وَكَذَا لَوْ اخْتَارُوا تَمَلُّكَهَا وَهِيَ أَصْنَافٌ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي جَمِيعِهَا أَمْ بَعْضِهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَا يَدْرِي مَاذَا يُصِيبُهُ وَكَمْ نَصِيبُهُ.
وَكَذَا لَوْ كَانَتْ صِنْفًا لَا يَبْلُغُ نِصَابًا إلَّا بِالْخُمُسِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ لَا تَثْبُتُ مَعَ أَهْلِ الْخُمُسِ إذْ لَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ (وَلَوْ أَصْدَقَهَا نِصَابَ سَائِمَةٍ مُعَيَّنًا لَزِمَهَا زَكَاتُهُ إذَا تَمَّ حَوْلٌ مِنْ الْإِصْدَاقِ) سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ قَبَضَتْهُ أَمْ لَا لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِالْعَقْدِ وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ أَكْرَى دَارًا أَرْبَعَ سِنِينَ بِثَمَانِينَ دِينَارًا وَقَبَضَهَا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ إلَّا زَكَاةَ مَا اسْتَقَرَّ) لِأَنَّ مَا لَا يَسْتَقِرُّ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ بِانْهِدَامِ الدَّارِ فَمِلْكُهُ ضَعِيفٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ إذْ هُوَ بِفَرْضِ أَنْ يَعُودَ نِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّ عَوْدَ نِصْفِهِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ مِنْ غَيْرِ انْفِسَاخٍ لِعَقْدٍ، بِخِلَافِ عَوْدِ بَعْضِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ (فَيُخْرِجُ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ الْأُولَى زَكَاةَ عِشْرِينَ) لِأَنَّهَا الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا (وَلِتَمَامِ الثَّانِيَةِ زَكَاةَ عِشْرِينَ لِسَنَةٍ) وَهِيَ الَّتِي زَكَّاهَا (وَعِشْرِينَ لِسَنَتَيْنِ) وَهِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الْآنَ (وَلِتَمَامِ الثَّالِثَةِ زَكَاةَ أَرْبَعِينَ لِسَنَةٍ) وَهِيَ الَّتِي زَكَّاهَا (وَعِشْرِينَ لِثَلَاثِ سِنِينَ) وَهِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الْآنَ (وَلِتَمَامِ الرَّابِعَةِ زَكَاةَ سِتِّينَ لِسَنَةٍ) وَهِيَ الَّتِي زَكَّاهَا (وَعِشْرِينَ لِأَرْبَعٍ) وَهِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الْآنَ (وَالثَّانِي يُخْرِجُ لِتَمَامِ الْأُولَى زَكَاةَ ثَمَانِينَ) لِأَنَّهُ مَلَكَهَا مِلْكًا تَامًّا وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا كَانَتْ أُجْرَةُ السِّنِينَ مُتَسَاوِيَةً وَأَخْرَجَ الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ الْمَقْبُوضِ.
وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّ كَلَامَ نَقَلَةِ الْمَذْهَبِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْآدَمِيِّ إنْ حُجِرَ عَلَيْهِ إلَّا الزَّكَاةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْتَارُوا إلَخْ) خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهِ مَدْخُولَ الشَّرْطِ، وَإِنْ أَمْكَنَ شُمُولُهُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِمَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ أَصْنَافٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الَّذِي يَخُصُّ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَبْلُغُ نِصَابًا. قَوْلُهُ: (لَوْ كَانَتْ صِنْفًا لَا يَبْلُغُ إلَخْ) أَوْ بَلَغَ وَهُوَ غَيْرُ زَكَوِيٍّ أَوْ زَكَوِيٌّ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا أَوْ بَلَغَ الْمَجْمُوعُ نِصَابًا بِالْخَمْسِ. قَوْلُهُ: (نِصَابَ سَائِمَةٍ) أَيْ نِصَابًا وَسَامَهُ سَوَاءٌ كَانَ سَائِمَةً قَبْلَهَا أَمْ لَا لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ، وَمَنَعَهَا مِنْهُ بَعْدَ طَلَبِهَا كَالْغَصْبِ فَإِنْ طَلَّقَهَا بِلَا وَطْءٍ قَبْلَ الْحَوْلِ رَجَعَ نِصْفُهُ لَهُ وَعَلَى كُلٍّ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ نِصْفُ شَاةٍ، أَوْ طَلَّقَ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ رَجَعَ لَهُ كَذَلِكَ شَائِعًا إنْ أَخَذَ السَّاعِي الْوَاجِبَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا، وَإِلَّا رَجَعَ هُوَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْمُخْرَجِ وَلَوْ يُعَدُّ الرُّجُوعُ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ.
قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ) مِنْ أَنَّ السَّائِمَةَ لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ سَائِمَةٍ كَالنَّقْدِ لَزِمَهَا زَكَاتُهُ لِأَنَّهُ مِنْ الدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (وَقَبَضَهَا) فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا فَهِيَ مِنْ الدَّيْنِ إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَكَالْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ مِنْ حَيْثُ الْإِخْرَاجِ، وَأَمَّا الْوُجُوبُ فَمَجْزُومٌ بِهِ. قَوْلُهُ: (زَكَاةُ ثَمَانِينَ) قَالَ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَمَا يُقَدَّمُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ وَالْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَبَضَهَا) خَرَجَ مَا إذَا لَمْ يَقْبِضْهَا فَإِنَّهُ إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ مَعِيبَةً فَكَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
تَنْبِيهٌ: كَلَامُ الْمِنْهَاجِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْإِخْرَاجِ، وَأَنَّ الْوُجُوبَ مَجْزُومٌ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعِشْرِينَ لِسَنَتَيْنِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْفُقَرَاءَ بِتَمَامِ السَّنَةِ الْأُولَى مَلَكُوا مِنْ هَذِهِ الْعِشْرِينَ نِصْفَ دِينَارٍ، فَلَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِجَمِيعِهَا فِي الْحَوْلِ الثَّانِي، بَلْ لِتِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَنِصْفٍ، وَإِذَا سَقَطَ النِّصْفُ فَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الزَّكَاةِ، وَهُوَ رُبْعُ عُشْرِهِ فَمَجْمُوعُ مَا يَلْزَمُ لِتَمَامِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ دِينَارٌ وَنِصْفُ الْأَرْبَعِ عُشْرُ النِّصْفِ، وَقِسْ الْإِخْرَاجَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ عَلَى ذَلِكَ هَكَذَا اسْتَدْرَكَهُ الرَّافِعِيُّ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ الثَّمَانِينَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَفَطَّنَ أَيْضًا لِأَمْرٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْحَوْلَ الثَّانِي مَثَلًا فِي مِقْدَارِ الزَّكَاةِ مِنْ الْإِعْطَاءِ لَا مِنْ حِينِ تَمَامِ الْحَوْلِ الَّذِي قَبْلَهُ، لِأَنَّ حِصَّةَ الْفُقَرَاءِ بَاقِيَةٌ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ إلَى حِينِ الْإِعْطَاءِ، وَحَاوَلَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْجَوَابَ عَنْ إشْكَالِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ بِتَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِالتَّعْجِيلِ عَنْ الثَّمَانِينَ أَوَّلًا، وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ الْمَنْقُولِ قَالَ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِهِ.
فَرْعٌ: قَالَ الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ: إذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ فَلَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ مَا زَادَ عَلَى قِسْطِ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ عَجَّلَ زَكَاةَ عِشْرِينَ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ حَيْثُ تَكُونُ الْأُجْرَةُ مِائَةً، فَإِنْ كَانَ مَضَى أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْحَوْلِ، جَازَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ وُجُودَ النِّصَابِ فِي مِلْكِهِ فَتَعْجِيلُهُ غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ دَرَاهِمُ لَا يَعْلَمُ بُلُوغَهَا نِصَابًا فَعَجَّلَ عَنْهَا ثُمَّ عَلِمَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمِنْهَاجِ لَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ فِيهَا، وَلَا فِي الْعِشْرِينَ الْأُولَى لِأَنَّهُ مَتَى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ فَلَا نِصَابَ اهـ. اللَّهُمَّ إلَّا