الْأَخْبَارِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ قَوِيٌّ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا
(وَإِنَّمَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ) كَمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَالْجَامِعُ أَوْلَى) لِئَلَّا يَحْتَاجَ إلَى الْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ. (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا وَهُوَ الْمُعْتَزِلُ الْمُهَيَّأُ لِلصَّلَاةِ) وَالْقَدِيمُ يَصِحُّ اعْتِكَافُهَا فِيهِ وَعَلَى هَذَا فَفِي صِحَّتِهِ لِلرَّجُلِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَا يَصِحُّ وَعَلَى الْجَدِيدِ كُلُّ امْرَأَةٍ يُكْرَهُ لَهَا الْخُرُوجُ لِلْجَمَاعَةِ يُكْرَهُ لَهَا الْخُرُوجُ لِلِاعْتِكَافِ وَمَنْ لَا فَلَا. (وَلَوْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فِي نَذْرِهِ الِاعْتِكَافَ تَعَيَّنَ وَكَذَا مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ وَ) الْمَسْجِدُ (الْأَقْصَى) إذَا عَيَّنَهُمَا فِي نَذْرِهِ تَعَيَّنَا (فِي الْأَظْهَرِ) فَلَا يَقُومُ غَيْرُ الثَّلَاثَةِ مَقَامَهَا لِمَزِيدِ فَضْلِهَا. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّهُمَا لَا يَتَعَيَّنَانِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّهْرِ فَإِنْ كَانَ أَوَّلُهُ يَوْمَ الْأَحَدِ أَوْ الْأَرْبِعَاءِ فَهِيَ لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَهِيَ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ أَوْ الْجُمُعَةِ فَهِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَهِيَ لَيْلَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ يَوْمَ السَّبْتِ فَهِيَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَمُنْذُ مَا بَلَغْت سِنَّ الرِّجَالِ مَا فَاتَتْنِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ نَظَمْتهَا بِقَوْلِي:
يَا سَائِلِي عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي ... فِي عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ حَلَّتْ
فَإِنَّهَا فِي مُفْرَدَاتِ الْعَشْرِ ... تُعْرَفُ مِنْ يَوْمِ ابْتِدَاءِ الشَّهْرِ
فَبِالْأَحَدْ وَالْأَرْبِعَا فِي التَّاسِعَهْ ... وَجُمُعَةٍ مَعَ الثَّلَاثَا السَّابِعَهْ
وَإِنْ بَدَا الْخَمِيسَ فَالْخَامِسَةُ ... وَإِنْ بَدَا بِالسَّبْتِ فَالثَّالِثَةُ
وَإِنْ بَدَا الِاثْنَيْنِ فَهْيَ الْحَادِي ... هَذَا عَنْ الصُّوفِيَّةِ الزَّهَّادِيَّ
قَوْلُهُ: (تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا) فَمَنْ عَرَفَهَا فِي سَنَةٍ عَرَفَهَا فِيمَا بَعْدَهَا كَمَا مَرَّ.
. قَوْلُهُ: (فِي الْمَسْجِدِ) وَمِنْهُ رَوْشَنُهُ وَرَحْبَتُهُ الْقَدِيمَةُ وَمِنْهُ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا مِنْ نَحْوِ سَابَاطٍ أَحَدُ جَانِبَيْهِ عَلَى غَيْرِ الْمَسْجِدِ.
وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الصِّحَّةُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ.
وَفِي ابْنِ حَجَرٍ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَذَلِكَ، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَرَاجِعْهُ، وَيَصِحُّ عَلَى غُصْنِ شَجَرَةٍ خَارِجَهُ وَأَصْلُهَا فِيهِ كَعَكْسِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْكَامِلُ فَلَا يَصِحُّ فِي الْمَشَاعِ. وَإِنْ طُلِبَتْ لَهُ التَّحِيَّةُ. وَلَوْ شَكَّ فِي الْمَسْجِدِيَّةِ اجْتَهَدَ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا أَرْضُهُ مَمْلُوكَةٌ أَوْ مُحْتَكَرَةٌ نَعَمْ إنْ بُنِيَ فِيهَا دَكَّةٌ وَوُقِفَتْ مَسْجِدًا صَحَّ فِيهَا. وَكَذَا مَنْقُولٌ أَثْبَتَهُ وَوَقَفَهُ مَسْجِدًا ثُمَّ نَزَعَهُ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا بُنِيَ فِي حَرِيمِ النَّهْرِ. قَوْلُهُ: (لِئَلَّا يَحْتَاجَ) هَذِهِ الْعِلَّةُ لِلْغَالِبِ فَالْجَامِعُ أَوْلَى مُطْلَقًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ بَلْ يَجِبُ عَلَى مَنْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً فِيهَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْخُرُوجُ لَهَا لِأَنَّ خُرُوجَهُ لَهَا يَقْطَعُ تَتَابُعَهُ نَعَمْ لَوْ أُقِيمَتْ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ لَمْ يَنْقَلِعْ تَتَابُعُهُ لِعُذْرِهِ. وَكَذَا لَوْ حَدَثَ الْجَامِعُ بَعْدَ نَذْرِهِ. وَلَوْ شَرَطَ الْخُرُوجَ لَمَا وَعَرَ عَلَى أَحَدٍ جَاءَ مِنْ بَلَدٍ إلَى آخَرَ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي يُصَلِّي قَبْلَ الْأَوَّلِ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ.
فَرْعٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ لَنَا عِبَادَةٌ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَسْجِدِ إلَّا ثَلَاثَةً الطَّوَافَ وَالِاعْتِكَافَ وَالتَّحِيَّةَ. قَوْلُهُ: (وَالْقَدِيمُ يَصِحُّ) وَرُدَّ بِأَنَّهَا عِبَادَةٌ شَرَطَ فِيهَا بِالْمَسْجِدِيَّةِ لِلرَّجُلِ فَشَرَطَ لِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى كَالرَّجُلِ.
قَوْلُهُ: (الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَصِحُّ فِيهِ الطَّوَافُ وَمَا حَوْلَهُ وَإِنْ وَسِعَ. وَكَذَا جَوْفُ الْكَعْبَةِ لَا غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْحَرَمِ وَلَوْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ. قَوْلُهُ: (مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ مَا زِيدَ فِيهِ أَخْذًا مِنْ الْإِشَارَةِ الْآتِيَةِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَوْ مِمَّا صَلَّى فِيهِ وَلَوْ فِي الْمَدِينَةِ نَحْوُ مَسْجِدِ قُبَاءَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي صَبِيحَتِهَا فِي الطِّينِ وَالْمَاءِ» فَأَصْبَحُوا مِنْ لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ، وَقَدْ قَامَ النَّبِيُّ إلَى الصُّبْحِ فَمَطَرَتْ السَّمَاءُ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ، فَخَرَجَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَجَبِينُهُ وَأَرْنَبَةُ أَنْفِهِ فِيهِمَا أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ، وَرَوَى مُسْلِمٌ مِثْلَ هَذَا عَنْ لَيْلَةِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ.
قَوْلُهُ: (كَمَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) اسْتَدَلَّ أَيْضًا بِآيَةِ: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] مِنْ حَيْثُ إنَّ ذِكْرَ الْمَسَاجِدِ لَا جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ أَنَّهَا شَرْطٌ فِي مَنْعِ مُبَاشَرَةِ الْمُعْتَكِفِ، لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَيْضًا إذَا خَرَجَ لِنَحْوِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُعْتَكِفِ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ فِي الْمَسَاجِدِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَهَا لِاشْتِرَاطِ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ، وَلَك أَنْ تَعْتَرِضَهُ بِاحْتِمَالِ أَنَّ الْقَيْدَ لِمُوَافَقَةِ الْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَا يَصِحُّ) لِأَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ السَّتْرُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