إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) فَيَجُوزُ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ مِنْهُ وَالْخُفَّيْنِ إذَا قُطِعَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَلَا فِدْيَةَ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى لُبْسِ الْمَخِيطِ لِمُدَاوَاةٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ جَازَ وَوَجَبَتْ الْفِدْيَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السِّتْرِ، وَإِنْ سَتَرَ أَوْ لَبِسَ الْمَخِيطَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ، وَمِنْ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِ الْقُفَّازُ، وَسَيَأْتِي وَأُلْحِقَ بِهِ مَا لَوْ اتَّخَذَ لِسَاعِدِهِ مَثَلًا مَخِيطًا، أَوْ لِلِحْيَتِهِ خَرِيطَةً يُغْلِقُهَا بِهَا إذَا خَضَّبَهَا (وَوَجْهُ الْمَرْأَةِ كَرَأْسِهِ) أَيْ الرَّجُلِ فِي حُرْمَةِ السَّتْرِ الْمَذْكُورِ فِيهِ إلَّا لِحَاجَةٍ فَيَجُوزُ، وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ سَتَرَتْهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ (وَلَهَا لُبْسُ الْمَخِيطِ) فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ (إلَّا الْقُفَّازَ فِي الْأَظْهَرِ) وَهُوَ مَخِيطٌ مَحْشُوٌّ بِقُطْنٍ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ لِيَقِيَهُمَا مِنْ الْبَرْدِ وَيُزَرُّ عَلَى السَّاعِدَيْنِ رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي خَرَّ مِنْ بَعِيرِهِ مَيِّتًا: لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا الْعِمَامَةَ وَلَا الْخُفَّ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا يَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ مَا مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ» زَادَ الْبُخَارِيُّ «وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ» . وَرَوَيَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْإِزَارَ» .
وَرَوَى مُسْلِمٌ «مَنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ» ، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بَنَاتَه بِلُبْسِ الْقُفَّازَيْنِ فِي الْإِحْرَامِ، وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ «لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ إحْرَامٌ إلَّا فِي وَجْهِهَا» ، قَالَا: وَالصَّحِيحُ وَقْفُهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ رَاوِيهِ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: 196] أَيْ فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ وَقِيسَ عَلَى الْحَلْقِ بَاقِي الْمُحَرَّمَاتِ لِلْعُذْرِ فَلِغَيْرِهِ أَوْلَى، ثُمَّ اللُّبْسُ مَرْعِيٌّ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مَا يُعْتَادُ فِي كُلِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــSبَشَرًا وَشَعْرًا فِي حَدِّهِ بِخِلَافِ مَا اسْتَرْسَلَ مِنْهُ وَمِنْ الرَّأْسِ الْبَيَاضُ خَلْفَ الْأُذُنِ وَيَجِبُ كَشْفُ جُزْءٍ مِمَّا حَوَالَيْ الرَّأْسِ الْمُلَاصِقِ لَهُ لِإِتْمَامِ الْوَاجِبِ، وَخَرَجَ بِهِ الْوَجْهُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ الذَّكَرُ يَقِينًا فَدَخَلَ الصَّبِيُّ وَخَرَجَ الْخُنْثَى لِأَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ.
تَنْبِيهٌ: تَعَدُّدُ الرَّأْسِ يُعْتَبَرُ بِمَا فِي الْوُضُوءِ.
قَوْلُهُ: (بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا) أَيْ عُرْفًا وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ كَالزُّجَاجِ وَمُهَلْهَلِ النَّسْجِ. قَوْلُهُ: (طِينٌ ثَخِينٌ) بِخِلَافِ الرَّقِيقِ. قَوْلُهُ: (كَوَضْعِ يَدِهِ إلَخْ) وَلَا فِدْيَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّ قَصَدَ بِهِ السَّتْرَ وَإِنْ حُرِّمَ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا حَجَرٍ: وُجُوبُ الْفِدْيَةِ عِنْدَ الْقَصْدِ الْمَذْكُورِ. وَشَرْحُ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ: وَفِيهِ أَنَّ الزِّنْبِيلَ إذَا صَارَ كَالْقَلَنْسُوَةِ وَجَبَتْ فِيهِ الْفِدْيَةُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِظْلَالُ بِالْمَحْمِلِ) وَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ. وَمِثْلُهُ رَفْعُ ثَوْبٍ عَلَى أَعْوَادٍ مَثَلًا لِمَنْعِ نَحْوِ حَرٍّ. قَوْلُهُ: (فِي الْمَاءِ) وَلَوْ كَدِرًا وَمِثْلُهُ لَبَنُ وَمُصَلٍّ. وَفَارَقَ الصَّلَاةَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ. قَوْلُهُ: (وَشَدَّهُ بِخَيْطٍ) خَرَجَ الْعِصَابَةُ فَتَجِبُ فِيهَا الْفِدْيَةُ، وَلَوْ شَدَّ جِرَاحَهُ بِخِرْقَةٍ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الرَّأْسِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (مِنْ أَسْفَلِ الْكَعْبَيْنِ) وَإِنْ سَتَرَ الْقَدَمَ وَمِثْلُهُ الزُّرْبُولُ وَالزَّرْمُوزَةُ وَنَحْوُ الْقَبْقَابِ، وَالْقَطْعُ قَبْلَ اللُّبْسِ وَإِنْ خَالَفَهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (وَلَا فِدْيَةَ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ وُجْدَانِ غَيْرِهِ فَخَرَجَ مَا لَوْ وَجَدَ غَيْرَهُ كَالنَّعْلِ أَوْ احْتَاجَ لَهُ مَعَ عَدَمِ قَطْعِهِ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ مِثْلِهِمَا فَيَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْمَخِيطِ، وَالْمَعْقُودُ هُوَ الَّذِي لَزِقَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، كَثَوْبِ الْيَدِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لُبْسُ ثَوْبٍ لَزِقْته مِنْ وَرَقٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إذَا لَمْ يَجِدْ) أَيْ وَلَوْ بِإِعَارَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَتْنِ أَنَّ لُبْسَ الْمَخِيطِ يَتَوَقَّفُ جَوَازُهُ عَلَى فَقْدِ الْغَيْرِ، وَلَا تَكْفِي فِيهِ الْحَاجَةُ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ وَمُدَاوَاةٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ احْتَاجَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَالْخُفَّيْنِ إلَخْ) أَيْ بِشَرْطِ عَدَمِ النَّعْلَيْنِ لِلْحَدِيثِ الْآتِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَحُكْمُ الْمَدَاسِ وَهُوَ الزُّرْمُوزَةُ حُكْمُ الْخُفِّ الْمَقْطُوعِ اهـ. أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهَا عَدَمُ النَّعْلَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ فِيهَا بَعْضَ إحَاطَةٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ وَهُوَ الْجَهْلُ أَوْ النِّسْيَانُ مُطْلَقًا أَوْ الْفَقْدُ فِي السَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ. قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْمُحَرَّمِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي سَائِرِ بَدَنِهِ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُحَرَّمُ أَنْ يَتَّخِذَ لِلسَّاعِدَةِ أَوْ لِعُضْوٍ آخَرَ شَيْئًا مُحِيطًا بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ وَهَكَذَا لَوْ اتَّخَذَ لِحْيَتَهُ خَرِيطَةً فَتَلَخَّصَ أَنَّ ضَابِطَ مَا يُحَرَّمُ، أَنْ يَكُونَ فِيهِ إحَاطَةٌ لِلْبَدَنِ أَوْ لِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ قَالَ نَعَمْ. خَرِيطَةُ اللِّحْيَةِ لَا تَدْخُلُ فِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مُسَمَّى الْبَدَنِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) الْمُرَادُ بِالْعُذْرِ هُنَا الْجَهْلُ أَوْ النِّسْيَانُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا الْقُفَّازَ إلَخْ) مِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ لَهَا شَدَّ كُمِّهَا عَلَى يَدِهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ السَّتْرِ بِغَيْرِ الْقُفَّازَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَدِيثِ «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ» إلَخْ) وَرَوَى مُسْلِمٌ «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ» ، وَحَمَلَهُ أَئِمَّتُنَا عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ الْوَجْهَ احْتِيَاطًا لِلرَّأْسِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا» هُوَ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ.
وَقَالَ الْجُعْفِيُّ: يَجُوزُ لُبْسُ الْخُفِّ الْمَقْطُوعِ مَعَ وُجُودِ النَّعْلِ.
قَوْلُهُ: (وَرَوَى الشَّافِعِيُّ إلَخْ) هَذَا تَوْجِيهٌ مُقَابِلٌ الْأَظْهَرَ. قَوْلُهُ: (وَقِيسَ عَلَى الْحَلْقِ إلَخْ) نَظَرَ