مَعَ الْجُبْرَانِ فَإِنْ شَاءَ جَعَلَ الْحِقَاقَ أَصْلًا وَصَعِدَ إلَى أَرْبَعِ جِذَاعٍ فَأَخْرَجَهَا وَأَخَذَ أَرْبَعَ جُبْرَانَاتٍ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ بَنَاتَ اللَّبُونِ أَصْلًا وَنَزَلَ إلَى خَمْسِ بَنَاتِ مَخَاضٍ فَأَخْرَجَهَا وَدَفَعَ مَعَهَا خَمْسَ جُبْرَانَاتٍ. (وَإِنْ وَجَدَهُمَا) فِي مَالِهِ (فَالصَّحِيحُ تَعَيُّنُ الْأَغْبَطِ مِنْهُمَا لِلْفُقَرَاءِ) وَالْمُرَادُ بِهِمْ وَبِالْمَسَاكِينِ هُنَا جَمِيعُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلِشُهْرَتِهِمْ يَسْبِقُ اللِّسَانُ إلَى ذِكْرِهِمْ وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُونَا عِنْدَهُ. (وَلَا يُجْزِئُ) عَلَى الْأَوَّلِ. (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْأَغْبَطِ. (إنْ دَلَّسَ) الْمَالِكُ فِي إعْطَائِهِ. (أَوْ قَصَّرَ السَّاعِي) فِي أَخْذِهِ. (وَإِلَّا فَيُجْزِئُ وَالْأَصَحُّ) مَعَ إجْزَائِهِ. (وُجُوبُ قَدْرِ التَّفَاوُتِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَغْبَطِ وَالثَّانِي يُسْتَحَبُّ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ بَنَاتِ اللَّبُونِ أَرْبَعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَقِيمَةُ الْحِقَاقِ وَقَدْ أُخِذَتْ أَرْبَعَمِائَةٍ فَقَدْرُ التَّفَاوُتِ خَمْسُونَ. (وَيَجُوزُ إخْرَاجُهُ دَرَاهِمَ) كَمَا يَجُوزُ إخْرَاجُ شِقْصٍ بِهِ. (وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ تَحْصِيلُ شِقْصٍ بِهِ) وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مِنْ الْأَغْبَطِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَقِيلَ مِنْ الْمُخْرَجِ لِئَلَّا يَتَبَعَّضَ. وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا فَفِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ يُخْرِجُ خَمْسَةَ أَتْسَاعِ بِنْتِ لَبُونٍ، وَقِيلَ: نِصْفُ حِقَّةٍ. وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَيَصْرِفُ ذَلِكَ لِلسَّاعِي. وَفِي إخْرَاجِ الدَّرَاهِمِ قِيلَ: لَا يَجِبُ صَرْفُهَا إلَيْهِ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وُجُوبُ صَرْفِهَا إلَيْهِ لِأَنَّهَا جُبْرَانُ الظَّاهِرَةِ وَمُرَادُهُمْ بِالدَّرَاهِمِ نَقْدُ الْبَلَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، وَلِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا تَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّفَاوُتِ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَهُ كَيْفَ شَاءَ. وَلَا يَتَعَيَّنُ لِاسْتِحْبَابِهِ الشِّقْصُ بِالِاتِّفَاقِ.
تَتِمَّةٌ: لَوْ وَجَدَ ثَلَاثَ حِقَاقٍ وَأَرْبَعَ بَنَاتِ لَبُونٍ تَخَيَّرَ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ الْحِقَاقَ مَعَ بِنْتِ اللَّبُونِ وَجُبْرَان وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ بَنَاتَ اللَّبُونِ مَعَ حِقَّةٍ وَيَأْخُذُ جُبْرَانًا وَلَهُ دَفْعُ حِقَّةٍ مَعَ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَثَلَاثِ جُبْرَانَاتٍ فِي الْأَصَحِّ وَمُقَابِلُهُ يَنْظُرُ إلَى بَقَاءِ بَعْضِ الْفَرْضِ عِنْدَهُ وَكَثْرَةِ الْجُبْرَانِ. وَلَوْ وَجَدَ حِقَّتَيْنِ فَقَطْ فَلَهُ أَنْ يُخْرِجَهُمَا مَعَ جَذَعَتَيْنِ وَيَأْخُذَ جُبْرَانَيْنِ، وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ خَمْسَ بَنَاتِ مَخَاضٍ، بَدَلَ بَنَاتِ اللَّبُونِ مَعَ خَمْسِ جُبْرَانَاتٍ، وَلَوْ وَجَدَ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ فَقَطْ فَلَهُ إخْرَاجُهُنَّ مَعَ بِنْتَيْ مَخَاضٍ وَجُبْرَانَيْنِ، وَلَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَهُ النُّزُولُ أَيْضًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَشَرْحُ الرَّوْضِ. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ يَمْتَنِعُ النُّزُولُ، وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، قَالَ: لِأَنَّهُ إنْ نَزَلَ إلَى بَنَاتِ الْمَخَاضِ لَزِمَ كَثْرَةُ الْجُبْرَانِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى بَنَاتِ اللَّبُونِ فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ مَا مَرَّ لِأَنَّهُ وَجَدَ بَعْضَ أَحَدِهِمَا بِمَالِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَنَزَلَ إلَخْ) وَفِي الصُّعُودِ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (تَعَيَّنَ الْأَغْبَطُ) وَلَوْ فِي مَالٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا لَوْ لَمْ يَكُونَا عِنْدَهُ) وَفُرِّقَ بِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ قَدْرٍ وَالتَّفَاوُتُ) أَيْ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى هَذَا) وَكَذَا عَلَى الْأَوَّلِ إذَا اخْتَارَ الشِّقْصَ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا كُلَّهَا وَقَعَ قَدْرُ الْوَاجِبِ فَرْضًا وَالْبَاقِي تَطَوُّعًا، وَفَارَقَ مَا مَرَّ لِأَنَّهُ هُنَاكَ بَدَلٌ أَوْ أَصْلٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ مِنْ الْمُخْرَجِ) أَيْ بِقَدْرِ مَا يُسَاوِي الْأَغْبَطَ. قَوْلُهُ: (خَمْسَةَ أَتْسَاعِ بِنْتِ لَبُونٍ) لِأَنَّ قِيمَتَهَا تِسْعُونَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (نِصْفُ حِقَّةٍ) لِأَنَّ قِيمَتَهَا مِائَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ) هُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدَ الصِّنْفَيْنِ، صَارَ وَاجِدًا لِلْوَاجِبَةِ، فَكَيْفَ يَأْخُذُ مَعَ ذَلِكَ جُبْرَانًا أَوْ يُعْطِيهِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِشَيْخِنَا التَّصْرِيحَ بِمَا قُلْته فَلِلَّهِ الْحَمْدُ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ بَحَثَ الْجَوَازَ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (لِلْفُقَرَاءِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْغِبْطَةُ مِنْ حَيْثُ زِيَادَةِ الْقِيمَةِ، أَوْ مِنْ حَيْثُ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَى الِارْتِفَاقِ بِالْحَمْلِ كَالْحِقَاقِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُنْظَرُ الْأَغْبَطُ مُرَاعِيًا فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةَ الْفُقَرَاءِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى إيجَابِ التَّفَاوُتِ، وَنَبَّهَ أَيْضًا عَلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْغِبْطَةُ تَقْتَضِي زِيَادَةً فِي الْقِيمَةِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ تَفَاوُتٌ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَتَخَيَّرُ) أَيْ كَمَا فِي الْجُبْرَانِ وَكَمَا فِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْجُبْرَانَ فِي الذِّمَّةِ مُخَيَّرٌ فِيهِ كَالْكَفَّارَةِ، وَبِأَنَّ لِلْمَالِكِ مَنْدُوحَةً عَنْ الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ، بِأَنْ يَحْصُلَ الْفَرْضُ لَكِنَّهُ خُيِّرَ رِفْقًا بِهِ، كَيْ لَا يُكَلَّفَ الشِّرَاءَ فَوَكَّلَ الْأَمْرَ إلَى خِيرَتِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِلَّا فَيُجْزِي) لِلْمَشَقَّةِ فِي الرَّدِّ. قَوْلُهُ: (مَعَ إجْزَائِهِ) وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِالْإِجْزَاءِ الْحُسْبَانُ لَا الْكِفَايَةُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُسْتَحَبُّ) لِأَنَّ الْمُخْرَجَ مَحْسُوبٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجُوزُ إخْرَاجُهُ دَرَاهِمَ) لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ جَبْرُ الْفَرْضِ، فَكَانَ كَالْجُبْرَانِ، وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ تَجِبُ كَمَا لَوْ تَعَذَّرَتْ الشَّاةُ الْوَاجِبَةُ فِي الْإِبِلِ، وَكَمَا لَوْ تَعَذَّرَتْ بِنْتُ الْمَخَاضِ مَعَ ابْنِ اللَّبُونِ فَلَمْ يَجِدْهُمَا فِي مَالِهِ وَلَا بِالثَّمَنِ. قَوْلُهُ: (كَمَا يَجُوزُ إخْرَاجُ شِقْصٍ بِهِ) يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ الْقَائِلَ بِالْأَوَّلِ يَجُوزُ الثَّانِي بِخِلَافِ الْعَكْسِ، كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى هَذَا إلَخْ) كَذَا عَلَى الْأَوَّلِ، فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (نَقْدُ الْبَلَدِ) أَيْ لَا خُصُوصُ الدَّرَاهِمِ وَهِيَ الْفِضَّةُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يُفَرِّقَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلتَّفَاوُتِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّفَاوُتِ. قَوْلُهُ: (تَتِمَّةٌ)