وَجْهَيْنِ، وَحَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَوْلَيْنِ. (وَمَتَى كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا) أَيْ مُشَاهَدًا (كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ) مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِقَدْرِهِ، وَكَذَا الْمُعَوَّضُ، فَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ وَلَا يَعْلَمَانِ قَدْرَهَا صَحَّ الْبَيْعُ، لَكِنْ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُوقِعُ فِي النَّدَمِ، وَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّ شِرَاءَ مَجْهُولِ الذَّرْعِ لَا يُكْرَهُ.

(وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ) وَهُوَ مَا لَمْ يَرَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا.

(وَالثَّانِي يَصِحُّ) اعْتِمَادًا عَلَى الْوَصْفِ بِذِكْرِ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ كَأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك عَبْدِي التُّرْكِيَّ وَفَرَسِي الْعَرَبِيَّ، وَلَا يَفْتَقِرُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى ذِكْرِ صِفَاتٍ أُخَرَ نَعَمْ لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ مِنْ نَوْعٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ يَقَعُ بِهَا التَّمْيِيزُ كَالتَّعَرُّضِ لِلسِّنِّ أَوْ غَيْرِهِ.

(وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ) لِلْمُشْتَرِي (عِنْدَ الرُّؤْيَةِ) وَإِنْ وَجَدَهُ كَمَا وُصِفَ لِأَنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ كَالْمُعَايَنَةِ، وَفِيهِ حَدِيثُ «مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ» لَكِنْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ إنَّهُ ضَعِيفٌ، وَيَنْفُذُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ الْفَسْخُ دُونَ الْإِجَازَةِ، وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ، وَقِيلَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَكُنْ رَأَى الْمَبِيعَ، وَحَيْثُ ثَبَتَ فَقِيلَ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ، وَالْأَصَحُّ يَمْتَدُّ امْتِدَادَ مَجْلِسِ الرُّؤْيَةِ، وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي رَهْنِ الْغَائِبِ وَهِبَتِهِ وَعَلَى صِحَّتِهِمَا لَا خِيَارَ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ إذْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. (وَ) عَلَى الْأَظْهَرِ فِي اشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSالظَّرْفِ وَالْمَظْرُوفِ فِيهِمَا وَكَانَ لِلظَّرْفِ قِيمَةٌ وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَهُ كُلَّ رِطْلٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُوزَنَ مَعَهُ الظَّرْفُ ثُمَّ يُسْقَطَ وَزْنُهُ صَحَّ أَوْ عَلَى أَنْ يُسْقَطَ لِلظَّرْفِ أَرْطَالٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ غَيْرِ وَزْنِهِ لَمْ يَصِحَّ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَهُ بِعَشْرَةٍ عَلَى أَنْ يُوزَنَ بِظَرْفِهِ ثُمَّ يُسْقَطَ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ نِسْبَةِ وَزْنِ الظَّرْفِ صَحَّ إنْ عَلِمَ مِقْدَارَ وَزْنِ الظَّرْفِ وَالْمَحْطُوطِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ) نَعَمْ لَا تَكْفِي الرُّؤْيَةُ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ وَلَا مَاءٍ صَافٍ إلَّا فِي رُؤْيَةِ سَمَكٍ فِيهِ أَوْ أَرْضٍ تَحْتَهُ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ) وَكَذَا عَنْ الْعِلْمِ بِجِنْسِهِ أَوْ نَوْعِهِ وَلَا يَحْتَاجُ مَعَ الْمُعَايَنَةِ إلَى نَحْوِ شَمٍّ أَوْ ذَوْقٍ وَلَا إلَى مَعْرِفَةِ اسْتِوَاءِ مَحَلِّ الصُّبْرَةِ أَوْ عَدَمِهِ فَإِنْ ظَهَرَ ارْتِفَاعٌ أَوْ انْخِفَاضٌ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِمَنْ لَحِقَهُ الضَّرَرُ، فَإِنْ رَأَيَاهُ قَبْلَ الْبَيْعِ صَحَّ وَلَا خِيَارَ، نَعَمْ إنْ كَانَ الِانْخِفَاضُ حُفْرَةً أَعْلَاهَا مَسًّا وَلِوَجْهِ الْأَرْضِ فَالْمَبِيعُ مَا فَوْقَ وَجْهِهَا الْمُسَاوِي لِوَجْهِ الْأَرْضِ دُونَ مَا فِيهَا، وَلَا خِيَارَ أَوْ كَانَ الِارْتِفَاعُ دِكَّةً فَوْقَ وَجْهِ الْأَرْضِ فَالْوَجْهُ أَنَّهَا كَالِارْتِفَاعِ الْمَذْكُورِ فَرَاجِعْهُ. وَفِي كَلَامِ الْخَطِيبِ مَا فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِبَعْضِ ذَلِكَ وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِهِ فَتَأَمَّلْهُ.

