لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِلْءَ مَنْصُوبًا وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا. (وَلَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ) دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ فُلُوسٍ (وَفِي الْبَلَدِ نَقْدٌ غَالِبٌ) مِنْ ذَلِكَ وَنَقْدٌ غَيْرُ غَالِبٍ مِنْهُ (تَعَيَّنَ) الْغَالِبُ لِظُهُورِ أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَرَادَاهُ. (أَوْ نَقْدَانِ) مِنْ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ (لَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ) لِأَحَدِهِمَا فِي الْعَقْدِ لِيُعْلَمَ، وَهَذَا كَمَا قَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَتْ صَحَّ الْبَيْعُ بِدُونِ التَّعْيِينِ وَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي مَا شَاءَ مِنْهُمَا.
(وَيَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ الْمَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ) لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ. (كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ) بِنَصْبِ كُلَّ كَأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ، وَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْمِثْلِيَّةِ بَعْدَ عِلْمِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا بِنَقْلِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ صَحِيحٌ) لِأَنَّهُ مَبِيعٌ وَلَهُ حُكْمُ الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (بِنَقْدٍ) أَيْ بِمَا يُتَعَامَلُ بِهِ فِي بَلَدِ الْبَيْعِ وَلَوْ مَغْشُوشًا أَوْ عُرُوضًا مِثْلِيَّةً. فَقَوْلُهُ أَوْ فُلُوسٍ مَعْطُوفٌ عَلَى دَرَاهِمَ لِأَنَّهَا مِنْ النَّقْدِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَلَا اعْتِرَاضَ بَلْ هُوَ مُتَعَيِّنٌ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (تَعَيَّنَ الْغَالِبُ) وَإِنْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ أَوْ كَانَ نَاقِصًا أَوْ أَرَادَ خِلَافَهُ فَإِنْ فُقِدَ تَعَيَّنَ مِثْلُهُ إنْ بَقِيَ لَهُ قِيمَةٌ، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ نَعَمْ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ إرَادَةِ خِلَافِهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَقْدَانِ مِنْ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ) أَفَادَ أَنَّهُمَا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَقَطْ أَوْ مِنْ الدَّنَانِيرِ فَقَطْ. وَهَكَذَا فِيمَا مَرَّ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى دَفْعِ التَّكْرَارِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ فِي نَقْدَيْنِ أَيْضًا لَكِنْ مِنْ دَرَاهِمَ وَفُلُوسٍ مَعًا مَثَلًا وَأَحَدُهُمَا غَالِبٌ. فَلَوْ أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ غَالِبٍ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى انْفَرَدَ نَقْدٌ فَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَمَتَى تَعَدَّدَ مِنْ جِنْسَيْنِ أَوْ مِنْ جِنْسٍ تَعَيَّنَ الْأَغْلَبُ إنْ كَانَ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ. قَوْلُهُ: (اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ) أَيْ لَفْظًا لِتَعَيُّنِ ذِكْرِ الْعِوَضِ هُنَا مَعَ كَوْنِ الْمُعَارَضَةِ مَحْضَةً بِذَلِكَ فَارَقَ الِاكْتِفَاءَ بِالنِّيَّةِ فِي الْمَنْكُوحَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَوَتْ) أَيْ قِيمَتُهُمَا صَحَّ الْعَقْدُ بِلَا تَعْيِينٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُ ذَلِكَ الصِّحَّةُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا بِالِاسْتِوَاءِ فَرَاجِعْهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْغَلَبَةِ أَوْ غَيْرِهَا قُدِّمَ مُدَّعِي الصِّحَّةَ.
