(وَلَوْ تَنَازَعَا فِي التَّفَرُّقِ أَوْ الْفَسْخِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ التَّفَرُّقِ بِأَنْ جَاءَا مَعًا وَادَّعَى أَحَدُهُمَا التَّفَرُّقَ قَبْلَ الْمَجِيءِ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ لِيَفْسَخَ أَوْ اتَّفَقَا عَلَى التَّفَرُّقِ، وَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ قَبْلَهُ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ (صُدِّقَ النَّافِي) بِيَمِينِهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ.
فَصْلٌ (لَهُمَا) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ (وَلِأَحَدِهِمَا شَرْطُ الْخِيَارِ) عَلَى الْآخَرِ الْمُدَّةَ الْآتِيَةَ (فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ) لِمَا سَيَأْتِي (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ) فِي بَعْضِهَا (الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ كَرِبَوِيٍّ وَسَلَمٍ) فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ، وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى بَقَاءِ عَلَقَةٍ فِيهِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَالْقَصْدُ مِنْهُ أَنْ يَتَفَرَّقَا وَلَا عَلَقَةَ بَيْنَهُمَا (وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ لَا تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) فَلَوْ كَانَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالنَّافِي) وَلَيْسَ لِمُدَّعِي الْفُرْقَةِ الْفَسْخُ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْفَسْخِ وَالتَّفَرُّقِ وَاخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا. فَكَمَا فِي الرَّجْعَةِ.
فَرْعٌ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي الرِّبَوِيِّ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ صُدِّقَ الْأَوَّلُ لِبَقَاءِ الصِّحَّةِ، وَالْآخَرُ لِعَدَمِ اللُّزُومِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.
فَصْلٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ
أَيْ التَّرَوِّي النَّاشِئِ عَنْ الشَّرْطِ فَهُوَ مُضَافٌ إلَى سَبَبِهِ. قَوْلُهُ: (لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِمَنْ يَقَعُ مِنْهُ الشَّرْطُ فَلَا يَصِحُّ وُقُوعُهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا، وَمَعْنَى وُقُوعِهِ مِنْهُمَا أَنْ يَتَلَفَّظَا بِهِ كَأَنْ يَقُولَ الْمُبْتَدِئُ مِنْهُمَا: بِعْتُك ذَا بِكَذَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَيَقُولُ: اشْتَرَيْته بِذَلِكَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَك ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. وَمَعْنَى وُقُوعِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ الْمُبْتَدِي مِنْهُمَا، وَلَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَةِ الْآخَرِ عَلَيْهِ وَلَوْ بِالسُّكُوتِ كَأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك كَذَا بِكَذَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِي مَثَلًا، فَيَقُولُ: اشْتَرَيْته عَلَى ذَلِكَ. فَلَا اعْتِرَاضَ وَلَا إشْكَالَ. وَأَمَّا الْمَشْرُوطُ لَهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا مُعَيَّنًا أَوْ أَجْنَبِيًّا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْآخَرِ) لَهُ قَالَ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا عَلِمْت لَكِنَّهُ رَاعَى تَعْيِينَ الْمَشْرُوطِ لَهُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ قَالَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِأَحَدِنَا مَثَلًا فَلَا يَكْفِي، وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْهُ الْأَوَّلُ أَوْ نَفَاهُ الثَّانِي. وَلَوْ قَالَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ يَوْمًا وَلَمْ يَقُلْ لَنَا وَلَا لِي مَثَلًا فَهِيَ لَهُمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ: لِلْقَائِلِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ) أَيْ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْهَا سَوَاءٌ فِي جَمِيعِ الْمَبِيعِ أَوْ فِي بَعْضِهِ وَإِنْ تَفَرَّقَتْ بِهِ الصَّفْقَةُ. قَوْلُهُ: (فِي بَعْضِهَا) أَيْ الْأَنْوَاعِ فَيَمْتَنِعُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ وَهُوَ خَمْسَةُ أَفْرَادٍ: الرِّبَوِيُّ وَالسَّلَمُ وَاقْتِصَارُهُ عَلَيْهِمَا لِامْتِنَاعِ شَرْطِ الْخِيَارِ فِيهِمَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ مُطْلَقًا، وَمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لَهُ وَحْدَهُ، كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَالْمُصَرَّاةُ إنْ شُرِطَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا، وَمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ إنْ شُرِطَ الْخِيَارُ مُدَّةً يَفْسُدُ فِيهَا فَالْكَافُ فِيمَنْ عَبَّرَ بِهَا تَمْثِيلِيَّةٌ. وَأَمَّا الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ وَبَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ فَهُمَا عَقْدُ عَتَاقَةٍ فَلَيْسَ فِيهِمَا خِيَارُ مَجْلِسٍ وَلَا شَرْطٍ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ الْبَعْضِ. قَوْلُهُ: (إلَى بَقَاءِ عَلَقَةٍ) أَيْ شَأْنُ الشَّرْطِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِدَعْوَى التَّفَرُّقِ أَوْ تَسَاوَيَا فِي دَعْوَى الْفَسْخِ وَالتَّفَرُّقِ صُدِّقَ النَّافِي لِلْفَسْخِ. قَوْلُهُ: (لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ) وَلَمْ يُخَرِّجُوا الْأُولَى عِنْدَ طُولِ الزَّمَنِ عَلَى تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرُ خِلَافًا لِبَحْثِ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَا نَظَرَ فِي الثَّانِيَةِ إلَى كَوْنِ مُدَّعِي الْفَسْخِ أَدْرَى بِتَصَرُّفِهِ خِلَافًا لِوَجْهٍ مَرْجُوحٍ صَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
فَصْلٌ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ
قَوْلُهُ: (عَلَى الْآخَرِ إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا قِيلَ عِبَارَتُهُ لَا تُفِيدُ مَنْ يُشْرَطُ الْخِيَارُ لَهُ. قَوْلُهُ: (كَرِبَوِيٍّ وَسَلَمٌ) الْأَوَّلُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَالثَّانِي مِنْ أَحَدِهِمَا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الشُّفْعَةِ وَالْحَوَالَةِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا فِي الْهِبَةِ بِثَوَابٍ وَالْإِجَارَةُ وَإِنْ ثَبَتَ فِيهِمَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ سُبْكِيٌّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا تَزِيدُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ امْتِنَاعُهُ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِوَضْعِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