أَيْ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ لِذِكْرِهِ لَهُ فِي مَحَلِّهِ لَا لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ.
قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ بَيْعُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ) وَمِنْهُ الْبِطِّيخُ وَالْبَاذِنْجَانُ وَنَحْوُهُمَا قَبْلَ إثْمَارِهَا وَمِنْهُ الْبُقُولُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَمِثْلُ الْقَطْعِ الْقَلْعُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّ بِيعَ) أَيْ جَمِيعُهُ مَعَهَا وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهَا مَعَهَا لِأَنَّ قِسْمَتَهُ بَيْعٌ بِخِلَافِ الثَّمَرِ مَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَذْرَعِيُّ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْبِطِّيخِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، فَإِنَّ الْبِطِّيخَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ لَا نَفْعَ فِيهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا كَكُمَّثْرَى) وَجَوْزٍ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرِ) أَيْ بَعْدَ تَأْبِيرِهِ فِي النَّخْلِ مَثَلًا وَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ) نَظَرَ بَعْضُهُمْ فِيهِ بِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا غَرَضَ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْغُوَ وَلَا يَضُرُّ الْعَقْدُ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا كَذَا.
تَنْبِيهٌ: لَوْ بِيعَ الْبِطِّيخُ أَوْ الْبَاذِنْجَانُ وَنَحْوُهُمَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مَعَ أُصُولِهِ فَالْأَصَحُّ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ كَبَيْعِ الثَّمَرِ مَعَ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ لِضَعْفِ أُصُولِهِ.
[بَيْعُ الزَّرْعِ الْأَخْضَرِ فِي الْأَرْضِ]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ بَيْعُ الزَّرْعِ إلَخْ) رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى