اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَانَ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ خَطَبَ النَّاسَ وَأَخْبَرَهُمْ بِمَنَاسِكِهِمْ» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيَوْمُ التَّرْوِيَةِ الْيَوْمُ الثَّامِنُ وَلَوْ كَانَ التَّتَابُعُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَطَبَ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (وَيَخْرُجُ بِهِمْ مِنْ الْغَدِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَإِنْ كَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ فَقَبْلَ الْفَجْرِ (إلَى مِنًى وَيَبِيتُونَ بِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ قَصَدُوا عَرَفَاتٍ، قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَلَا يَدْخُلُونَهَا بَلْ يُقِيمُونَ بِنَمِرَةَ بِقُرْبِ عَرَفَاتٍ حَتَّى نُزُولِ الشَّمْسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ يَخْطُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ الزَّوَالِ خُطْبَتَيْنِ) لِلِاتِّبَاعِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ يُبَيِّنُ لَهُمْ فِي أُولَاهُمَا مَا أَمَامَهُمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ إلَى خُطْبَةِ يَوْمِ النَّحْرِ وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى إكْثَارِ الدُّعَاءِ وَالتَّهْلِيلِ بِالْمَوْقِفِ وَيُخَفِّفُهَا وَيَجْلِسُ بَعْدَ فَرَاغِهَا بِقَدْرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ، ثُمَّ يَقُومُ إلَى الثَّانِيَةِ وَيَأْخُذُ الْمُؤَذِّنُ فِي الْأَذَانِ وَيُخَفِّفُهَا بِحَيْثُ يَفْرُغُ مِنْهَا مَعَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ. قِيلَ: مِنْ الْإِقَامَةِ وَقِيلَ: مِنْ الْأَذَانِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالرَّوْضَةِ، وَفِيهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ (ثُمَّ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمْعًا) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْجَمْعُ لِلسَّفَرِ وَقِيلَ: لِلنُّسُكِ وَيَقْصُرُهُمَا أَيْضًا الْمُسَافِرُونَ بِخِلَافِ الْمَكِّيِّينَ وَتُفْعَلَانِ وَالْخُطْبَتَانِ قِيلَ: بِنَمِرَةَ وَالْجُمْهُورُ بِمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ

ـــــــــــــــــــــــــــــSخُطَبِ الْحَجِّ الْأَرْبَعِ. وَالثَّانِيَةُ يَوْمَ عَرَفَةَ بِمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالثَّالِثَةُ يَوْمَ الْعِيدِ وَالرَّابِعَةُ فِي ثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَكُلُّهَا فُرَادَى وَبَعْدَ الصَّلَاةِ إلَّا الثَّانِيَةَ فِيهِمَا وَكُلُّهَا بَعْدَ الزَّوَالِ. قَوْلُهُ: (بِالْغُدُوِّ) أَيْ قَبْلَ الزَّوَالِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ لَفْظِ الْغُدُوِّ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ الْمُسَمَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ لِأَنَّهُمْ يَتَرَوَّوْنَ فِيهِ الْمَاءَ، وَيَأْمُرُ فِيهَا الْمُتَمَتِّعِينَ وَالْمَكِّيِّينَ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ وَبَعْدَ إحْرَامِهِمْ. وَهَذَا الطَّوَافُ مَنْدُوبٌ وَخَرَجَ بِالْمُتَمَتَّعِينَ وَالْمَكِّيِّينَ غَيْرُهُمْ مِنْ الْمُفْرِدِينَ وَالْقَارِنِينَ وَالْآفَاقِيِّينَ لِعَدَمِ تَحَلُّلِهِمْ وَعَدَمِ إقَامَتِهِمْ. قَوْلُهُ: (إلَى مِنًى) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ مُخَفَّفَةً عَلَى الْأَفْصَحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ضَمُّ الْمِيمِ خَطَأٌ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُنْيَةٍ أَيْ مَا يُتَمَنَّى وَهِيَ بِالْقَصْرِ وَتَذْكِيرُهَا أَغْلَبُ وَفِيهَا الصَّرْفُ وَعَدَمُهُ. وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا يُمْنَى أَيْ يُرَاقُ فِيهَا مِنْ الدِّمَاءِ. وَهِيَ مَا بَيْنَ وَادِي مُحَسِّرٍ وَأَسْفَلِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِأَنَّ الْجَمْرَةَ لَيْسَتْ مِنْهَا. وَذَلِكَ سَبْعَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَمِائَتَا ذِرَاعٍ بِذِرَاعِ الْيَدِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ فَرْسَخٌ، وَكَذَا مِنْهَا إلَى مُزْدَلِفَةَ، وَكَذَا مِنْهَا إلَى عَرَفَاتٍ. قَوْلُهُ: (إلَى الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ) هَذَا قَيْدٌ لِمَا هُوَ الْأَقَلُّ وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَذْكُرَ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ مَا أَمَامَهُمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ إلَى آخِرِ تَمَامِ الْحَجِّ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ) فَلَا يَكْفِي خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ عَنْهَا، وَإِنْ تَعَرَّضَ لَهَا فِيهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا. قَوْلُهُ: (بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ) وَالْأَوْلَى عِنْدَ الضُّحَى كَمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (إلَى مِنًى) فَيُصَلُّونَ فِيهَا الظُّهْرَ وَمَا بَعْدَهَا، وَيُنْدَبُ الْمَشْيُ فِي جَمِيعِ الْمَنَاسِكِ. قَوْلُهُ: (وَيَبِيتُونَ) عَطْفٌ عَلَى يَخْطُبُ فَهُوَ مَنْدُوبٌ وَمِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْ إيقَادِ الشُّمُوعِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ. قَوْلُهُ: (طَلَعَتْ الشَّمْسُ) أَيْ أَشْرَقَتْ عَلَى ثَبِيرٍ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ جَبَلٌ كَبِيرٌ بِمُزْدَلِفَةَ عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ إلَى عَرَفَةَ وَيَذْهَبُونَ إلَى عَرَفَةَ مِنْ طَرِيقِ ضَبٍّ، وَهُوَ جَبَلٌ مُطِلٌّ عَلَى مِنًى وَيَعُودُونَ مِنْ طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ وَهُمَا جَبَلَانِ بَيْنَ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ ضَيِّقٌ هِيَ الْمَأْزِمُ لُغَةً كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (بِنَمِرَةَ) بِفَتْحِ النُّونِ مَعَ كَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِهَا وَبِكَسْرِ النُّونِ مَعَ إسْكَانِ الْمِيمِ مَوْضِعٌ يُنْدَبُ الْغُسْلُ فِيهِ لِلْوُقُوفِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَذَانِ) الْمُرَادُ بِهِ الْإِقَامَةُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. وَبِهِ يَزُولُ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَيَزُولُ مَا قِيلَ: إنَّ الْأَذَانَ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ فَيَفُوتُ الْمَقْصُودُ مِنْهَا، وَلَا حَاجَةَ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْخُطْبَةِ التَّعْلِيمُ، وَقَدْ حَصَلَ بِالْخُطْبَةِ الْأُولَى. وَإِنَّمَا الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ ذِكْرٌ وَدُعَاءٌ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (بِمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ) الْخَلِيلِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَمَنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمَامُهُمْ إلَخْ) وَيَأْمُرُهُمْ فِيهَا بِطَوَافِ الْوَدَاعِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْخَطِيبُ مُحْرِمًا افْتَتَحَ الْخُطْبَةَ بِالتَّلْبِيَةِ وَإِلَّا فَبِالتَّكْبِيرِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنًى) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا يُمْنَى فِيهَا مِنْ الدِّمَاءِ أَيْ يُرَاقُ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ فَرْسَخٌ، وَكَذَا مِنْهَا إلَى الْمُزْدَلِفَةِ وَمِنْهَا إلَى عَرَفَاتٍ. وَقَوْلُهُ وَيَبِيتُونَ بِهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: هُوَ هَيْئَةٌ وَلَيْسَ بِنُسُكٍ يُجْبَرُ بِدَمٍ وَالْغَرَضُ مِنْهُ الِاسْتِرَاحَةُ لِلسَّيْرِ مِنْ الْغَدِ إلَى عَرَفَاتٍ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ سُنَّةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ يَخْطُبُ الْإِمَامُ إلَخْ) رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَزَلَ بِنَمِرَةَ حَتَّى إذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ، أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرَحَلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ أَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ رَكِبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتْ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا» .

قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الظُّهْرَ إلَخْ) وَيُسِرُّ فِيهِمَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَالْجَمْعُ لِلسَّفَرِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْقَصْرُ فَهُوَ لِلسَّفَرِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا صَرَّحَ الْأَصْحَابُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015