فَإِنْ اعْتَبَرْنَا اثْنَيْنِ جَازَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً، وَهَذَا مُقَابِلُ الْأَصَحِّ. (فَإِذَا خَرِصَ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ حَقَّ الْفُقَرَاءِ يَنْقَطِعُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَرِ وَيَصِيرُ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ لِيُخْرِجَهُمَا بَعْدَ جَفَافِهِ وَيُشْتَرَطُ) فِي الِانْقِطَاعِ وَالصَّيْرُورَةِ الْمَذْكُورَيْنِ.

(التَّصْرِيحُ) مِنْ الْخَارِصِ. (بِتَضْمِينِهِ) أَيْ حَقَّ الْفُقَرَاءِ لِلْمَالِكِ. (وَقَبُولُ الْمَالِكِ) التَّضْمِينَ. (عَلَى الْمَذْهَبِ) فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُ أَوْ ضَمِنَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ الْمَالِكُ بَقِيَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ عَلَى مَا كَانَ. (وَقِيلَ يَنْقَطِعُ) حَقُّهُمْ. (بِنَفْسِ الْخَرْصِ) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَضْمِينِهِ مِنْ الْخَارِصِ بَلْ نَفْسُ الْخَرْصِ تَضْمِينٌ وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ. وَثَانِيهمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَضْمِينِ الْخَارِصِ وَعَلَى هَذَا قَالَ الْإِمَامُ: الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولِ الْمَالِكِ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّ حَقَّ الْفُقَرَاءِ لَا يَنْقَطِعُ عَنْ عَيْنِ التَّمْرِ بِخَرْصِهِ وَتَضْمِينُ الْخَارِصِ وَقَبُولُ الْمَالِكِ لَهُ لَغْوٌ، بَلْ يَبْقَى حَقُّهُمْ عَلَى مَا كَانَ. وَفَائِدَةُ الْخَرْصِ عَلَى هَذَا جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِي غَيْرِ قَدْرِ الزَّكَاةِ، وَيُسَمَّى هَذَا قَوْلَ الْعِبْرَةِ وَالْأَوَّلُ قَوْلَ التَّضْمِينِ وَعَلَيْهِ قَالَ: (فَإِذَا ضَمِنَ) أَيْ الْمَالِكُ. (جَازَ تَصَرُّفُهُ فِي جَمِيعِ الْمَخْرُوصِ بَيْعًا وَغَيْرَهُ) أَمَّا قَبْلَ الْخَرْصِ فَفِي التَّهْذِيبِ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ شَيْئًا وَلَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ فَإِنْ لَمْ يَبْعَثْ الْحَاكِمُ خَارِصًا أَوْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ تَحَاكَمَ إلَى عَدْلَيْنِ يَخْرُصَانِ عَلَيْهِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْخَرْصِ فِي الْحَبِّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى قَدْرِهِ لِاسْتِتَارِهِ.

(وَلَوْ ادَّعَى) الْمَالِكُ (هَلَاكَ الْمَخْرُوصِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ. (بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَسَرِقَةٍ أَوْ ظَاهِرِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSخَارِصٌ وَاحِدٌ) وَلَوْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إنْ وُجِدَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ. قَوْلُهُ: (فِي الرِّوَايَةِ) قُيِّدَ بِهِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَا بَعْدَهُ. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا كَوْنُهُ نَاطِقًا بَصِيرًا، كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ السَّمَاعِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ اشْتِرَاطُهُ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْخَارِصِ) أَيْ إنْ فُوِّضَ إلَيْهِ التَّضْمِينُ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ السَّاعِي وَإِلَّا فَهُمَا الْمُعْتَبَرَانِ. قَوْلُهُ: (وَقَبُولُ الْمَالِكِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَوْرًا وَلَوْ بِنَائِبِهِ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ. قَوْلُهُ: (أَوْ ضَمَّنَهُ فَلَمْ يُقْبَلْ) وَكَذَا لَوْ قَبِلَ وَهُوَ مُعْسِرٌ أَوْ تَبَيَّنَ إعْسَارُهُ لِفَسَادِ التَّضْمِينِ حِينَئِذٍ، وَالتَّضْمِينُ أَنْ يَقُولَ: ضَمَّنْتُك إيَّاهُ بِكَذَا، أَوْ: خُذْهُ بِكَذَا تَمْرًا أَوْ: أَقْرَضْتُك نَصِيبَ الْفُقَرَاءِ مِنْ الرُّطَبِ بِمَا يَجِيءُ مِنْهُ مِنْ التَّمْرِ، وَلَوْ تَلِفَ بِغَيْرِ إتْلَافِهِ بَعْدَ التَّضْمِينِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْخَرْصِ ضَمِنَ حِصَّةَ الْفُقَرَاءِ رُطَبًا بِقِيمَتِهَا لَا بِمِثْلِهَا، وَفَارَقَ الْمَاشِيَةَ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهَا