الْجَوْفِ (بِتَشَرُّبِ الْمَسَامِّ) كَمَا لَوْ طَلَى رَأْسَهُ أَوْ بَطْنَهُ بِهِ كَمَا لَا يَضُرُّ اغْتِسَالُهُ بِالْمَاءِ، وَإِنْ وَجَدَ لَهُ أَثَرًا فِي بَاطِنِهِ.
(وَلَا) يَضُرُّ (الِاكْتِحَالُ وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ) أَيْ الْكُحْلِ (بِحَلْقِهِ) لِأَنَّهُ لَا مَنْفَذَ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الْحَلْقِ وَالْوَاصِلِ إلَيْهِ مِنْ الْمَسَامِّ (وَكَوْنُهُ) أَيْ الْوَاصِلِ (بِقَصْدٍ فَلَوْ وَصَلَ جَوْفَهُ ذُبَابٌ أَوْ بَعُوضَةٌ أَوْ غُبَارُ الطَّرِيقِ أَوْ غَرْبَلَةُ الدَّقِيقِ لَمْ يُفْطِرْ) لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْ ذَلِكَ يَعْسُرُ وَلَوْ فَتَحَ فَاهُ عَمْدًا حَتَّى دَخَلَ الْغُبَارُ جَوْفَهُ لَمْ يُفْطِرْ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّهْذِيبِ. (وَلَا يُفْطِرُ بِبَلْعِ رِيقِهِ مِنْ مَعْدِنِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ. (فَلَوْ خَرَجَ عَنْ الْفَمِ) لِأَعْلَى اللِّسَانِ (ثُمَّ رَدَّهُ) إلَيْهِ بِلِسَانِهِ أَوْ غَيْرِهِ. (وَابْتَلَعَهُ أَوْ بَلَّ خَيْطًا بِرِيقِهِ وَرَدَّهُ إلَى فَمِهِ) كَمَا يُعْتَادُ عِنْدَ الْفَتْلِ (وَعَلَيْهِ رُطُوبَةٌ تَنْفَصِلُ) وَابْتَلَعَهَا (أَوْ ابْتَلَعَ رِيقَهُ مَخْلُوطًا بِغَيْرِهِ) الطَّاهِرِ كَمَنْ فَتَلَ خَيْطًا مَصْبُوغًا تَغَيَّرَ بِهِ رِيقُهُ. (أَوْ مُتَنَجِّسًا) كَمَنْ دَمِيَتْ لِثَتُهُ أَوْ أَكَلَ شَيْئًا نَجِسًا وَلَمْ يَغْسِلْ فَمَه حَتَّى أَصْبَحَ (أَفْطَرَ) فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى رَدِّ الرِّيقِ وَابْتِلَاعِهِ، وَيُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْ ابْتِلَاعِ الْمَخْلُوطِ وَالْمُتَنَجِّسِ مِنْهُ، وَلَوْ أَخْرَجَ اللِّسَانَ وَعَلَيْهِ الرِّيقُ ثُمَّ رَدَّهُ وَابْتَلَعَ مَا عَلَيْهِ لَمْ يُفْطِرْ فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّ اللِّسَانَ كَيْفَمَا تَقَلَّبَ مَعْدُودٌ مِنْ دَاخِلِ الْفَمِ فَلَمْ يُفَارِقْ مَا عَلَيْهِ مَعْدِنُهُ. (وَلَوْ جَمَعَ رِيقَهُ فَابْتَلَعَهُ لَمْ يُفْطِرْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مَعْدِنِهِ، وَالثَّانِي يُفْطِرُ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا وَخَصَّهُ الشَّارِحُ بِالذِّكْرِ مَعَ شُمُولِهِ لِلثَّدْيِ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ أَيْضًا نَظَرًا لِلظَّاهِرِ وَمِثْلُهُ فِي الْفَرْجِ مَا جَاوَزَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ فَهُوَ مُفْطِرٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَشَرْطُ الْوَاصِلِ إلَخْ) مُكَرَّرٌ وَلَعَلَّهُ تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِإِذْنِهِ) لَا إنْ طَعَنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِ مَنْ طَعَنَهُ وَفَارَقَ التَّمَكُّنَ مِنْ إخْرَاجِ الْخَيْطِ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِيهِ وَشَعْرَ الْمُحْرِمِ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ. قَوْلُهُ: (الْمَسَامِّ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْأَخِيرَةِ جَمْعُ سَمِّ بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ، وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ وَهِيَ ثَقْبُ الْبَدَنِ مِنْ مَحَالِّ شُعُورِهِ
. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ الِاكْتِحَالُ) أَيْ وَلَا يُكْرَهُ أَيْضًا نَهَارًا فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَعِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ يُفْطِرُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ بِحَلْقِهِ) وَكَذَا لَوْ وَجَدَ لَوْنَهُ فِي رِيقِهِ أَوْ نُخَامَتَهُ قَوْلُهُ: (بِقَصْدٍ) أَيْ مَعَ فِعْلٍ لِمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَوْ غُبَارُ الطَّرِيقِ) وَلَوْ نَجِسًا وَكَثِيرًا وَأَمْكَنَهُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ بِنَحْوِ إطْبَاقِ فَمٍ مَثَلًا، وَلَوْ وَضَعَ فِي فَمِهِ مَاءً مَثَلًا بِلَا غَرَضٍ ثُمَّ ابْتَلَعَهُ نَاسِيًا لَمْ يَضُرَّ أَوْ سَبَقَهُ ضُرٌّ أَوْ وَضَعَهُ لِغَرَضٍ كَتَبَرُّدٍ وَعَطَشٍ فَنَزَلَ جَوْفَهُ أَوْ صَعِدَ إلَى دِمَاغِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ أَوْ ابْتَلَعَهُ نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ نَعَمْ لَوْ فَتَحَ فَمَه فِي الْمَاءِ فَدَخَلَ جَوْفَهُ أَفْطَرَ.