فَرْعٌ: لَوْ بَاعَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا مِنْ الَّتِي قِيمَةُ كُلِّ عَشْرَةٍ مِنْهَا دِينَارٌ مَثَلًا لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ قَالَ: مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ الَّتِي قِيمَةُ إلَخْ صَحَّ. وَلَوْ بَاعَ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِالدَّرَاهِمِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا إنْ عَلِمَ قَدْرَهَا بِعَهْدٍ أَوْ قَرِينَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ الْمَجْهُولَةِ) أَيْ بَيْعُ جَمِيعِهَا بِذِكْرِ جُمْلَتِهَا وَتَفْصِيلِهَا: كَبِعْتُكَهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، وَإِلَّا: كَبِعْتُكَ كُلَّ صَاعٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ أَوْ بِعْتُك مِنْهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ، لَمْ يَصِحَّ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: نَعَمْ إنْ أُرِيدَ بِمِنْ الْبَيَانُ صَحَّ. وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك صَاعًا مِنْهَا مَثَلًا بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ بِحِسَابِهِ بَطَلَ فِي الزَّائِدِ فَإِنْ قَالَ عَلَيَّ أَنَّ مَا زَادَ بِحِسَابِهِ بَطَلَ فِي الْكُلِّ. قَوْلُهُ: (بِنَصْبِ كُلَّ) أَيْ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ دَفَعَ بِهِ رَفْعَهُ بِالِابْتِدَاءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَجْهُولَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّعْلِيلَيْنِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوْلَى اغْتَفَرْنَا الْإِبْهَامَ هُنَا لِتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ أَوْ بِالثَّانِي لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ.
فَرْعٌ: لَوْ قَالَ بِعْتُك صَاعًا مِنْ بَاطِنِ الصُّبْرَةِ فَهُوَ كَبَيْعِ الْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (لِلْجَهْلِ إلَخْ) إيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ فِيهَا جَهْلُ أَصْلِ الْمِقْدَارِ وَالرَّابِعَةَ فِيهَا الْجَهْلُ بِمِقْدَارِ الذَّهَبِ وَمِقْدَارِ الْفِضَّةِ وَإِنَّمَا كَانَ الْجَهْلُ بِالْمِقْدَارِ مُضِرًّا لِأَنَّ الْعِوَضَ فِي الذِّمَّةِ، ثُمَّ أَشَارَ فِي الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ حِنْطَةً وَذَهَبًا إلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ يَقِينًا أَعْنِي كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَوْ ذَرْعًا. فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا كَأَنْ قَالَ بِمِلْءِ ذَا الْبَيْتِ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ صَحَّ لِإِمْكَانِ الْأَخْذِ قَبْلَ تَلَفِ الْبَيْتِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي جَانِبِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنُ مِثْلُهُ بِالْأَوْلَى بِدَلِيلِ جَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ فِي الثَّمَنِ دُونَ الْمُثَمَّنِ. وَلَوْ كَانَا يَعْلَمَانِ مِقْدَارَ مَا يَحْوِيهِ الْبَيْتُ صَحَّ وَمِثْلُهُ الْبَاقِي. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِلْءَ مَنْصُوبًا إلَخْ) قِيلَ لَوْ عَبَّرَ بِهِ هُنَا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي أَحْكَامِ أَقْسَامِ عِلْمِ الْمَبِيعِ لَمْ يَفْرُغْ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ كَذَلِكَ، وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ غَرَضَ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ بَيْعَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ بَاطِلٌ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْعَيْنِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ بَطَلَ فِيهَا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْقَدْرِ فَإِذًا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي أَقْسَامِ عِلْمِ الْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (دَرَاهِمَ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ تَعْيِينَ الْجِنْسِ لَا بُدَّ مِنْهُ ثُمَّ إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعُ حُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (أَوْ فُلُوسٍ) مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَ بِصَاعِ حِنْطَةٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى الْغَالِبِ وَلِذَا قِيلَ لَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الْعَقْدِ بِالثَّمَنِ كَانَ أَشْمَلَ. قَوْلُهُ: (فِي الْعَقْدِ) أَيْ بِاللَّفْظِ وَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْخَلْعِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ ذَكَرَ مَعْنَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْخَلْعِ وَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك ابْنَتِي وَنَوَيَا وَاحِدَةً مِنْ بَنَاتِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ هَذَا شَيْءٌ يُحْوِجُ إلَى الْفَرْقِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اسْتَوَتْ صَحَّ إلَخْ) وَلَوْ فِي صِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا عَرَفَ مِقْدَارَ الْجُمْلَةِ تَخْمِينًا وَقَابَلَ كُلَّ فَرْدٍ مِنْهَا بِشَيْءٍ مَعْنًى انْتَفَى الْغَرَرُ وَالْغَبْنُ وَخَرَجَ عَنْ عِبَارَةِ