أَنْفَعُ بِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَلَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ كَمَا يَأْتِي، وَمِثْلُهُ الزَّرْعُ بَعْدَ اشْتِدَادِهِ، هَذَا مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَفِي ابْنِ شُهْبَةَ جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْكِتَابِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَبْعَثْ الْحَاكِمُ خَارِصًا أَوْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ تَحَاكَمَ إلَى عَدْلَيْنِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَطْعًا كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِمُرَاجَعَةِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الرِّوَايَةِ) إنَّمَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ لِقَوْلِ الْمَتْنِ بَعْدُ وَكَذَا إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَبُولُ الْمَالِكِ) وَالظَّاهِرُ اشْتِرَاطُ الْفَوْرِ. قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ إلَخْ) أَخَّرَهُ هُنَا لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَيُشْتَرَطُ إلَخْ، مُفَرَّعٌ عَلَى الْأَظْهَرِ خَاصَّةً، وَتَوْجِيهُ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ أَنَّ الْخَرْصَ ظَنٌّ، وَتَخْمِينٌ وَتَوْجِيهٌ مُقَابِلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذِهِ مُعَاوَضَةٌ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، لِأَنَّ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مُمْتَنِعٌ وَلَكِنْ شُرِعَتْ لِلضَّرُورَةِ، فَلَوْ اُشْتُرِطَ اللَّفْظُ لِتَأْكِيدِ شَبَهِ الْبَيْعِ وَتَوَسَّطَ الْإِمَامُ فَشَرَطَ التَّضَمُّنَ دُونَ الْقَبُولِ. قَالَ الْبَغَوِيّ: وَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ ضَمَّنْتُك نَصِيبَ الْفُقَرَاءِ مِنْ الرُّطَبِ، بِمَا يَجِيءُ مِنْهُ مِنْ التَّمْرِ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَبْقَى إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْخَرْصَ ظَنٌّ وَتَخْمِينٌ فَلَا يَكْفِي فِي نَقْلِ حَقِّهِمْ إلَى ذِمَّةِ الْمَالِكِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى التَّعَلُّقِ بِالْعَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ حَقَّ الْفُقَرَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ، فَكَيْفَ يَنْقَطِعُ حَقُّهُمْ مِنْ الْعَيْنِ، وَيَنْتَقِلُ إلَيْهَا وَهُوَ كَانَ فِيهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِذَا ضَمِنَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ جَعَلْنَاهُ عِبْرَةً نَفَذَ التَّصَرُّفُ فِيمَا عَدَا مِقْدَارَ الزَّكَاةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَيْعِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ قُبَيْلَ الصِّيَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَالِكُ الثَّمَرَ قَبْلَ الْخَرْصِ ضَمِنَ حِصَّةَ الْفُقَرَاءِ رُطَبًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي جَمِيعِ الْمَخْرُوصِ بَيْعًا) ظَاهِرُ هَذَا وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَفِيهِ نَظَرٌ. ثُمَّ هَذَا لَيْسَ كَغَيْرِهِ مِنْ الضَّمَانِ إذْ لَوْ تَلِفَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَمَّا قَبْلَ الْخَرْصِ) أَيْ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا حَقَّ لِلْفُقَرَاءِ فِيهِ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ كَيْفَ شَاءَ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الزَّرْعَ لَا خَرْصَ فِيهِ، وَحَيْثُ اشْتَدَّ الْحَبُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى الْمَالِكِ الْأَكْلُ وَالتَّصَرُّفُ، وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي اجْتِنَابُ الْفَرِيكِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْفُولِ حَيْثُ عُلِمَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ الزَّرْعِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ إلَخْ) مُعَيَّنٌ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ وَأَمَّا التَّصَرُّفُ فِيمَا عَدَا قَدْرَ الزَّكَاةِ شَائِعًا، فَإِنَّهُ نَافِدٌ وَكَذَا جَائِزٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015