(وَلَا) يَنْقَطِعُ (بِالْخُرُوجِ) مِنْ الْمَسْجِدِ (نَاسِيًا) لِلِاعْتِكَافِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ فِيهِ قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَنْقَطِعُ، لِأَنَّ اللُّبْثَ مَأْمُورٌ بِهِ وَالنِّسْيَانُ لَيْسَ بِعُذْرٍ فِي تَرْكِ الْمَأْمُورَاتِ وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ، بِأَظْهَرَ الْقَوْلَيْنِ وَالْمُكْرَهُ كَالنَّاسِي فِيمَا ذُكِرَ وَعَلَى الرَّاجِحِ، لَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ النَّاسِي إلَّا بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ فَوَجْهَانِ كَمَا لَوْ أَكَلَ الصَّائِمُ كَثِيرًا نَاسِيًا.

(وَلَا) يَنْقَطِعُ (بِخُرُوجِ الْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ إلَى مَنَارَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ. (مُنْفَصِلَةٍ عَنْ الْمَسْجِدِ لِلْأَذَانِ) بِخِلَافِ غَيْرِ الرَّاتِبِ، (فِي الْأَصَحِّ) فِيهِمَا وَالثَّانِي يَنْقَطِعُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى صُعُودِ الْمَنَارَةِ لِإِمْكَانِ الْأَذَانِ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ، وَالثَّالِثُ لَا يَنْقَطِعُ فِيهِمَا لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ لِلْمَسْجِدِ مَعْدُودَةٌ مِنْ تَوَابِعِهِ، وَالْأَوَّلُ يَضُمُّ إلَى هَذَا الِاعْتِيَادِ الرَّاتِبِ صُعُودَهَا وَاسْتِئْنَاسَ النَّاسِ بِصَوْتِهِ فَيُعْذَرُ، وَيُجْعَلُ زَمَانُ الْأَذَانِ وَالْخُرُوجِ لَهُ مُسْتَثْنًى مِنْ اعْتِكَافِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ إلَيْهَا لِغَيْرِ الْأَذَانِ وَسَوَاءٌ فِي الْخِلَافِ فِيهَا كَانَتْ مُلْتَصِقَةً بِحَرِيمِ الْمَسْجِدِ أَمْ مُنْفَصِلَةً عَنْهُ، أَمَّا الَّتِي بَابُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي رَحْبَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ فَلَا يَضُرُّ صُعُودُهَا لِلْأَذَانِ وَغَيْرِهِ، كَسَطْحِ الْمَسْجِدِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي نَفْسِ الْمَسْجِدِ أَوْ الرَّحْبَةِ أَمْ خَارِجَةً عَنْ سَمْتِ الْبِنَاءِ وَتَرْبِيعِهِ، وَلِلْإِمَامِ احْتِمَالٌ فِي الْخَارِجَةِ عَنْ السَّمْتِ قَالَ: لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يُنَازِعُهُ فِيمَا وُجِّهَ بِهِ، وَسَكَتَ عَلَى ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ الرَّافِعِيُّ صَحِيحٌ.

(وَيَجِبُ قَضَاءُ أَوْقَاتِ الْخُرُوجِ) مِنْ الْمَسْجِدِ فِي أَدَاءِ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ الْمُتَتَابِعِ. (بِالْأَعْذَارِ) الَّتِي لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِهَا كَأَوْقَاتِ الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ وَغَيْرِهِمَا، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ فِيهَا، (إلَّا وَقْتَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَأَوْقَاتُهُ كَالْمُسْتَثْنَاةِ لَفْظًا مِنْ الْمُدَّةِ الْمَنْذُورَةِ وَكَذَا أَوْقَاتُ الْأَذَانِ لِلْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الزَّمَانَ الْمَصْرُوفَ إلَى الْعَارِضِ فِي الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ لِذَلِكَ أَيْضًا.

ـــــــــــــــــــــــــــــSفَلَا قَوْلُهُ: (لَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْ النَّاسِي إلَّا بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ) فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَضُرُّ أَخْذًا مِنْ التَّشْبِيهِ.

قَوْلُهُ: (رَاتِبٍ) الْمُرَادُ مَنْ أَلِفَ النَّاسُ صَوْتَهُ وَلَوْ غَيْرَ رَاتِبٍ أَوْ غَيْرَ مَأْنُوسٍ وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِالْأَذَانِ التَّسْبِيحَ الْمَعْهُودَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ.

