كَالْحَجِّ، وَهِيَ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] وَلَا بَأْسَ بِاللَّمْسِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَلَا بِالتَّقْبِيلِ عَلَى سَبِيلِ الشَّفَقَةِ وَالْإِكْرَامِ. (وَلَوْ جَامَعَ نَاسِيًا) لِلِاعْتِكَافِ (فَكَجِمَاعِ الصَّائِمِ) نَاسِيًا فَلَا يَضُرُّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَكَذَا جِمَاعُ الْجَاهِلِ بِتَحْرِيمِهِ.
(وَلَا يَضُرُّ التَّطَيُّبُ وَالتَّزَيُّنُ) بِلُبْسِ الثِّيَابِ وَتَرْجِيلِ الشَّعْرِ
(وَ) لَا (الْفِطْرُ بَلْ يَصِحُّ اعْتِكَافُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ) وَحُكِيَ قَوْلٌ قَدِيمٌ إنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ الصَّوْمُ فِي الِاعْتِكَافِ.
(وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ هُوَ فِيهِ صَائِمٌ لَزِمَهُ) الِاعْتِكَافُ يَوْمَ صَوْمِهِ، وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، فَلَوْ اعْتَكَفَ فِي رَمَضَانَ أَجْزَاهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِالنَّذْرِ صَوْمًا. (وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا لَزِمَاهُ) أَيْ الِاعْتِكَافُ وَالصَّوْمُ (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ جَمْعِهِمَا) وَالثَّانِي لَا يَجِبُ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا أَوْ يُصَلِّيَ مُعْتَكِفًا لَا يَجِبُ جَمْعُهُمَا. وَقِيلَ بِطَرْدِ الْوَجْهَيْنِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الصَّوْمَ يُنَاسِبُ الِاعْتِكَافَ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْكَفِّ وَالصَّلَاةُ أَفْعَالٌ مُبَاشِرَةٌ، لَا تُنَاسِبُ الِاعْتِكَافَ، وَالثَّالِثُ يَجِبُ الْجَمْعُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَصْلُحُ وَصْفًا لِلصَّوْمِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، فَإِنَّ الصَّوْمَ مِنْ مَنْدُوبَاتِ الِاعْتِكَافِ.
(وَيُشْتَرَطُ نِيَّةُ الِاعْتِكَافِ) فِي ابْتِدَائِهِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فِي الِاعْتِكَافِ وَعَبَّرَ فِيهَا فِي الرَّوْضَةِ كَالْوَجِيزِ بِالرُّكْنِ. (وَيَنْوِي فِي النَّذْرِ الْفَرْضِيَّةَ) وُجُوبًا. (وَإِذَا أَطْلَقَ) نِيَّةَ الِاعْتِكَافِ. (كَفَتْهُ نِيَّتُهُ) هَذِهِ (وَإِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSلَمْسٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ بِلَا حَائِلٍ كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا وَإِنَّ الِاسْتِمْنَاءَ يُبْطِلُهُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لِحُرْمَتِهَا) أَيْ فِي الْوَاجِبِ لِمَا مَرَّ
. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ التَّطَيُّبُ إلَخْ) وَلَا الْأَكْلُ وَلَا الشُّرْبُ وَلَا الْأَمْرُ بِإِصْلَاحِ مَعَاشِهِ وَلَا كِتَابَةُ الْعِلْمِ، وَإِنْ كَثُرَتْ وَلَا الصَّنْعَةُ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ وَلَا تُكْرَهُ الصَّنْعَةُ فِيهِ مَا لَمْ تَكْثُرْ وَلَا غَسْلُ يَدِهِ فِي نَحْوِ إنَاءٍ مَا لَمْ يَكُنْ إزَارًا وَلَا الْوُضُوءُ فِيهِ أَوْ عَلَى حُصُرِهِ. وَالْأَوْلَى لِلْمُعْتَكِفِ الِاشْتِغَالُ بِالْعِبَادَةِ وَمُجَالَسَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَقِرَاءَةُ الْوَثَائِقِ وَالْمَغَازِي غَيْرِ الْمَوْضُوعَةِ وَإِلَّا فَتَحْرُمُ كَفُتُوحِ الشَّامِ وَقَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ وَحِكَايَتِهِمْ الْمَنْسُوبَةِ لِلْوَاقِدِيِّ.
