بِأَنْ يَرْمِيَ أَوَّلًا إلَى الْجَمْرَةِ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ ثُمَّ إلَى الْوُسْطَى ثُمَّ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَكَوْنُ الْمَرْمِيِّ حَجَرًا) لِذِكْرِ الْحَصَى فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ وَهُوَ مِنْ الْحَجَرِ فَيُجْزِئُ بِأَنْوَاعِهِ كَالْكَذَّانِ وَالْبِرَامِ وَالْمَرْمَرِ، وَكَذَا مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْفُصُوصُ كَالْيَاقُوتِ وَالْعَقِيقِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يُجْزِئُ اللُّؤْلُؤُ وَمَا لَيْسَ بِحَجَرٍ مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ كَالْإِثْمِدِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْجِصِّ وَمَا يَنْطَبِعُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَغَيْرِهِمَا (وَأَنْ يُسَمِّيَ رَمْيًا فَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ) فِي الْمَرْمَى لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَارِدِ، وَقِيلَ يَكْفِي، وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ الرَّمْيِ فَلَوْ رَمَى فِي الْهَوَاءِ فَوَقَعَ فِي الْمَرْمَى لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ. (وَالسُّنَّةُ أَنْ يَرْمِيَ بِقَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ) لِمَا تَقَدَّمَ

ـــــــــــــــــــــــــــــSالْوَقْتُ، وَلَمْ يُؤَخَّرْ لِجَمْعِ تَأْخِيرٍ. قَوْلُهُ: (وَيَخْرُجُ) أَيْ وَقْتُ الرَّمْيِ الِاخْتِيَارِيُّ بِغُرُوبِهَا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الزَّوَالِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (خُطْبَةً) أَيْ فَرْدَةً كَمَا مَرَّ وَكَذَا الَّتِي بَعْدَهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ) أَيْ لِصِحَّةِ الرَّمْيِ شُرُوطٌ ثَمَانِيَةٌ أَوْ تِسْعَةٌ أَوْ عَشَرَةٌ: كَوْنُهُ فِي الْوَقْتِ، وَتَرْتِيبُ الرَّمْيِ وَتَرْتِيبُ الْجَمَرَاتِ وَكَوْنُهُ سَبْعًا وَكَوْنُهُ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَكَوْنُهُ بِحَجَرٍ، وَكَوْنُهُ يُسَمَّى رَمْيًا وَكَوْنُهُ بِيَدٍ وَقَصْدُ الرَّمْيِ وَوُقُوعُهُ فِي الْمَرْمَى وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْأَخِيرَيْنِ لِعِلْمِهِمَا مِمَّا ذُكِرَ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَسْجِدَ الْخَيْفِ) نِسْبَةً إلَى مَحَلِّهِ لِأَنَّ الْخَيْفَ اسْمٌ لِمَكَانٍ ارْتَفَعَ عَنْ السَّيْلِ وَانْحَطَّ عَنْ غِلَظِ الْجَبَلِ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَاحِدَةً وَاحِدَةً) أَيْ رَمْيَةً بَعْدَ رَمْيَةٍ بِحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَلَوْ رَمَى اثْنَيْنِ مَعًا وَلَوْ بِيَدَيْهِ مَعًا حُسِبَتَا وَاحِدَةً، وَإِنْ تَرَتَّبَتَا فِي الْوُقُوعِ بِخِلَافِهِ مَا لَوْ رَمَاهُمَا مُرَتِّبًا فَيُحْسَبَانِ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ وَقَعَتَا مَعًا أَوْ سَبَقَتْ الثَّانِيَةُ الْأُولَى فِي الْوُقُوعِ. قَوْلُهُ: (جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ) وَهِيَ الْأَقْرَبُ إلَى مَكَّةَ وَلَيْسَتْ مِنْ مِنًى كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (حَجَرًا) وَلَوْ مَغْصُوبًا أَوْ مُتَنَجِّسًا وَإِنْ حَرُمَ أَوْ كُرِهَ. قَوْلُهُ: (كَالْكَذَّانِ) هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْبَلَاطُ الْمَعْرُوفُ. قَوْلُهُ: (وَالْبِرَامِ) وَهُوَ مَا يُعْمَلُ مِنْهُ الْقُدُورُ. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْمَرِ) وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الرُّخَامِ الْمَشْهُورِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْفُصُوصُ) فَيُجْزِئُ كَالْعَقِيقِ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ وَلَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ لِغَرَضٍ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الْحُرْمَةُ. قَوْلُهُ: (كَالْإِثْمِدِ) وَهُوَ الْكُحْلُ الْأَسْوَدُ فَلَا يُجْزِئُ. قَوْلُهُ: (وَالْجِصِّ) وَهُوَ الْكَذَّانُ بَعْدَ طَبْخِهِ وَمِثْلُهُ الْخَزَفُ لِأَنَّهُ مَطْبُوخٌ كَالْآجُرِّ فَلَا يُجْزِئُ، وَكَخَرَزٍ وَمِلْحٍ وَمَدَرٍ وَتِبْرٍ لَا حَجَرَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَنْطَبِعُ) أَيْ وَطُبِعَ بِالْفِعْلِ وَصْفِيٌّ مِنْ حَجَرِهِ وَإِلَّا كَفَى لِأَنَّ فِيهِ الْحَجَرَ كَامِنًا، وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ صِحَّةُ الرَّمْيِ بِخَاتَمِ فِضَّةٍ وَفِيهِ فَصٌّ مِنْ حَجَرٍ كَيَاقُوتٍ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُسَمَّى رَمْيًا) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ بِالْيَدِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَمْيًا بِغَيْرِهَا وَأَنَّهُ مَقْصُودٌ لِأَنَّهُ بِغَيْرِهِ وُقُوعٌ، وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الْوَضْعُ فِي الْمَرْمَى لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَمْيًا وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَسْحَ الرَّأْسِ بِوَضْعِ نَحْوِ الْيَدِ الْمُبْتَلَّةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ وُصُولُ الْمَاءِ إلَيْهِ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْيَدُ وَالْوَجْهُ اُعْتُبِرَ مَا لَيْسَ زَائِدًا وَلَا يَكْفِي بِرِجْلٍ وَلَا مِقْلَاعٍ، قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ فَاقِدَ الْيَدَيْنِ يَسْتَنِيبُ وَلَا يَرْمِي بِرِجْلِهِ مَثَلًا فَرَاجِعْهُ.