فَرْعٌ: لَوْ شَكَّ فِي جِنْسِهِ مَثَلًا أَشَعِيرٌ أَمْ أُرْزٌ صَحَّ الْعَقْدُ، وَلَا خِيَارَ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْجَوْهَرَةِ. قَوْلُهُ: (بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ) فَإِنْ خَرَجَتْ نُحَاسًا بَطَلَ الْعَقْدُ إنْ صَرَّحَ بِلَفْظِ الدَّرَاهِمِ، وَإِلَّا فَهُوَ صَحِيحٌ وَلَا خِيَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً يَظُنُّهَا جَوْهَرَةً فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَلَا خِيَارَ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِ الْجَوْهَرَةِ. وَإِلَّا فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ.

وَقَالَ شَيْخُنَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي التَّتِمَّةِ) إنَّ شِرَاءَ مَجْهُولِ الذَّرْعِ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْبَيْعُ كَالشِّرَاءِ وَالْعَدُّ كَالزَّرْعِ

قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَغَيْرُ الْبَيْعِ مِثْلُهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ إلَّا فِي نَحْوِ الْوَقْفِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَفْتَقِرُ إلَخْ) بَلْ يَتَعَيَّنُ عَدَمُ ذِكْرِ الصِّفَاتِ لِأَنَّهُ مَعَ ذِكْرِهَا فِيهِ وَجْهَانِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (كَمَا وُصِفَ) أَوْ أَكْثَرَ قَوْلُهُ: (ضَعِيفٌ) بَلْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ إنَّهُ بَاطِلٌ. قَوْلُهُ: (فِيمَا لَا

ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيْنَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ عِنْدَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ مُحَالٌ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَالثَّانِي يَصِحُّ أَيْ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ إلَى الصُّبْرَةِ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) الْأَصَحُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالْقِسْطِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ) أَيْ اعْتِمَادًا عَلَى التَّخْمِينِ وَفِي الثَّمَنِ وَجْهٌ وَالْقِيَاسُ جَرَيَانُهُ فِي الْمَبِيعِ، وَلَوْ كَانَتْ الصُّبْرَةُ عَلَى مَوْضِعٍ فِيهِ ارْتِفَاعٌ وَانْخِفَاضٌ أَوْ السَّمْنُ وَنَحْوُهُ فِي ظَرْفٍ مُخْتَلِفِ الْأَجْزَاءِ رِقَّةً وَغِلَظًا فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ بِذَلِكَ بَطَلَ الْبَيْعُ لِمَنْعِهِ التَّخْمِينَ فَيَلْتَحِقُ بِغَيْرِ الْمَرْئِيِّ وَإِنْ ظَنَّ الِاسْتِوَاءَ صَحَّ وَثَبَتَ الْخِيَارُ، وَلَوْ كَانَ تَحْتَهَا حُفْرَةٌ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَمَا فِيهَا لِلْبَائِعِ وَلَوْ بَاعَ الصُّبْرَةَ إلَّا صَاعًا فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الصِّيعَانِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا وَهَذِهِ قَدْ تُشْكِلُ بِمَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةً جُزَافًا وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّخْمِينَ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَوْثُقُ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا لَمْ يَرَهُ إلَخْ) وَلَوْ حَاضِرًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ) لِلْحَدِيثِ الْآتِي قَوْلُهُ: (وَنَوْعِهِ) فَلَا يَكْفِي مَا فِي كَفِّي مَثَلًا، وَقِيلَ يَكْفِي ثُمَّ هَذَا الْقَوْلُ ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا، قَالَ: وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ وَعَلَى الْبُطْلَانِ فِي سِتَّةٍ أَيْضًا لَكِنَّ نُصُوصَ الْبُطْلَانِ مُتَأَخِّرَةٌ. قَوْلُهُ: (ذِكْرِ صِفَاتٍ أُخَرَ) كَأَنْ يَذْكُرَ الْمُعَظَّمَ كَالدَّعْوَى أَوْ يَصِفَهُ بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَهُمَا وَجْهَانِ مَحْكِيَّانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ) هَذَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ شِرَاءَ الْأَعْمَى لَا يَصِحُّ وَإِنْ جَوَّزْنَا بَيْعَ الْغَائِبِ لَتَعَذَّرَ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ، وَقِيلَ يَصِحُّ وَيُقَامُ وَصْفُ غَيْرِهِ لَهُ مَقَامَ رُؤْيَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ) وَلَوْ وَجَدَهُ زَائِدًا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَهُ الْخِيَارُ) رَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَسَبَهُ لِلرَّافِعِيِّ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى شِرَاءِ الْأَعْمَى. قَوْلُهُ: (فِي رَهْنِ الْغَائِبِ) كَذَا يَجْرِيَانِ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015