فَائِدَةٌ: ذَكَرَ الْإِمَامُ الشَّعْرَاوِيُّ فِي الْمَتْنِ مَا نَصُّهُ وَيُحَذَّرُ مِنْ مُطَالَعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِ إحْيَاءِ الْعُلُومِ لِلْغَزَالِيِّ، وَمِنْ كِتَابِ قُوتِ الْقُلُوبِ لِأَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ، وَمِنْ تَفْسِيرِ مَكِّيٍّ، وَمِنْ كَلَامِ ابْنِ مَيْسَرَةَ الْحَنْبَلِيِّ، وَمِنْ كَلَامِ مُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ الْبَلُّوطِيِّ، وَمِنْ مُطَالَعَةِ كُتُبِ ابْنِ حِبَّانَ أَوْ كُتُبِ إخْوَانِ الصَّفَاءِ أَوْ كَلَامِ إبْرَاهِيمَ النَّجَّامِ، أَوْ كِتَابِ خَلْعُ النَّعْلَيْنِ لِابْنِ قُسَيٍّ، أَوْ كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ الظَّاهِرِيِّ، أَوْ كَلَامِ الْمُفِيدِ بْنِ رَشِيدِيٍّ، أَوْ كُتُبِ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ الْعَرَبِيِّ، أَوْ تَائِيَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ وَفَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (وَلَا الْفِطْرُ) وَإِنْ وَجَبَ كَالْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ كَمَا مَرَّ
. قَوْلُهُ: (يَوْمَ صَوْمِهِ) وَلَوْ نَفْلًا وَيَلْزَمُهُ اعْتِكَافُ يَوْمٍ كَامِلٍ وَهُوَ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِهِ، فَلَوْ اعْتَكَفَ مِنْ أَوَّلِهِ وَنَوَى الصَّوْمَ فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يَكْفِهِ. قَوْلُهُ: (صَائِمًا أَوْ يَصُومُ مُعْتَكِفًا) أَوْ بِاعْتِكَافٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ الِاعْتِكَافُ وَالصَّوْمُ) وَيَكْفِيهِ لَحْظَةٌ عَنْ الِاعْتِكَافِ وَلَا يُجْزِئُهُ صَوْمُ غَيْرِ مَا نَذَرَهُ وَلَوْ وَاجِبًا وَلَا أَقَلَّ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ لِأَنَّهُ أَقَلُّهُ. قَوْلُهُ: (وَالصَّلَاةُ أَفْعَالٌ) وَمِثْلُهَا الْإِحْرَامُ فَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا أَوْ عَكْسَهُ لَزِمَاهُ لَا جَمَعُهُمَا وَلَوْ نَذَرَ الْقِرَانَ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ جَازَ لَهُ مُقْتَضَيَانِ وَهُوَ أَفْضَلُ.
قَوْلُهُ: (وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ) أَيْ الْقَاطِعُ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ وَالثَّانِي لَا يَجِبُ وَحَيْثُ لَزِمَاهُ فَيَكْفِيهِ لِلِاعْتِكَافِ لَحْظَةً، وَمِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَتَانِ وَلَوْ قَيَّدَ بِزَمَنٍ وَجَبَ فَلَوْ كَانَ أَيَّامًا لَزِمَهُ لِكُلِّ يَوْمٍ رَكْعَتَانِ فِيهِ، وَلَا يَكْفِيهِ جَمْعُهَا فِي يَوْمٍ. وَلَوْ عَيَّنَ زَمَنًا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ مَعَهُ لَزِمَهُ الِاعْتِكَافُ فَقَطْ. وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهَا مُتَتَابِعًا فَجَامَعَ لَيْلًا بَطَلَ وَلَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ.
قَوْلُهُ: (الْفَرْضِيَّةُ) أَوْ النَّذْرُ وَلَمْ يَجْرِ هُنَا الْخِلَافُ فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ لَفْظَ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ مَثَلًا يُرْشِدُ إلَى الْفَرْضِيَّةِ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ، وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ سَبَبِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ} [البقرة: 187] . قَوْلُهُ: (وَهِيَ حَرَامٌ إلَخْ) حَاوَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَنْعَ التَّحْرِيمِ فِيهَا إذَا كَانَ الِاعْتِكَافُ تَطَوُّعًا، وَقَضِيَّةُ الشَّرْحِ كَالرَّوْضَةِ خِلَافُهُ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَضُرُّ التَّطَيُّبُ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ تَرْكُهُ، وَلَا الْأَمْرُ بِتَرْكِهِ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَزِمَهُ) أَيْ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ بِالصَّوْمِ أَفْضَلُ فَصَحَّ الْتِزَامُهُ لِحَدِيثِ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا) مِثْلُهُ مَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ بِصَوْمٍ، لِأَنَّهُ حَالٌ أَيْضًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي فِيهِمَا أَنْ يَكْتَفِيَ بِاعْتِكَافِ لَحْظَةٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بِطَرْدِ الْوَجْهَيْنِ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ لَا يَجِبُ جَمْعُهُمَا
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَنْوِي فِي النَّذْرِ الْفَرْضِيَّةَ) لَمْ يَحْكُوا هُنَا خِلَافَ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ تَقْيِيدَ