أَنْ يُوَاطِئَ صَاحِبَهُ عَلَى شِرَائِهِ، ثُمَّ يَقْطَعَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ فَيَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ. أَمَّا بَيْعُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ مِنْ الْإِنَاءِ وَنَحْوِهِ فَيَصِحُّ، وَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا وَبَيْعُ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَرْضِ يَصِحُّ أَيْضًا لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ فِيهَا بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ بِالْعَلَامَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ قَدْ تَتَضَيَّقُ مَرَافِقُ الْبُقْعَةِ بِالْعَلَامَةِ وَتَنْقُصُ الْقِيمَةُ، فَلْيَكُنْ الْحُكْمُ فِي الْأَرْضِ عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الثَّوْبِ، وَسَيَأْتِي بَيْعُ ذِرَاعٍ مُبْهَمٍ مِنْ أَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ.
(وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (الْمَرْهُونِ بِغَيْرِ إذْنِ مُرْتَهِنِهِ) لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا (وَلَا الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِهِ كَمَا فِي الْمَرْهُونِ وَالثَّانِي يَصِحُّ فِي الْمُوسِرِ، قِيلَ: وَالْمُعْسِرُ وَالْفَرْقُ أَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ بِخِلَافِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ السَّيِّدُ الْمُوسِرُ بِبَيْعِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَقِيلَ: لَا بَلْ هُوَ عَلَى خِيرَتِهِ إنْ فَدَى أَمْضَى الْبَيْعَ وَإِلَّا فَسَخَ، وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ صَحَّ جَزْمًا، وَالْفِدَاءُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ، وَصُوَرُ تَعَلُّقِ الْمَالِ بِرَقَبَتِهِ أَنْ يَكُونَ جَنَى خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا وَعُفِيَ عَلَى مَالٍ أَوْ أَتْلَفَ مَالًا. (وَلَا يَضُرُّ تَعَلُّقُهُ بِذِمَّتِهِ) بِأَنْ اشْتَرَى فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَأَتْلَفَهُ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يَرُدُّ عَلَى الرَّقَبَةِ، وَلَا تَعَلُّقَ لِرَبِّ الدَّيْنِ بِهَا. (وَكَذَا تَعَلُّقُ الْقِصَاصِ) بِرَقَبَتِهِ لَا يَضُرُّ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ تَرَجَّى سَلَامَتَهُ بِالْعَفْوِ، وَالثَّانِي يَضُرُّ لِأَنَّ مُسْتَحِقَّ الْقِصَاصِ قَدْ يَعْفُو عَلَى مَالٍ فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَتَعَلُّقُهُ بِهَا ضَارٌّ كَمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَهُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونُ آخِرَهُ أَوْ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءُ آخِرَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَك أَنْ تَقُولَ إلَخْ) تَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ جَوَابُهُ بِإِمْكَانِ تَدَارُكِ النَّفْعِيِّ فِي الْأَرْضِ.
قَوْلُهُ: (وَالْمَرْهُونِ) وَلَوْ شَرْعًا كَأُجْرَةِ نَحْوِ قَصَّارٍ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِصَارَتِهِ، وَلَوْ قَبْلَ فَرَاغِهَا وَمَاءِ طَهَارَةٍ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِ مُرْتَهِنِهِ) فَيَصِحُّ بِإِذْنِهِ وَأَنْ يَشْتَرِيَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْمُوسِرِ) فَالْمُعْسِرُ عَلَى خِيرَتِهِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (فَسَخَ) إنْ لَمْ يُسْقِطْ الْفَسْخُ حَقَّهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ كَوَارِثِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ يَعُودُ إلَى مِلْكِهِ فَيَسْقُطُ الْأَرْشُ، وَالْفَاسِخُ الْحَاكِمُ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ مَالِ الْمُوسِرِ بِقَدْرِ الْأَرْشِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُوسِرُ كَمَا فِي الْعُبَابِ. قَوْلُهُ: (صَحَّ جَزْمًا) فَإِنْ تَعَذَّرَ الْفِدَاءُ وَلَوْ بِإِفْلَاسٍ أَوْ صَبْرٍ عَلَى حَبْسٍ أَوْ غَيْبَةِ فَسَخَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِذِمَّتِهِ) أَيْ أَوْ كَسْبِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ فِي تَعَلُّقِ الْقِصَاصِ بِعُضْوِهِ) وَإِنْ تَحَتَّمَ كَقَطْعِ طَرِيقٍ. قَوْلُهُ: (بِالْعَفْوِ) أَيْ مَجَّانًا عَنْ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَإِلَّا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ، كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَالرَّافِعِيِّ. قَالَ شَيْخُنَا: وَالْوَجْهُ الْفَسْخُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ ابْتِدَاءً. نَعَمْ لَوْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ ثُمَّ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ لَمْ يَبْطُلْ الْعِتْقُ وَلَا يُفْسَخُ وَيَنْتَظِرُ يَسَارَ السَّيِّدِ بِالْفِدَاءِ.
