وَإِلَّا فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ فَإِنْ عَادَ وَاحْتَاجَ إلَى الْإِفْطَارِ أَفْطَرَ.
(وَ) يُبَاحُ تَرْكُهُ (لِلْمُسَافِرِ سَفَرًا طَوِيلًا مُبَاحًا) فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ وَإِلَّا فَالصَّوْمُ أَفْضَلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ. (وَلَوْ أَصْبَحَ) الْمُقِيمُ (صَائِمًا فَمَرِضَ أَفْطَرَ) لِوُجُودِ الْمُبِيحِ لِلْإِفْطَارِ. (وَإِنْ سَافَرَ فَلَا) يُفْطِرُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْحَضَرِ وَقِيلَ يُفْطِرُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ السَّفَرِ. (وَلَوْ أَصْبَحَ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ صَائِمَيْنِ ثُمَّ أَرَادَا الْفِطْرَ جَازَ) لَهُمَا لِدَوَامِ عُذْرِهِمَا. (فَلَوْ أَقَامَ) الْمُسَافِرُ (وَشُفِيَ) الْمَرِيضُ (حَرُمَ) عَلَيْهِمَا (الْفِطْرُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِزَوَالِ عُذْرِهِمَا وَالثَّانِي يَجُوزُ لَهُمَا الْفِطْرُ اعْتِبَارًا بِأَوَّلِ الْيَوْمِ.
(وَإِذَا أَفْطَرَ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ قَضَيَا) قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185] أَيْ فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ (وَكَذَا الْحَائِضُ) تَقْضِي مَا فَاتَهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَيْضِ وَمِثْلُهَا النُّفَسَاءُ (وَالْمُفْطِرُ بِلَا عُذْرٍ وَتَارِكُ النِّيَّةِ) عَمْدًا أَوْ سَهْوًا يَقْضِيَانِ وَيَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِالْإِغْمَاءِ بِخِلَافِ مَا فَاتَ مِنْ الصَّلَاةِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا لِلْمَشَقَّةِ فِيهَا بِتَكَرُّرِهَا (وَالرِّدَّةُ) أَيْ يَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِهَا إذَا عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ، وَكَذَا السُّكْرُ يَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِهِ. (دُونَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ) فَلَا يَجِبُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ نَحْوُ حَصَادٍ وَبِنَاءٍ وَحَارِسٍ وَلَوْ مُتَبَرِّعًا فَتَجِبُ عَلَيْهِ النِّيَّةُ لَيْلًا ثُمَّ إنْ لَحِقَتْهُ مَشَقَّةٌ أَفْطَرَ
قَوْلُهُ: (وَلِلْمُسَافِرِ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَالرَّمْلِيُّ وَإِنْ أَدَامَ السَّفَرَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْمَوْتُ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَسَوَاءٌ رَمَضَانُ وَالْكَفَّارَةُ وَالْمَنْذُورُ وَلَوْ مُعَيَّنًا فِي نَذْرِ صَوْمٍ وَلَوْ لِلدَّهْرِ، أَوْ نَذَرَ إتْمَامَهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِيهِ أَوْ الْقَضَاءَ وَلَوْ لَمَّا تَعَدَّى بِفِطْرِهِ أَوْ ضَاقَ وَقْتُهُ، وَخَالَفَ السُّبْكِيُّ فِي مُدِيمِ السَّفَرِ وَفِي النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ. وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا مُوَافَقَتُهُ وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ الْأَوَّلُ وَابْنِ حَجَرٍ فِي الْمُضَيَّقِ وَالْمُتَعَدِّي بِفِطْرِهِ وَالطَّبَلَاوِيِّ فِي نَذَرَ صَوْمِ الدَّهْرِ وَالْعُبَابِ فِيمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْمَوْتُ نَعَمْ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْوَاجِبَ بِأَمْرِ الْإِمَامِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ لَا يَجُوزُ فِطْرُهُ بِالسَّفَرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَضَرَّرَ) أَيْ ضَرَرًا لَا يُوجِبُ الْفِطْرَ قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَافَرَ) أَيْ بَعْدَ الْفَجْرِ وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ شَكَّ هَلْ فَارَقَ السُّورَ أَوْ الْعُمْرَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يُفْطِرُ) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ حَتَّى لَوْ أَفْطَرَ بِالْجِمَاعِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ نَعَمْ فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (جَازَ لَهُمَا) أَيْ بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ كَمَا مَرَّ. وَفَارَقَ امْتِنَاعَ الْقَصْرِ بَعْدَ الْإِتْمَامِ لِلْمُسَافِرِ بِأَنَّ صَوْمَ الْمُسَافِرِ مَنْدُوبٌ
