عُمَرَ قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ وَهَذَا إسْنَادُهُ صَحِيحٌ مَلِيحٌ. (وَمَا لَا نَقْلَ فِيهِ) عَنْ السَّلَفِ (يُحْكَمُ بِمِثْلِهِ) مِنْ النَّعَمِ (عَدْلَانِ) فَقِيهَانِ فَطِنَانِ ثُمَّ الْكَبِيرُ مِنْ الصَّيْدِ يُفْدَى بِالْكَبِيرِ مِنْ مِثْلِهِ مِنْ النَّعَمِ وَالصَّغِيرُ بِالصَّغِيرِ، وَيُجْزِئُ فِدَاءُ الذَّكَرِ بِالْأُنْثَى وَعَكْسُهُ وَالْمَرِيضُ بِالْمَرِيضِ وَالْمَعِيبُ بِالْمَعِيبِ، إذَا اتَّحَدَ جِنْسُ الْعَيْبِ كَالْعَوَرِ وَإِنْ كَانَ عَوَرُ أَحَدِهِمَا فِي الْيَمِينِ وَالْآخَرِ فِي الْيَسَارِ فَإِنْ اخْتَلَفَ كَالْعَوَرِ وَالْجَرَبِ فَلَا، وَلَوْ قَابَلَ الْمَرِيضَ بِالصَّحِيحِ أَوْ الْمَعِيبَ بِالسَّلِيمِ فَهُوَ أَفْضَلُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيَفْدِي السَّمِينَ بِسَمِينٍ وَالْهَزِيلَ بِهَزِيلٍ (وَفِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ) كَالْجَرَادِ وَالْعَصَافِيرِ (الْقِيمَةُ) قِيَاسًا وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْحَمَامُ فَفِي الْحَمَامَةِ شَاةٌ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ زَادَ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ عُمَرَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مُسْتَنَدَهُمْ فِيهِ تَوْقِيفٌ بَلَغَهُمْ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ وَيُقَاسُ بِهِ مَحَلُّ التَّلَفِ، وَسَيَأْتِي مَا يَفْعَلُ بِالْقِيمَةِ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّوْمِ وَالتَّخْيِيرُ فِي الْمِثْلِيِّ بَيْنَ ذَبْحِ مِثْلِهِ وَتَقْوِيمِهِ وَالصَّوْمِ.

(وَيَحْرُمُ قَطْعُ نَبَاتِ الْحَرَمِ الَّذِي لَا يُسْتَنْبَتُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ لَا يَسْتَنْبِتُهُ النَّاسُ وَهُوَ مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ شَجَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ شَجَرٍ وَهُوَ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُسْتَنْبَتَ مِنْ الشَّجَرِ كَغَيْرِهِ، وَدَلِيلُهُمَا مَا فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ السَّابِقِ بَعْدَ ذِكْرِ الْبَلَدِ أَيْ مَكَّةَ «لَا يُعْضَدُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (عَدْلَانِ) وَلَوْ ظَاهِرًا ذَكَرَانِ حُرَّانِ فَقِيهَانِ، وَلَوْ بِهَذَا الْبَابِ فَقَطْ، فَطِنَانِ أَيْ ذَوَا حِذْقٍ وَمَعْرِفَةٍ. وَلَوْ حَكَمَ عَدْلَانِ بِمِثْلٍ وَآخَرَانِ بِقِيمَةٍ قُدِّمَ الْأَوَّلَانِ أَوْ بِمِثْلٍ آخَرَ تَخَيَّرَ.

فَائِدَةٌ: يَفْسُقُ الْعَدْلُ بِقَتْلِ الصَّيْدِ عَمْدًا عُدْوَانًا لِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ. قَالَهُ السَّنْبَاطِيُّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْكَبِيرُ مِنْ الصَّيْدِ يُفْدَى بِالْكَبِيرِ وَالصَّغِيرُ بِالصَّغِيرِ وَيُجْزِئُ فِدَاءُ الذَّكَرِ بِالْأُنْثَى وَعَكْسُهُ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا فِيهِ نَقْلٌ بِخُصُوصِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرِيضُ بِالْمَرِيضِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمَرَضُ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ: وَالْمَعِيبُ بِالْمَعِيبِ نَعَمْ تُفْدَى الْحَامِلُ بِمِثْلِهَا وَلَكِنَّهَا لَا تُذْبَحُ، فَيَخْرُجُ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا فِي مَحَلِّ ذَبْحِهَا لَوْ ذُبِحَتْ طَعَامًا لِلْفُقَرَاءِ أَوْ يَصُومُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اخْتَلَفَ) أَيْ جِنْسُ الْعَيْبِ كَالْعَوَرِ وَالْجَرَبِ فَلَا يُجْزِئُ. قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ الْحَمَامُ لَمْ يَقُلْ وَمِنْهُ مَا فِيهِ نَقْلٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّ مَا فِيهِ النَّقْلُ هُنَا فَرْدٌ مَخْصُوصٌ. وَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مَا عَبَّ أَيْ شَرِبَ الْمَاءَ بِلَا مَصٍّ وَهَدَرَ أَيْ صَوَّتَ. وَهُوَ لَازِمٌ لِلْأَوَّلِ كَالْفَاخِتِ وَالْقُمْرِيِّ وَالْقَطَا وَالْكَرَوَانِ وَالْيَمَامِ.

فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونَ: كُلُّ دِمَاءِ الْحَجِّ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْإِجْزَاءُ فِي الْأُضْحِيَّةِ الْإِدْمَاءُ الصَّيْدُ وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ) أَوْ التَّلَفِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَحَلُّ الْجَرْحِ مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ قَطْعُ أَوْ قَلْعُ نَبَاتِ الْحَرَمِ) وَلَوْ فِي بَعْضِ أَصْلِهِ أَوْ مَمْلُوكًا، وَإِنْ كَانَ أَغْصَانُهُ فِي هَوَاءِ الْحِلِّ بِخِلَافِ عَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (شَجَرًا كَانَ) وَهُوَ مَا لَهُ سَاقٌ أَوْ غَيْرَ شَجَرٍ وَهُوَ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ غَيْرُ الشَّجَرِ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ. لَوْ قَالَ: الْعُشْبُ أَوْ الْخَلَا أَوْ الْكَلَأُ الرَّطْبُ لَكَانَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (ثُمَّ الْكَبِيرُ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: هَذَا جَارٍ فِي الْقِسْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ يَعْنِي مَا لَا نَقْلَ فِيهِ، وَمَا فِيهِ نَقْلٌ اهـ.

وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي غَيْرِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَكَذَا فِيهِمَا عِنْدَ عَدَمِ النَّصِّ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُمَا بِخُصُوصِهِ، كَالتَّيْسِ فِي الظَّبْيِ وَالْعَنْزِ فِي الظَّبْيَةِ، وَالْعَنَاقِ فِي الْأَرْنَبِ وَالْكَبْشِ فِي الضَّبُعِ، وَالْجَفْرَةِ فِي الْيَرْبُوعِ وَالْوَبْرِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْغَزَالَ اسْمٌ لِلصَّغِيرِ، وَأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، فَإِنَّ الْغَزَالَ ذَكَرٌ فَوَاجِبُهُ ذَكَرٌ مِنْ صِغَارِ الْمَعْزِ كَالْجَدْيِ أَوْ الْجَفْرِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ جِسْمُ الصَّيْدِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثًى فَالْعَنَاقُ أَوْ الْجَفْرَةُ اهـ. فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي التَّعْيِينِ لَكِنْ صَرَّحَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِعَدَمِهِ فِي هَذَا، وَفِي غَيْرِهِ وَكَلَامُ السُّبْكِيّ يُوَافِقُهُ وَكَذَا صَرِيحُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ فَلْيُعْتَمَدْ وَكَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ: تَبَعًا لِلْحَدِيثِ قَدْ لَا يُنَافِيهِ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْوَاجِبُ، وَلَكِنَّ غَيْرَهُ يُجْزِئُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَعَكْسُهُ) أَيْ فِي الْقِسْمَيْنِ صَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُهُ: (قِيَاسًا) أَيْ عَلَى ضَمَانِ إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَحْمُولٌ إلَخْ) وَقِيلَ حَكَمُوا بِذَلِكَ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّبَهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَأْلَفُ الْبُيُوتَ، وَيَأْنَسُ بِهِ النَّاسُ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ لَوْ كَانَ صَغِيرًا، فَهَلْ تَجِبُ سَخْلَةٌ أَوْ شَاةٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ.

قَوْلُهُ: (شَجَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ شَجَرٍ) لَوْ ضَيَّقَ الشَّجَرُ الطَّرِيقَ وَضَرَّ الْمَارَّةَ جَازَ قَطْعُهُ، فَفِي مُسْلِمٍ «رَأَيْت رَجُلًا فِي الْجَنَّةِ يَعْضُدُ شَجَرَ شَوْكٍ أَزَالَهُ مِنْ الطَّرِيقِ» . قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْحَشِيشُ الرَّطْبُ) قِيلَ: هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمِنْهَاجِ لِأَنَّ الْيَابِسَ مَغْرُوزٌ لَا نَابِتٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015