وَفِي ابْنِ حَجَرٍ جَوَازُهُ بِالرِّجْلِ ثُمَّ الْفَمُ لِفَاقِدِ الْيَدَيْنِ. وَسَكَتَ عَنْهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ. وَيُنْدَبُ تَقْدِيمُ الْيَدِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَوَضْعُ الْحَصَاةِ عَلَى بَاطِنِ الْإِبْهَامِ وَرَمْيُهَا بِظُفْرِ السَّبَّابَةِ وَأَنْ يَرْمِيَ رَاجِلًا إلَّا فِي يَوْمِ النَّفْرِ، وَأَنْ يَدْنُوَ مِنْ الْمَرْمَى وَأَنْ يَرْمِيَ مِنْ عُلُوِّهِ إلَّا فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَمِنْ بَطْنِ الْوَادِي، وَيُنْدَبُ لِلرَّجُلِ رَفْعُ يَدِهِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ بَيَاضُ إبْطِهِ وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فِي حَالَةِ الرَّمْيِ إلَّا فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ كَمَا مَرَّ. وَيُكْرَهُ الرَّمْيُ بِدُونِ قَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ أَوْ بِأَكْبَرَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (قَصْدُ الْمَرْمَى) أَيْ أَنْ لَا يُقْصَدُ غَيْرُ الرَّمْيِ فِيهِ، وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْحَصَى الْمُقَدَّرِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّبْعِ إلَخْ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعَدَدِ بِالرَّمْيِ لَا بِالْوُقُوعِ، فَلَوْ رَمَى مُرَتِّبًا ثُمَّ وَقَعَا مَعًا أَوْ سَبَقَتْ الْمُتَأَخِّرَةُ، صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَمَاهُمَا مَعًا وَإِنْ وَقَعَا مُرَتِّبًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَاحِدَةً وَاحِدَةً) رُبَّمَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِيمَا لَوْ رَمَاهَا مَصْحُوبَةً بِغَيْرِهَا، وَهَكَذَا حَتَّى أَتَى عَلَى السَّبْعِ وَلَيْسَ مُرَادًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنْ يُسَمَّى رَمْيًا) قِيلَ رُبَّمَا يُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ أَوَّلًا، وَيُشْتَرَطُ رَمْيُ السَّبْعِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ الْمَرْمَى) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ رَمَى إلَى الْعَلَمِ الْمَنْصُوبِ فِي الْجَمْرَةِ فَأَصَابَهُ ثُمَّ وَقَعَ فِيهِ، لَا يُجْزِئُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي، وَيُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّهُ قَصَدَ الرَّمْيَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ. قَالَ الْهُذَلِيُّ: وَالثَّانِي أَقْرَبُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَلَمْ يَذْكُرُوا لِلرَّمْيِ ضَابِطًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْمِيَ فِي أَصْلِ الْعَلَمِ، وَقَرِيبًا مِنْهُ وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْحَصَى دُونَ مَا سَالَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالسُّنَّةُ أَنْ يَرْمِيَ إلَخْ) لَكِنْ لَا عَلَى هَيْئَةِ الْخَذْفِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَيُسَنُّ أَنْ يَرْفَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَّى بَيَاضِ إبْطِهِ، وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فِي رَمْيِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِخِلَافِ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ، فَإِنَّهُ يَسْتَبْطِنُ الْوَادِيَ، وَيَجْعَلُ الْقِبْلَةَ عَنْ يَسَارِهِ وَعَرَفَاتِ عَنْ يَمِينِهِ، وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ الرَّمْيِ، وَلَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ النُّسُكِ وَلَوْ وَقَعَتْ فِي غَيْرِ الْمَرْمَى، ثُمَّ تَدَحْرَجَتْ إلَيْهِ لَمْ يَضُرَّ بِخِلَافِ، مَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَى رَأْسِ بَعِيرٍ ثُمَّ تَدَحْرَجَتْ، وَكَأَنَّ الْفَارِقَ احْتِمَالُ كَوْنِ التَّدَحْرُجِ نَاشِئًا عَنْ حَرَكَةِ الْبَعِيرِ، وَلَوْ أَصَابَتْ عُنُقَ الْبَعِيرِ وَنَحْوَهُ وَرَجَعَتْ إلَى الْمَرْمَى لَمْ يَضُرَّ، فَإِنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015