مُسْلِمٍ: «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ» . دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيهِ إلَّا بِالْكَيْلِ. وَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَاقِي. (مِثَالُهُ) فِي الْمَكِيلِ (بِعْتُكَهَا) أَيْ الصُّبْرَةَ (كُلُّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ) بِعْتُكَهَا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا (عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ آصُعَ) وَلَوْ قَبَضَ مَا ذُكِرَ جِزَافًا لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ لَكِنْ يَدْخُلُ الْمَقْبُوضُ فِي ضَمَانِهِ (وَلَوْ كَانَ لَهُ) أَيْ شَخْصٍ (طَعَامٌ مُقَدَّرٌ عَلَى زَيْدٍ) كَعَشَرَةِ آصُعَ سَلَمًا (وَلِعَمْرٍو عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَلْيَكْتَلْ لِنَفْسِهِ) مِنْ زَيْدٍ (ثُمَّ يَكْتَلْ لِعَمْرٍو) لِيَكُونَ الْقَبْضُ وَالْإِقْبَاضُ صَحِيحَيْنِ (فَلَوْ قَالَ) لِعَمْرٍو (اقْبِضْ مِنْ زَيْدٍ مَالِي عَلَيْهِ لِنَفْسِك) عَنِّي (فَفَعَلَ فَالْقَبْضُ فَاسِدٌ) لَهُ وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَائِلِ صَحِيحٌ تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ زَيْدٍ فِي الْأَصَحِّ لِإِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ. وَوَجْهُ فَسَادِهِ لِعَمْرٍو كَوْنُهُ قَابِضًا بِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَمَا قَبَضَهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِلدَّافِعِ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ، وَعَلَى الْأَصَحِّ يَكِيلُهُ الْمَقْبُوضُ لَهُ لِلْقَابِضِ، وَكَدَيْنِ السَّلَمِ دَيْنُ الْقَرْضِ وَالْإِتْلَافِ. وَالْعِبَارَةُ تَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ.

فَرْعٌ: زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ إذَا (قَالَ الْبَائِعُ) بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ حَالٍّ (لَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حَتَّى أَقْبِضَ ثَمَنَهُ. وَقَالَ الْمُشْتَرِي:

ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ الْإِذْنِ لِلْقَابِضِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا) أَيْ غَيْرَ جُزَافٍ أَخْذًا مِنْ الْمَعْنَى، وَقَدْ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْكَيْلِ فِيمَا بِيعَ جُزَافًا. قَوْلُهُ: (إلَّا بِالْكَيْلِ) ثُمَّ إنْ اتَّفَقَا عَلَى كَيَّالٍ غَيْرِهِمَا فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا نَصَّبَ الْحَاكِمُ كَيَّالًا أَمِينًا فَإِنْ تَوَلَّاهُ الْمُقَبِّضُ مِنْهُمَا لِلْقَابِضِ، فَوَاضِحٌ أَيْضًا وَإِنْ تَوَلَّاهُ الْقَابِضُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي شَرْحِهِ، بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إقْبَاضِ الْأَوَّلِ أَوْ نَائِبِهِ اهـ. أَيْ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا مُقَبِّضًا مِنْ نَفْسِهِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ كَمَا يَأْتِي. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: الْوَجْهُ الصِّحَّةُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ حَبْسٍ، أَوْ كَانَ لَهُ وَأَذِنَ لِلْآخَرِ لَا بِكَوْنِهِ نَائِبًا عَنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، بَلْ صَرِيحُهُ وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْمَذْكُورِ: وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِإِخْرَاجِ جَعْلِهِ نَائِبًا عَنْهُ لَا مُطْلَقًا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ تَعْلِيلُهُ الْمَذْكُورُ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ فَلَوْ قَبَضَ مَا ذُكِرَ جُزَافًا دُونَ أَنْ يَقُولُوا بِلَا تَقْدِيرِ مُقَبِّضٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يَدْخُلُ الْمَقْبُوضُ فِي ضَمَانِهِ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: ضَمَانُ عَقْدٍ، وَاعْتَرَضَ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْهُ آنِفًا وَأَجَابَ بِأَنَّ الْقَبْضَ هُنَا مَأْذُونٌ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْفَائِتُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، كَذَا قَالَهُ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ إذْ لَيْسَ هُنَا عَقْدٌ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا ثَمَنَ وَأَيْضًا الْمُقَابِلُ هُنَا وَاحِدٌ، وَسَوَاءٌ قُلْنَا ضَمَانُ يَدٍ أَوْ عَقْدٌ فَرَاجِعْ وَحَرِّرْ وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ) أَيْ الشَّخْصِ مِثْلُهُ أَيْ الطَّعَامُ، فَلْيَكْتَلْ أَيْ الشَّخْصُ بِأَنْ يَأْمُرَ زَيْدًا أَنْ يَكِيلَ لَهُ لَا بِنَفْسِهِ، ثُمَّ يَكِيلُ أَيْ الشَّخْصُ وَيَكْفِي الِاسْتِدَامَةُ فِي الْمِكْيَالِ إلَى دَفْعِهِ لِعَمْرٍو.