قَوْلُهُ: (وَغَرْبَلَةُ الدَّقِيقِ إلَخْ) وَلَوْ لِغَيْرِ مُعْتَادِهَا وَكَثُرَتْ وَالْغَرْبَلَةُ أَصَالَةً إدَارَةُ نَحْوِ الْحَبِّ فِي نَحْوِ الْغِرْبَالِ لِإِخْرَاجِ طَيِّبِهِ مِنْ خَبِيثِهِ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى دَخَلَ) هِيَ تَعْلِيلِيَّةٌ أَيْ لِأَجْلِ الدُّخُولِ أَوْ غَائِبَةً وَكَالْغُبَارِ مَا ذُكِرَ مَعَهُ وَنَحْوُهُ. قَوْلُهُ: (ذُبَابٌ) وَلَعَلَّهُ جَمَعَ الذُّبَابَ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِوَاحِدَةٍ وَيُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الْبَعُوضِ بِالْأَوْلَى، وَلَوْ عَكَسَ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ لِصِغَرِ الْبَعُوضِ وَفِي الْجَلَّالِينَ أَنَّ الذُّبَابَ اسْمُ جِنْسٍ وَاحِدُهُ ذُبَابَةٌ وَأَنَّ الْبَعُوضَ صِغَارُ الْبَقِّ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ رُطُوبَةٌ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَمِثْلُهُ رُطُوبَةٌ عَلَى مَقْعَدَةِ مُسْتَنْجٍ اسْتَرْخَتْ وَلَا يَضُرُّ إعَادَةُ مَقْعَدَةٍ خَرَجَتْ مِنْ مَبْسُورٍ وَلَوْ بِأُصْبُعِهِ، وَإِنْ دَخَلَ بَعْضُ أُصْبُعِهِ مَعَهَا. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ الْغَائِطَ الْيَابِسَ إذَا أَخْرَجَهُ بِأُصْبُعِهِ لَا يَضُرُّ قِيَاسًا عَلَيْهِ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (تَغَيَّرَ بِهِ رِيقُهُ) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ قَيْدًا وَمَنْبَعُ الرِّيقِ تَحْتَ اللِّسَانِ، وَمِنْ مَنَافِعِهِ تَلْيِينُ لِسَانِهِ لِلنُّطْقِ وَيَابِسِ الْأَكْلِ. قَوْلُهُ: (دَمِيَتْ لِثَتُهُ) أَيْ وَلَيْسَ مَعْذُورًا فَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَشَقَّ عَلَيْهِ الْبَصْقُ عُفِيَ عَنْ أَثَرِهِ وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ فِيمَنْ عَمَّتْ بَلْوَاهُ بِذَلِكَ بِحَيْثُ يَجْرِي دَائِمًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْعٌ: لَوْ جَاوَزَ الدَّاخِلُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ أَفْطَرَتْ قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ مَنْفَذٍ) لَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الطَّعْنِ بِالسِّكِّينِ، لِأَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْ الْجَوْفَ إلَّا مِنْ الْمَنْفَذِ الَّذِي قَطَعْته
قَوْلُ الْمَتْنِ: (ذُبَابٌ) لَمْ تَظْهَرْ حِكْمَةُ جَمْعِ الذُّبَابِ وَإِفْرَادِ الْبَعُوضَةِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُفْطِرْ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّهْذِيبِ) لَوْ كَانَ كَثِيرًا يَنْبَغِي أَنْ يَضُرَّ كَالْعَمَلِ الْكَثِيرِ الْمَفْعُولِ عَمْدًا قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ رَدَّهُ) قَالَ بَعْضُهُمْ: جَعَلُوا لِلْفَمِ حُكْمَ الظَّاهِرِ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ كَذَلِكَ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ فَمَا الْفَرْقُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ بَلَّ خَيْطًا بِرِيقِهِ) حَكَى الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا فِي مَسْأَلَةِ الْخَيْطِ ثُمَّ قَالَ: وَخَصَّ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي الْخِلَافَ بِالْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ، وَقَالَا فِي الْعَالِمِ يُفْطِرُ قَطْعًا. قَالَ الْقَاضِي: وَكُلُّ مَسْأَلَةٍ تَغْمُضُ عَلَى الْعَامِّيِّ، فَإِنَّهَا عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، ثُمَّ نَظَرَ الْأَذْرَعِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْجَهْلِ، لِأَنَّهُ يَخْفَى عَلَى غَالِبِ النَّاسِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ جَمَعَ رِيقَهُ) خَرَجَ مَا لَوْ اجْتَمَعَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ بَلَعَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