قَوْلُهُ: (قَضَيَا) وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْفَوْرُ بَلْ يُسَنُّ وَكَذَا فِي جَمِيعِ الْمَذْكُورَاتِ لَا يَجِبُ الْفَوْرُ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ وَهِيَ قَضَاءُ يَوْمِ الشَّكِّ، وَالْمُتَعَدِّي بِفِطْرِهِ وَالْمُرْتَدُّ وَتَارِكُ النِّيَّةِ لَيْلًا عَمْدًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيُنْدَبُ التَّتَابُعُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَقَدْ يَجِبُ فِيهِ الْفَوْرُ وَالتَّتَابُعُ لِضِيقِ الْوَقْتِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ لِرَمَضَانَ الَّذِي بَعْدَهُ إلَّا قَدْرُ زَمَنِ الْقَضَاءِ وَلَيْسَ هَذَا بِالْأَصَالَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِالْإِغْمَاءِ) عَلَّلَ أَنَّهُ مَرِضَ لِجَوَازِهِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ فِيهِمْ بِأَنْ لَا يَمْضِيَ عَلَيْهِمْ فِيهِ وَقْتُ صَلَاةٍ وَفِيهِ بَحْثٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا السُّكْرُ إلَخْ) ذِكْرُهُ مَعَ الرِّدَّةِ يُفْهِمُ أَنَّهُ فِي الْمُتَعَدِّي بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَعَدِّي بِهِ إلَّا إنْ وَقَعَ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُبَاحُ تَرْكُهُ لِلْمَرِيضِ) وَلَوْ تَعَدَّى بِسَبَبِهِ وَمَنْ غَلَبَهُ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ حُكْمُهُ كَالْمَرِيضِ.
قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْحَضَرِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ إذَا اجْتَمَعَ فِيهَا سَفَرٌ، وَحَضَرٌ يُغَلَّبُ جَانِبُ الْحَضَرِ فَلَا تُقْصَرْ.
فَرْعٌ: لَوْ أَفْطَرَ بِالْجِمَاعِ لَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَصْبَحَ الْمُسَافِرُ) اسْتَشْكَلَ الْغَزَالِيُّ، مَسْأَلَةَ السَّفَرِ بِمَنْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ مُسَافِرٌ بِنِيَّةِ الْإِتْمَامِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ لِتَلَبُّسِهِ بِفَرْضِ الْمُقِيمِينَ قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا غَامِضٌ، وَفَرَّقَ الْقَاضِي بِأَنَّ الْمُسَافِرَ يَجُوزُ لَهُ إخْلَاءُ الْيَوْمِ مِنْ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ.
قَوْلُهُ: (وَمِثْلُهَا النُّفَسَاءُ) أَيْ وَلَوْ عَنْ زِنًى فِيمَا يَظْهَرُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمُفْطِرُ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ عَلَى الْمَعْذُورِ فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى، وَسَبَقَ فِي الصَّلَاةِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهَا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا.
فَرْعٌ: فِي الْخَادِمِ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ تَارِكَ النِّيَّةِ وَلَوْ عَمْدًا قَضَاؤُهُ عَلَى التَّرَاخِي بِلَا خِلَافٍ، وَاعْتَرَضَ الزَّرْكَشِيُّ مَسْأَلَةَ الْعَمْدِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْإِغْمَاءِ) عَلَّلَ بِأَنَّهُ مَرَضٌ بِدَلِيلِ جَوَازِهِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ - بِخِلَافِ الْجُنُونِ. قَالَ بَعْضُهُمْ شَرْطُ جَوَازِ الْإِغْمَاءِ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَمْضِيَ عَلَيْهِ وَقْتُ صَلَاةٍ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالرِّدَّةِ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ ذَلِكَ بِالْإِسْلَامِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (دُونَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ كُلُّ مُفْطِرٍ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ يَقْضِي لَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَكَافِرٍ أَصْلِيٍّ اهـ.
وَلَا يَرِدُ الْهَرِمُ وَنَحْوُهُ،