قَوْلُهُ: (الرَّابِعُ الْمِلْكُ) أَيْ مِلْكُ التَّصَرُّفِ التَّامِّ فَدَخَلَ الْوَكِيلُ وَخَرَجَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (الْوَاقِعُ) أَيْ الْمَوْجُودُ أَيْ أَنْ يَصْدُرَ الْعَقْدُ الْمَوْجُودُ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ إيجَادِهِ فَخَرَجَ الْفُضُولِيُّ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَفْسِيرِ الْوَاقِعِ بِالنَّاجِزِ بَلْ لَا يَسْتَقِيمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِيهِ أَغْرَاضٌ صَحِيحَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالْقِيَاسُ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الثَّوْبَ يُنْسَجُ لِيُقْطَعَ بِخِلَافِ الْإِنَاءِ وَالسَّيْفِ. قَوْلُهُ: (وَمِمَّا يَصْدُقُ إلَخْ) يُرِيدُ بِهَذَا إيضَاحَ قَوْلِ النَّوَوِيِّ الْآتِي حَيْثُ قُلْنَا لَا يَصِحُّ وَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّاجِحِ. قَوْلُهُ: (وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِجَوَازِ الْقَطْعِ لِهَذَا الْغَرَضِ، وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي امْتِنَاعِ الْبَيْعِ مَوْجُودَةٌ فِيهِ، وَالْإِشْكَالُ قَوِيٌّ جِدًّا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا بَيْعُ الْمَرْهُونِ إلَخْ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ مِثْلُهُ الْأَشْجَارُ الْمُسَاقِي عَلَيْهَا قَبْلَ انْقِضَاءُ الْمُدَّةِ. اهـ. قُلْت وَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الْمُسَاقَاةِ إذَا أَذِنَ الْعَامِلُ وَبِيعَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ إلَخْ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَلَوْ قَلَّ الْمَالُ وَزَادَتْ الْقِيمَةُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (قِيلَ وَالْمُعْسِرُ) أَيْ وَيَتَخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ لَكِنْ لَوْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الْفِدَاءِ أَوْ تَأَخَّرَ لِإِفْلَاسِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ صَبْرِهِ عَلَى الْحَبْسِ فُسِخَ الْبَيْعُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِيمَا لَوْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ ثُمَّ بَاعَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ تُرْجَى سَلَامَتُهُ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ كَالْمَرَضِ لَكِنْ لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ حَصَلَ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ أَمْ لَا؟ حَكَى الرَّافِعِيُّ فِيمَا لَوْ رَهَنَهُ، ثُمَّ حَصَلَ الْعَفْوُ وَجْهَيْنِ وَفِي كَلَامِهِ إشْعَارٌ يُرَجِّحَانِ الْبُطْلَانَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَلْيَجْرِ ذَلِكَ هُنَا.
تَتِمَّةٌ: مِمَّا يَنْدَرِجُ فِي هَذَا الشَّرْطِ بَيْعُ الثَّوْبِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي السِّتْرِ وَالْمَاءِ الَّذِي يُحْتَاجُ إلَى الطَّهَارَةِ بِهِ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِمَنْ لَهُ الْعَقْدُ) فَرَّ مِنْ الْعَاقِدِ لِيُدْخِلَ نَحْوَ الْوَكِيلِ وَالْوَلِيِّ وَالْقَاضِي فَوَرَدَ عَلَيْهِ الْفُضُولِيُّ، وَغَرَضُهُ إخْرَاجُهُ بِدَلِيلِ تَرْتِيبِ حُكْمِهِ بِالْفَاءِ ثُمَّ الدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا طَلَاقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا عِتْقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا بَيْعَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا وَفَاءَ بِنَذْرٍ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ. قَوْلُهُ: (الْوَاقِعُ) هَذِهِ اللَّفْظَةُ لَمْ أَفْهَمَ مَعْنَاهَا، وَلَوْ قَالَ الْمَتْنُ: لِمَنْ يَقَعُ لَهُ الْعَقْدُ لَكَانَ وَاضِحًا. قَوْلُهُ: (أَوْ