عَلَى أَحَدِهِمَا فَذَاكَ) ظَاهِرٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ وَالْآخَرُ الْإِمْسَاكَ مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ (فَالْأَصَحُّ إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ الْإِمْسَاكَ) مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّالِبُ الْمُشْتَرِي أَمْ الْبَائِعَ لِتَقْرِيرِهِ الْعَقْدَ، وَالثَّانِي: يُجَابُ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا لِتَدْلِيسِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ. وَالثَّالِثُ: يُجَابُ الْبَائِعُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ إمَّا غَارِمٌ أَوْ آخِذٌ مَا لَمْ يَرُدَّ الْعَقْدَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي (وَيَجِبُ أَنْ يُعْلِمَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى الْفَوْرِ بِالْحَادِثِ) مَعَ الْقَدِيمِ (لِيَخْتَارَ) مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَخْذِ الْمَبِيعِ أَوْ تَرْكِهِ وَإِعْطَاءِ الْأَرْشِ (فَإِنْ أَخَّرَ إعْلَامَهُ) بِذَلِكَ عَنْ فَوْرِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْقَدِيمِ (بِلَا عُذْرٍ فَلَا رَدَّ) لَهُ بِهِ (وَلَا أَرْشَ) عَنْهُ لِإِشْعَارِ التَّأْخِيرِ بِالرِّضَا بِهِ.
وَلَوْ كَانَ الْحَادِثُ قَرِيبَ الزَّوَالِ غَالِبًا كَالرَّمَدِ وَالْحُمَّى فَيُعْذَرُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي انْتِظَارِ زَوَالِهِ لِيَرُدَّ الْمَبِيعَ سَالِمًا عَنْ الْحَادِثِ، وَلَوْ زَالَ الْحَادِثُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْقَدِيمِ أَوْ قَضَى بِهِ الْقَاضِي وَلَمْ يَأْخُذْهُ فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَرَدُّ الْأَرْشِ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ تَرَاضَيَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ فَلَهُ الْفَسْخُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ عَلِمَ الْقَدِيمَ بَعْدَ زَوَالِ الْحَادِثِ رُدَّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ زَالَ الْقَدِيمُ قَبْلَ أَخْذِ أَرْشِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ أَوْ بَعْدَ أَخْذٍ رَدَّهُ. وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ
(وَلَوْ حَدَثَ عَيْبٌ لَا يُعْرَفُ الْقَدِيمُ إلَّا بِهِ كَكَسْرِ بِيضٍ) وَجَوْزٍ (وَرَانِجٍ) بِكَسْرِ النُّونِ وَهُوَ الْجَوْزُ الْهِنْدِيُّ ظَهَرَ عَيْبُهَا (وَتَقْوِيرِ بِطِّيخٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (مُدَوِّدٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ فِي بَعْضِ أَطْرَافِهِ (رُدَّ) مَا ذُكِرَ بِالْقَدِيمِ قَهْرًا (وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ) لِلْحَادِثِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِيهِ. وَالثَّانِي: يُرَدُّ وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا مَعِيبًا وَمَكْسُورًا مَعِيبًا، وَلَا نَظَرَ إلَى الثَّمَنِ. وَالثَّالِثُ: لَا يُرَدُّ أَصْلًا كَمَا فِي سَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْقَدِيمِ أَوْ يَغْرَمُ أَرْشَ الْحَادِثِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ. أَمَّا مَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالْبَيْضِ الْمَذِرِ وَالْبِطِّيخِ الْمَمْدُودِ كُلِّهِ أَوْ الْمُعَفَّنِ فَيَتَبَيَّنُ فِيهِ فَسَادُ الْبَيْعِ لِوُرُودِهِ عَلَى غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ، وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ تَنْظِيفُ الْمَكَانِ مِنْهُ (فَإِنْ أَمْكَنَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSنَحْوِ وَلِيٍّ مَحْجُورٍ. قَوْلُهُ: (إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ الْإِمْسَاكَ) نَعَمْ لَوْ صَبَغَهُ الْمُشْتَرِي بِصَبْغٍ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ، وَطَلَبَ الْبَائِعُ رَدَّهُ وَغَرِمَ قِيمَةَ الصَّبْغِ أُجِيبَ لِأَنَّ مَا يَغْرَمُهُ فِي مُقَابَلَةِ الصَّبْغِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا بِخِلَافِ غَيْرِ هَذَا وَلَوْ كَانَ غَزْلًا فَنَسَجَهُ، ثُمَّ عَلِمَ عَيْبًا فَإِنْ شَاءَ الْبَائِعُ تَرَكَهُ وَغَرِمَ أَرْشَ الْقَدِيمِ أَوْ أَخَذَهُ وَغَرِمَ أُجْرَةَ النَّسْجِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْفَوْرِ) وَيُعْذَرُ فِي دَعْوَى جَهْلِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَلَا أَرْشَ) وَإِنْ تَرَاضَيَا بِالرَّدِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقٌّ أَصْلًا فَلَا يَرِدُ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (قَرِيبَ الزَّوَالِ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ وَغَايَةُ الْقُرْبِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يَزَلْ فِيهَا رَدَّهُ بَعْدَهَا فَوْرًا وَإِلَّا سَقَطَ حَقُّهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ زَوَالِهِ فِي أَنَّهُ الْقَدِيمُ أَوْ الْحَادِثُ حَلَفَ كُلٌّ فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا سَقَطَ الرَّدُّ وَوَجَبَ أَرْشُ الْقَدِيمِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْأَرْشِ صُدِّقَ مُدَّعِي الْأَقَلِّ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَرَدُّ الْأَرْشِ) هُوَ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَى الْفَسْخِ أَيْ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْأَرْشِ أَيْ عَوْدُهُ لِلْبَائِعِ فِي الْأَوْلَى وَعَدَمِ أَخْذِهِ فِي الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ عُلِمَ الْقَدِيمُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَادِثِ فَلَهُ الرَّدُّ) وَهَلْ مِثْلُهُ قَبْلَ زَوَالِهِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ رَاجِعْهُ وَشَمِلَ زَوَالُ الْحَادِثِ مَا لَوْ كَانَ بِمُعَالَجَةٍ. قَوْلُهُ: (رَدَّهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ
قَوْلُهُ: (كَكَسْرِ بَيْضٍ) أَيْ ثَقْبِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ يُعْرَفُ فِي الْعُرْفِ لَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ النُّونِ) عَلَى الْأَفْصَحِ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْبَاءِ) عَلَى الْأَفْصَحِ وَفِيهِ لُغَاتٌ وَمِثْلُهُ نَشْرُ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِنَشْرِهِ وَكَانَ رَآهُ قَبْلَ طَيِّهِ. قَوْلُهُ: (تَنْظِيفُ الْمَكَانِ مِنْهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنْ لَمْ يَنْقُلْهُ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا لَزِمَهُ.
فَرْعٌ: لَوْ اشْتَرَى نَحْوَ بِطِّيخٍ كَثِيرٍ، فَوَجَدَ فِي وَاحِدَةٍ وَلَوْ غَيْرَ الْأَوْلَى مَثَلًا عَيْبًا لَمْ يَتَجَاوَزْهَا لِثُبُوتِ مُقْتَضَى الرَّدِّ بِهَا فَإِنْ تَجَاوَزَهَا سَقَطَ الرَّدُّ وَالْأَرْشُ، وَلَوْ عَلِمَ عَيْبَ دَابَّةٍ بَعْدَ نَعْلِهَا فَإِنْ لَمْ يَعِبْهَا نَزْعُهُ فَلَهُ نَزْعُهُ وَلَهُ رَدُّهَا بِهِ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ قَبُولُهُ بِخِلَافِ الصُّوفِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ السَّمْنَ وَإِنْ عَيَّبَهَا نَزْعُهُ رَدَّهَا بِهِ وَلَزِمَ الْبَائِعَ قَبُولُهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ طَلَبَهُ إلَّا أَنْ سَقَطَ فَإِنْ نَزَعَهُ فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَمْكَنَ) أَيْ فِي نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ غَرَزَ إبْرَةً فِي بِطِّيخَةٍ فَصَادَفَتْ حَلَاوَةً فَكَسَرَهَا، فَوَجَدَ بِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنْ طَلَبَ الْإِمْسَاكَ) وَهُوَ الَّذِي طَلَبَ بَذْلَ الْأَرْشِ الْقَدِيمِ. قَوْلُهُ: (لِتَقْرِيرِهِ الْعَقْدَ) وَأَيْضًا فَالرُّجُوعُ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ يَسْتَنِدُ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ الثَّمَنُ بِكَمَالِهِ إلَّا فِي مُقَابَلَةِ السَّلِيمِ، وَأَرْشُ الْحَادِثِ إدْخَالُ شَيْءٍ جَدِيدٍ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَرَانِجُ) يَجُوزُ فَتْحُ نُونِهِ أَيْضًا وَالْبِطِّيخُ يُقَالُ فِيهِ أَيْضًا الطَّبِيخُ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْوَاوِ) مِثْلُهُ الْمُسَوِّسُ كَذَا ضَبَطَهُمَا الْجَوْهَرِيُّ. قَوْلُهُ: (رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ) وَأَيْضًا لِلْقِيَاسِ عَلَى الْمُصَرَّاةِ. قَوْلُهُ: (تَنْظِيفُ الْمَكَانِ) وَتَكُونُ الْقُشُورُ لَهُ، وَقِيلَ إنَّ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ فِيهِ بِالثَّمَنِ