قَوْلُهُ: (فَيَكُونُ إلَخْ) فَلَوْ زَادَ أَوْ نَقَصَ بِقَدْرِ تَفَاوُتِ الْكَيْلَيْنِ لَمْ يَضُرَّ، وَالْأَرْجَحُ الشَّخْصُ بِالنَّقْصِ وَرُدَّ لِزِيَادَةٍ لِتَبَيُّنِ الْغَلَطِ فِي الْكَيْلِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ قَالَ لِعَمْرٍو) مِثْلُ عَمْرٍو رَقِيقُهُ وَلَوْ مَأْذُونًا وَوَكِيلَهُ بِخِلَافِ مُكَاتَبِهِ، وَأَبِيهِ وَابْنِهِ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ تَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ، وَلَوْ بِوَكَالَةٍ عَنْهُمَا وَلِوَلِيِّ الْمَحْجُورِ ذَلِكَ، كَمَا فِي الْبَيْعِ، قَوْلُهُ: (عَنِّي) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ إذْ لَوْ قَالَ: اُحْضُرْ مَعِي لِأَقْبِضَهُ لَك أَوْلَى لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لَهُ) أَيْ لِعَمْرٍو. قَوْلُهُ: (صَحِيحٌ) فَلَا يَرُدَّهُ لِدَافِعِهِ. قَوْلُهُ: (مَضْمُونٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى عَمْرٍو وَفِي ضَمَانِهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ) لِأَنَّ قَبْضَهُ لِلْقَائِلِ فَاسِدٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (تَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ) وَإِنَّمَا قَيَّدَهَا بِقَوْلِهِ سَلَّمَا لِأَنَّهُ الَّذِي فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ.

تَنْبِيهٌ: أُجْرَةُ التَّقْدِيرِ وَإِحْضَارِ الْغَائِبِ عَلَى الْمُوَفَّى بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا وَأُجْرَةُ التَّحْوِيلِ وَالنَّقْدِ عَلَى الْآخَرِ الْمُسْتَوْفِي، فَعُلِمَ أَنَّ أُجْرَةَ الدَّلَّالِ فِي الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ شُرِطَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَسَدَ الْعَقْدُ، وَمِنْهُ بِعْتُك كَذَا بِكَذَا سَالِمًا، وَلَا يَضْمَنُ النَّقَّادُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ، وَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً لَوْ أَخْطَأَ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ بِخِلَافِ نَحْوِ الْوَزَّانِ. وَنَاقَشَ الْقَبَّانَ وَالْكَاتِبَ لِقَدْرِ الْعِوَضِ فَعَلَيْهِمْ الضَّمَانُ. وَلَا أُجْرَةَ لَهُمْ أَيْضًا كَمَا فِي غَلَطِ النَّاسِخِ، وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: وَكِّلْ مَنْ يَقْبِضُ لِي مِنْك صَحَّ وَمِثْلُهُ، وَكِّلْ مَنْ يَشْتَرِي لِي مِنْك. لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: اشْتَرِ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ لِي مَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيَّ، وَاقْبِضْهُ لِي ثُمَّ لَك صَحَّ الشِّرَاءُ وَالْقَبْضُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (فَرْعٌ زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ) أَيْ لِمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْبَائِعُ) أَيْ الْمُتَصَرِّفُ عَنْ نَفْسِهِ نَحْوُ، وَكِيلٌ وَوَلِيٌّ وَنَاظِرُ وَقْفٍ وَعَامِلُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُ

. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلْيَكْتَلْ لِنَفْسِهِ إلَخْ) أَيْ لِحَدِيثِ الْحَسَنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ، حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي» ، وَهُوَ مُرْسَلٌ لَكِنَّهُ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا، وَالْمُرْسَلُ يُعْتَضَدُ بِوُرُودِهِ مَرْفُوعًا وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا وَلِأَنَّ الْإِقْبَاضَ هُنَا مُتَعَدِّدٌ، وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْكَيْلِ يَلْزَمُهُ تَعَدُّدُهُ نَعَمْ لَوْ دَامَ فِي الْمِكْيَالِ كَفَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اقْبِضْ مِنْ زَيْدٍ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ اقْبِضْهُ لِي ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِك فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ اُحْضُرْ مَعِي لِأَكْتَالَهُ لَك مِنْهُ، فَكَذَلِكَ أَيْضًا. قَوْلُهُ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015