بِثَلَاثَةِ أَطْرَافِ حَجَرٍ، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» . وَفِي مَعْنَاهَا ثَلَاثَةُ أَطْرَافِ حَجَرٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَدُ الْمَسَحَاتِ (فَإِنْ لَمْ يُنَقَّ) الْمَحَلُّ بِالثَّلَاثِ (وَجَبَ الْإِنْقَاءُ) بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا إلَى أَنْ لَا يَبْقَى إلَّا أَثَرٌ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ أَوْ صِغَارُ الْخَزَفِ.

(وَسُنَّ الْإِيتَارُ) بَعْدَ الْإِنْقَاءِ الْمَذْكُورِ إنْ لَمْ يَحْصُل بِوِتْرٍ كَأَنْ حَصَلَ بِرَابِعَةٍ فَيَأْتِي بِخَامِسَةٍ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَ) سُنَّ (كُلُّ حَجَرٍ) مِنْ الثَّلَاثَةِ (لِكُلِّ مَحَلِّهِ) فَيَبْدَأُ بِالْأَوَّلِ مِنْ مُقَدَّمِ الصَّفْحَةِ الْيُمْنَى وَيُدِيرُهُ قَلِيلًا قَلِيلًا إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَوْضِعِ ابْتِدَائِهِ. وَفِي الثَّانِي مِنْ مُقَدَّمِ الصَّفْحَةِ الْيُسْرَى وَيُدِيرُهُ قَلِيلًا قَلِيلًا إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مَوْضِعِ ابْتِدَائِهِ. وَيُمِرُّ الثَّالِثُ عَلَى الصَّفْحَتَيْنِ وَالْمَسْرَبَةِ جَمِيعًا. (وَقِيلَ يُوَزِّعُهُنَّ لِجَانِبَيْهِ وَالْوَسْطِ) فَيَمْسَحُ بِوَاحِدٍ الصَّفْحَةَ الْيُمْنَى مِنْ مُقَدَّمِهَا، وَبِآخَرَ الْيُسْرَى مِنْ مُؤَخَّرِهَا، وَقِيلَ: مِنْ مُقَدَّمِهَا، وَبِالثَّالِثِ الْوَسْطَ.

(وَيُسَنُّ الِاسْتِنْجَاءُ بِيَسَارِهِ) تَأَسِّيًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَلْمَانَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ»

(وَلَا اسْتِنْجَاءَ لِدُودٍ وَبَعَرٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (بِلَا لَوْثٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِفَوَاتِ مَقْصُودِ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوْ تَخْفِيفِهَا فِي ذَلِكَ. وَالثَّانِي يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ رُطُوبَةٍ خَفِيَّةٍ. وَيُجْزِئُ الْحَجَرُ فِيهِ. وَقِيلَ فِيهِ قَوْلَا النَّادِرِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. وَقَوْلُ الْمُحَرَّرِ لَا يَجِبُ أَوْضَحُ.

بَابُ الْوُضُوءِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSأَطْرَافٍ وَيَكْفِي طَرَفَانِ أَوْ طَرَفٌ وَاحِدٌ لَمْ يَتَنَجَّسْ أَوْ غَسَلَهُ وَجَفَّ، أَوْ كُشِطَ مَا لَاقَى فِي الْمَحَلِّ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (عَدَدُ الْمَسَحَاتِ) وَبِذَلِكَ فَارَقَ رَمْيَ الْجِمَارِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَدُ الرَّمَيَاتِ، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْمَسْحُ وَالرَّمْيُ وَهُوَ مُتَعَدِّدٌ فِيهِمَا لَا الْمَمْسُوحُ بِهِ وَالْمَرْمِيُّ بِهِ سَوَاءٌ تَعَدَّدَ فِيهِمَا أَوْ لَا، وَاكْتَفَى بِغَيْرِ الْحَجَرِ هُنَا أَيْضًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ زَوَالُ النَّجَاسَةِ. قَوْلُهُ: (يَنْقَى) يُقْرَأُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْقَافِ وَبِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ، كَذَا ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْمَحَلُّ فَاعِلٌ فِي الْأَوَّلِ وَمَفْعُولٌ فِي الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (بِخَامِسَةٍ) وَهُوَ مَوْضِعُ الثَّالِثَةِ فَتَكُونُ لِلْمُسْرِيَةِ، فَإِنْ حَصَلَ بِوِتْرٍ لَمْ تُسَنَّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ تَثْلِيثُهُ كَغَسَلَاتِ الْكَلْبِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ طَلَبُ تَثْلِيثِ النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ، وَتَثْلِيثُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ، فَلْيَنْظُرْ مَا هُوَ. قَوْلُهُ: (وَسِنُّ كُلِّ الْحَجَرِ إلَخْ) فَالتَّعْمِيمُ مَنْدُوبٌ وَكُلٌّ عَطْفٌ عَلَى الْإِيتَارِ.

قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ: وَهَذَا مَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ، وَعَلَيْهِ غَالِبُ الْمُحَقِّقِينَ، وَلَمْ أَرَ لِشَيْخِنَا يَعْنِي شَيْخَ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ سَلَفًا فِي وُجُوبِهِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ، وَرُدَّ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ دَعْوَى أَنَّ الْوُجُوبَ مَنْقُولٌ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَوَالِدِهِ أَنَّ التَّعْمِيمَ وَاجِبٌ تَبَعًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ، لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إلْغَاءُ الْوَجْهِ الَّذِي بَعْدَهُ فَالتَّوْزِيعُ وَجَعْلُهُ لِشِدَّةِ الِاعْتِمَادِ مِمَّا لَا مَعْنَى لَهُ وَلَا مُعَوِّلَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (فَيَبْدَأُ) أَيْ نَدْبًا وَيَضَعُ الْحَجَرَ أَوَّلًا عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ نَدْبًا، وَلَا يَضُرُّ انْتِقَالُ النَّجَاسَةِ فِي الْإِدَارَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ الِاسْتِنْجَاءُ بِيَسَارِهِ) وَهُوَ بِالْمَاءِ وَاضِحٌ وَبِالْحَجَرِ فِي الدُّبُرِ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا بِالْحَجَرِ فِي الْقُبُلِ فَلَمْ يَذْكُرْهُ وَهُوَ فِي الْمَرْأَةِ كَالدُّبُرِ، وَفِي الذَّكَرِ أَنْ يُمْسِكَ الْحَجَرَ بِعَقِبَيْهِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَبِيَسَارِهِ، وَيُمْسِكُ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَلَا يُحَرِّكُهَا، وَيَضَعُ الْحَجَرَ عَلَى رَأْسِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَلَا يُكَرِّرُ الْوَضْعَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَكَذَا فِي نَحْوِ الْجِدَارِ، وَلَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لِأَعْلَى وَلِأَسْفَلَ وَيَمِينًا وَشِمَالًا حَيْثُ لَمْ يَتَكَرَّرْ الْمَسْحُ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (بِلَا لَوْثٍ) خَرَجَ الْمُلَوَّثُ فَيَجِبُ وَإِنْ كَانَ قَدْرًا قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ أَوْ صِغَارُ الْخَزَفِ كَمَا مَرَّ، وَيَكْفِي فِيهِ الْحَجَرِ وَإِنْ لَمْ يُزِلْ شَيْئًا كَمَا أَنَّهُ يَكْفِي عَلَى قَوْلِ النَّدْبِ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِ الْمُلَوَّثِ، وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الرِّيحِ.

[بَابُ الْوُضُوءِ]

ِ هُوَ أَوَّلُ مَقَاصِدِ الطَّهَارَةِ كَمَا مَرَّ، وَقَدَّمَهُ لِعُمُومِهِ، وَهُوَ لُغَةً النَّظَافَةُ لِأَنَّ أَصْلَهُ مِنْ الْوَضَاءَةِ وَهِيَ النَّضَارَةُ وَالْحُسْنُ، وَشَرْعًا

ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا وَلَوْ قَالَ: وَمِنْهُ جِلْدٌ، لَكَانَ أَوْلَى، وَالْمَخْلَصُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْوَسْطُ) كُلُّ مَوْضِعٍ صَلُحَ فِيهِ بَيِّنٌ كَالصَّفِّ وَالْجَمَاعَةِ وَالْقِلَادَةِ فَإِنَّهُ بِإِسْكَانِ السِّينِ لَا غَيْرُ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ فِيهِ بَيِّنٌ كَالدَّارِ وَالسَّاحَةِ فَالْفَتْحُ، وَيَجُوزُ الْإِسْكَانُ عَلَى ضَعْفٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي الدَّقَائِقِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015