قَوْلُهُ: (لِإِمْكَانِ الْأَذَانِ إلَخْ) وَبِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إذَا حَصَلَ بِهِ الشِّعَارُ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (مُنْفَصِلَةٍ عَنْهُ) بِحَيْثُ تُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَلِلْإِمَامِ احْتِمَالٌ) هُوَ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ) أَيْ عَلَى احْتِمَالِ الْإِمَامِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (إلَّا وَقْتَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) وَكَذَا كُلُّ مَا طُلِبَ الْخُرُوجُ لَهُ وَقَصُرَ زَمَنُهُ كَأَكْلٍ وَغُسْلِ جَنَابَةٍ، فَذِكْرُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لِلتَّعْمِيمِ لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَحُكْمُهُ بِعَدَمِ الِاعْتِكَافِ أَيْ حِسًّا لِأَنَّ حُكْمَهُ مُنْسَحِبٌ عَلَيْهِ فَلَوْ ارْتَكَبَ مَا يُبْطِلُهُ بَطَلَ.

فَرْعٌ: يَقْطَعُ التَّتَابُعَ الْخُرُوجُ لِمُبَاشَرَةِ وَظِيفَةٍ أَوْ لِصَلَاةِ جُمُعَةٍ، وَإِنْ وَجَبَ إلَّا بِشَرْطِهِمَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ كَرَاهَةِ إفْرَادِ نَحْوِ يَوْمِ جُمُعَةٍ أَوْ تَخْصِيصِ لَيْلَتِهَا بِهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQضَرَّ.

قَوْلُهُ: (كَمَا ذَكَرَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْأَظْهَرِ مِنْ قَوْلِهِ فِي أَظْهَرْ الْقَوْلَيْنِ.

قَوْلُهُ: (قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ) سَبَبُ هَذَا أَنَّ الْخِلَافَ مُخَرَّجٌ فَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْقَوْلَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْوَجْهَيْنِ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمَخْرَجَ يَسُوغُ فِيهِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَيُجْعَلُ زَمَانُ الْأَذَانِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَقْضِي أَيْضًا كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا وَقْتَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. لِذَلِكَ مَأْخَذَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الِاعْتِكَافَ مُسْتَمِرٌّ فِي أَوْقَاتِ الْخُرُوجِ لَهَا، وَالثَّانِي أَنَّ زَمَانَ الْخُرُوجِ لَهَا كَالْمُسْتَثْنَى لَفْظًا عَنْ الْمُدَّةِ اهـ.

وَظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْتِمَادُ الثَّانِي، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ السُّبْكِيّ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ، وَنَقَلَهُ عَنْ قَطْعِ جَمَاعَةٍ، وَأَنَّهُمْ اسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ لَوْ جَامَعَ فِي خُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ، وَفِي الْخَادِمِ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ زَمَنَ الْخُرُوجِ قَطْعًا فِي غَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَعْمِيمِ الْقَضَاءِ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيَّ، وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا قَالَ بِهِ، غَيْرَهُمَا بَعْدَ الْفَحْصِ الشَّدِيدِ بَلْ يُسْتَثْنَى أَيْضًا خُرُوجُ الْمُؤَذِّنِ وَالْجُنُبِ لِلِاغْتِسَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْمَرَضِ وَنَحْوِهَا، مِمَّا يَطُولُ زَمَنُهُ عَادَةً، قَالَ: وَالْمُوقِعُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْغَزَالِيَّ قَالَ: فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأَوْقَاتِ الْمَصْرُوفَةِ إلَى هَذِهِ الْأَعْذَارِ، وَأَشَارَ بِالْأَعْذَارِ إلَى أُمُورٍ عَدَدُهَا لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِمَّا قُلْنَا يَجِبُ اسْتِثْنَاؤُهُ، فَحَمَلَ الرَّافِعِيُّ هَذَا اللَّفْظَ عَلَى الْعُمُومِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ فَاعْلَمْهُ اهـ. نَقْلًا مِنْ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَالْمُهِمَّاتِ.

وَقَوْلُهُ: وَالْجُنُبُ لَا يُخَالِفُ كَلَامَ الشَّارِحِ، لِأَنَّ مُرَادَ الْإِسْنَوِيِّ زَمَنَ الْخُرُوجِ وَمُرَادَ الشَّارِحِ زَمَنَ الْجَنَابَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْقَضَاءِ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْقَاتَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ. قَوْلُهُ: (لِذَلِكَ أَيْضًا) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَالْمُسْتَثْنَاةِ لَفْظًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015